النجف/ عبدالله علي العارضي
بين وعود انتخابية انهالت على المزارعين قبل أسابيع قليلة وحديث عن دعم الأسمدة وتسهيل القروض وتوسيع المساحات الزراعية، يجد فلاحو النجف أنفسهم أمام واقع مختلف؛ إذ تتأخر الخطة الزراعية الشتوية، وتبقى المستلزمات غير متوفرة، فيما تتصاعد المخاوف من أن الوعود التي أُطلقت خلال الحملات الانتخابية ستتلاشى مع أول اختبار عملي. ومع غياب وضوح القرارات الحكومية، تتقاطع السياسة بالزراعة لتضع المزارع في قلب معادلة يومية بين انتظار تنفيذ الوعود والخشية من موسم يلوح مثقلًا بالأزمات قبل حراثة أول قطعة أرض.
كشف معاون مدير زراعة النجف حاكم الخزرجي لـ«المدى» أن الخطة الزراعية الشتوية لعام 2025 – 2026 ما تزال تواجه تحديات كبيرة رغم اكتمال جزء واسع من بياناتها الفنية، موضحًا أن «مجموع الرشّات (تقانات الري الحديثة) بلغ 191,495 دونم».
محصول الحنطة
• عدد الرضعات الكلي: 120 – 80 – 60
• المساحة المصادق عليها: 141,2؟ دونم
• تمت المصادقة على زيادة المساحات في القطاع الخاص والقطاع الحكومي.
محصول الشعير
• 17,278 دونم تسقيطًا.
التوزيع الكلي للمساحات
الحنطة
• المساحة الكلية (مروي + ديم + تسقيط): 411,596 دونم
• المردودية الطنية: 220,101 طن
• مروية رشّات: 191,495 دونم
الشعير – حضر
• المساحة الكلية: 21,091 دونم
• المردودية: 8,113 طن
• مروية رشّات: 17,278 دونم
الشعير – ديم
• المساحة الكلية: 10,014 دونم
• لم تشمل جميع المحافظات، وزُرعت كليًا بالري.
• مجموع الرشّات المسجّلة: 60 – 80 – 154 – 234 دونم.
وأشار الخزرجي إلى أن «المناطق الزراعية في النجف تنقسم إلى قسمين: الأول يعتمد على المياه السطحية بمساحة تصل إلى 250 ألف دونم، والثاني يعتمد على مياه الآبار التي توسعت بشكل كبير، إذ ارتفعت من 62 ألف دونم إلى 197 ألف دونم خلال سنوات قليلة». وأضاف أن «النجف استشعرت خطر الشحة المائية منذ ثمانينيات القرن الماضي، فاعتمدت السقي بالتنقيط في منطقة الحصوة، واليوم توسعت باستخدام المرشّات المحورية خصوصًا في ناحية شبجة».
من جانبه، قال مدير الجمعيات الفلاحية في النجف محسن عبد الأمير لـ«المدى» إن «تأخر إعداد الخطة الزراعية يعود بالدرجة الأولى إلى الشحة المائية، لكن المشكلة واقعة في أكثر من جانب». وأوضح أن «هناك نقصًا واضحًا في المبيدات، وارتفاعًا كبيرًا في أسعار الأسمدة، إضافة إلى تراكم الديون على الفلاحين لصالح وزارة التجارة»، مضيفًا أن «الفلاح يدخل موسمًا جديدًا دون أن يتسلّم تجهيزات الحراثة أو البذور أو المستلزمات الأساسية، وهو ما يجعله يشعر بأنه أمام موت بطيء». ويرى عبد الأمير أن «ربط الخطة بملف المياه فقط، دون توفير حلول بديلة، سيضاعف من معاناة المزارعين، وقد يدفع الكثير منهم إلى ترك الأرض بالكامل».
ويقول معين الفتلاوي، وهو مزارع من النجف، لـ«المدى» إن «المساحات السطحية في المحافظة تبلغ خمسة ملايين دونم، وما يزال هناك وقت للزراعة المثالية إذا ما حُسمت القرارات سريعًا». وأضاف: «لا يوجد خوف من ناحية التوقيت، لكن إذا جرى تسويف مطالب الفلاحين خلال عشرة أيام فقط، ستنتقل تظاهراتنا إلى ساحة الصدرين بآلياتنا ومعداتنا. قرار مجلس الوزراء بعدم استلام الحنطة خارج الخطة قرار مؤسف ومجحف ومؤلم».
وبالتزامن مع هذا الاحتقان، عبّر مزارعون آخرون عن مخاوفهم من تبخر الوعود الانتخابية بعد إعلان النتائج؛ إذ يقول علي خضير، مزارع من منطقة الحرية، إن «المرشحين الذين زاروا بيوتنا قبل الانتخابات تحدثوا عن دعم الأسمدة وتسهيلات القروض الزراعية، لكن بعد انتهاء الانتخابات اختفى الجميع، وبقينا نواجه السوق وحدنا». أما سعد كاظم، مزارع من ناحية القادسية، فيوضح أن «الوعود بفتح منافذ جديدة لبيع البذور وتخفيض أسعار المبيدات لم يتحقق منها شيء، ونحن نخشى أن تتحول الوعود إلى مجرد أصوات انتخابية لا أكثر».
وبين تأثير السياسة على ملف الزراعة، وشحة المياه، وتعقيدات التوريد، وقلق ما بعد الانتخابات، تبدو النجف أمام موسم شتوي ثقيل. الفلاحون ينتظرون حسم القرارات قبل فوات الأوان، فيما تبقى الأرض وأصحابها رهائن لمعادلة معقدة تتداخل فيها الزراعة بالسياسة أكثر من أي وقت مضى.










