TOP

جريدة المدى > خاص بالمدى > تدخل جماعات متشددة لمنع حفل غنائي يثير الجدل في الناصرية.. ونقابات وفعاليات سياسية ترفض «فرض الوصاية»

تدخل جماعات متشددة لمنع حفل غنائي يثير الجدل في الناصرية.. ونقابات وفعاليات سياسية ترفض «فرض الوصاية»

نشر في: 17 نوفمبر, 2025: 12:03 ص

 ذي قار / حسين العامل

أثار تحرك جماعات متشددة لمنع حفل غنائي في مدينة الناصرية جدلاً واسعاً بين الأوساط الاجتماعية والسياسية، بعدما أقيم الحفل وسط ترحيب جماهيري واسع، إذ دافع أتباع الجماعة عن فكرة «الهوية الدينية لمدينة الناصرية»، في حين وصفت نقابات وفعاليات سياسية محاولة منع الحفل بأنها تدخل سافر لفرض الوصاية على المجتمع.
وكانت مجموعة من أتباع الحركات المتشددة قد نظمت مؤخراً وقفة أمام شركة الروابي للاستثمار والتطوير العقاري «أمباير» التي أعلنت عن إقامة مهرجان لوضع حجر الأساس لمشروع «أمباير داون تاون» السكني الاستثماري يحييه الفنان محمد عبد الجبار وعدد من الفنانين. ورفع أفراد المجموعة المتشددة، الذين تُقدَّر أعدادهم بنحو 20 شخصاً، لافتات كُتب فيها «الناصرية حسينية الولاء ترفض الغناء» و«لن نسمح بتشويه صورة ذي قار التي شكلتها دماء الشهداء»، فيما رفع مدونون مناهضون للدعوات المتشددة شعار «ذي قار لن تكون قندهار» عبر مدوناتهم على مواقع التواصل الاجتماعي.
ويبدو أن تحرك هذه المجموعة المتشددة يحظى بتأييد واضح من بعض أعضاء مجلس محافظة ذي قار، إذ قال عضو المجلس سالم عجمي الإسماعيلي لـ«المدى» إنه «اتصل بالمسؤولين في الشركة حول إلغاء فقرة الغناء في حفل وضع حجر الأساس، وإنهم وافقوا على ذلك»، ويرى الإسماعيلي أن الحفل «لا مبرر له كونه يتزامن مع مناسبة دينية».
وأشار الإسماعيلي إلى أن «الحكومة لم تمارس الضغط على الشركة لإلغاء الحفل، لكن البعض من الجماهير دعا إلى ذلك، وإن المحافظ أو رئيس أو عضو مجلس المحافظة هو ممثل لتلك الجماهير»، مضيفاً: «لن نخسر أو يتضرر شيء إن تم إلغاء الحفل الغنائي».
وفي تطور لاحق، وعقب إقامة الحفل، أعلن الإسماعيلي، وهو أيضاً شيخ عشيرة، براءته من أحد المسؤولين في شركة «أمباير»، إذ كتب في مدونته الشخصية: «إني، ومن منطلق المسؤولية الاجتماعية والدينية والأخلاقية، تابعت وبإحباط واستنكار إصرار الدكتور علاء چاسب على إقامة حفل غنائي ضمن مهرجان الاستثمار، رغم كل المناشدات والمطالبات التي وصلته من جهات مختلفة، ورغم طلبي الشخصي له بالتراجع احتراماً لقيم المجتمع وعاداته». وأضاف الإسماعيلي: «وبناءً على ذلك، ولأننا لا نقبل أن تُنسب مواقف لا تمثلنا، نعلن البراءة العشائرية منه ومن تصرفه وإصراره المخالف لعرفنا وثوابتنا، مؤكدين أن موقفه شخصي ولا يمت بصلة لموقف العشيرة ولا لأخلاقها ولا لتاريخها». بدوره قال رئيس مجلس إدارة مجموعة الروابي للاستثمار والتطوير العقاري الدكتور علاء چاسب، في تصريحات إعلامية تابعتها «المدى»، إن «مهرجان الاستثمار يمثل انطلاقة حقيقية للإعمار وأعمال الاستثمار الكبيرة في محافظة ذي قار»، مضيفاً: «تنطلق اليوم حملة إعمار لن يوقفها فاسد أو مبتز أو أي شخص آخر».
ووسط قلق جماهيري على سلامة القائمين على الاحتفال، وعقب اختتام فعاليات الحفل الغنائي، قال الفنان محمد عبد الجبار في مقطع فيديوي تابعته «المدى»: «الآن غادرت محافظة ذي قار، مدينة الفن والثقافة والعلم، وكان الجمهور رائعاً والحفلة رائعة»، معرباً عن فرحه بالجمهور الذي وصفه بالمحب للحياة مثل كل العراقيين.
من جانبه أعرب نقيب الفنانين العراقيين في ذي قار علي عبد عيد عن استنكاره لمحاولات منع النشاطات الفنية، وأوضح لـ«المدى» أن «الحفل الغنائي أُقيم وبنجاح كبير رغم ما لاقاه من محاولات للحيلولة دون إقامته»، مضيفاً أن «ما حصل اجتهادات فردية لفرض الإرادات والوصاية على المجتمع».
ويرى نقيب الفنانين أن «أي سلوك لفرض الوصاية على المجتمع يعد سلوكاً متطرفاً»، مضيفاً: «هم يحاولون رسم صورة مغايرة عن مجتمع الناصرية الغني بتنوعه السياسي والديني والفني والأدبي». وتطرق عيد إلى آثار الكبت الاجتماعي الذي تحاول الجماعات المتشددة فرضه على المجتمع، مشيراً إلى أن «هذا الكبت تسبب بارتفاع معدلات الانتحار وتعاطي المخدرات والجريمة والشذوذ الجنسي وزنا المحارم وغيرها»، مردفاً أن «هكذا جرائم لم تكن بهذه المعدلات المرعبة إبان ذروة العطاء الفني والغنائي والثقافي في سبعينيات القرن العشرين». من جهتها أدانت اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي ما وصفته بمحاولات لفرض «الأيديولوجيات الظلامية»، وجاء في بيان اللجنة الذي تابعته «المدى» أنه «في الوقت الذي نتابع فيه تعالي أصوات متطرفة تحاول منع إقامة حفل افتتاح لمشروع استثماري جديد، يحييه الفنان العراقي الكبير محمد عبد الجبار، نرى أن هذا السلوك يناقض القانون ويصادر حقوق المواطنين وحرياتهم الشخصية»، مؤكدة «رفضه التام لأي محاولات لفرض الأيديولوجيات الظلامية على مجتمع ومدينة الناصرية التي عُرفت عبر تاريخها بأنها مركز للفن والشعر والموسيقى والجمال».
وأعرب الحزب الشيوعي في بيانه عن «الدعم الكامل لإقامة الفعاليات الفنية والثقافية التي تُسهم في تعزيز الحياة المدنية وتوسيع فضاءات الترفيه العائلي»، مشدداً على أن «من حق أبناء وبنات مدينتنا الاستمتاع بهذه الأنشطة دون ترهيب أو ضغط»، داعياً الأجهزة الأمنية في محافظة ذي قار إلى «تأمين الحفل بشكل كامل، وضمان انسيابية فقراته، وتوفير الحماية للعائلات الراغبة في الحضور وطمأنتها، بما يعزز سيادة القانون ويحفظ السلم المجتمعي».
فيما رفع عدد من المدونين شعار «ذي قار لن تكون قندهار»، إذ كتب المدون علاء الدين السعيد: «الناصرية ليست قندهار، فهي مدينة داخل حسن وحسين نعمة وطالب القرغولي والملحن العظيم كمال السيد الذي لحن قصيدة المكَير لشاعرها ابن الناصرية زامل سعيد»، وأضاف: «الناصرية مدينة رعد الناصري وحسين الغزال ومدينة زامل سعيد فتاح ابن الشطرة»، مردفاً أن «الناصرية مدينة المؤسسين للأغنية السبعينية»، داعياً إلى «عدم التلاعب بهوية مدينة الناصرية كونها مدينة التنوع الاجتماعي والديني والفني والأدبي»، واصفاً محاولات إقصاء وتهميش الآخر بـ«الدكتاتورية التي تعكر صفو التعايش السلمي في المجتمع».
وتشير وقائع الأحداث في مدينة الناصرية إلى تكرار محاولات المتشددين بين آونة وأخرى لمنع النشاطات الفنية، إذ سبق لشرطة محافظة ذي قار أن أعلنت، يوم الخميس (21 آذار 2013)، أن متشددين فجروا عبوة صوتية أمام النادي الثقافي الترفيهي اللبناني وسط الناصرية، تسببت بأضرار في سيارة صاحب النادي، فيما أشار مصدر آخر إلى أن التفجير تسبب بإلغاء حفلة موسيقية للفنان المشهور حسين نعمة بمناسبة أعياد النوروز، مؤكداً أن الكثيرين تضرروا بسبب الإلغاء، خاصة وأن جميع تذاكر الحفلة قد بيعت.
وكانت مجموعة الروابي للتطوير العقاري وهيئة استثمار ذي قار قد قامت مساء يوم أول أمس السبت (15 تشرين الثاني الحالي) بوضع حجر الأساس لمشروع «أمباير داون تاون» السكني على مساحة 128 دونماً وبواقع 800 وحدة سكنية، بعد سحب العمل من شركة «الراشد» ومنحه إلى مجموعة الروابي. وجرت مراسم الحفل بحضور عدد من أعضاء مجلس المحافظة وفنانين عراقيين وجمهور كبير، وقال رئيس هيئة الاستثمار علي الدخيلي إن «استئناف العمل بالمشروع سيسهم في تسريع وتيرة الإنجاز في جميع الوحدات السكنية وتسليمها إلى الشرائح المستفيدة من المشروع».

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

مقالات ذات صلة

لا حسم في

لا حسم في "الإطار": الملف البرتقالي يخرج بلا مرشحين ولا إشارات للدخان الأبيض

بغداد/ تميم الحسن أصبح "الإطار التنسيقي" يبطئ خطواته في مسار تشكيل الحكومة المقبلة، بانتظار ما يوصف بـ"الضوء الأخضر" من واشنطن، وفق بعض التقديرات. وفي المقابل، بدأت أسماء المرشحين للمنصب الأهم في البلاد تخرج من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram