بغداد / المدى
في تطور يعيد رسم المشهد الاستراتيجي في المشرق، تواجه بغداد لحظة أمنية مرهفة مع تصاعد المعلومات بشأن إعادة تموضع القوات الأمريكية في شمال وشرق سوريا، ولا سيما الأنباء المتداولة حول انسحابها من مناطق سيطرة «قسد» وتفكيك قواعدها تمهيداً لنقل جزء من هذا الوجود إلى قاعدة جديدة في العاصمة دمشق.
الخبير في الشؤون الأمنية والاستراتيجية جاسم الغرابي أوضح في تصريح صحفي أن الوجود الأمريكي في شمال شرق سوريا كان يمثل «عامل توازن» حاسماً في منع تمدد تنظيم داعش باتجاه الحدود العراقية، مبيناً أن القواعد الأمريكية في الحسكة والرميلان والشدادي كانت تشكّل مظلة استخبارية متقدمة لمراقبة النشاط العابر للحدود وتقديم معلومات مباشرة إلى بغداد، وأن أي تقليص لهذا الوجود سيخلق «فراغاً أمنياً سريع الاشتعال» تستفيد منه التنظيمات المتطرفة فوراً.
وأشار الغرابي إلى أن الواقع الأمني أثبت خلال السنوات الماضية أن نشاط داعش يتصاعد في كل مرة تهتز فيها منظومة الرصد الجوي والاستخباري للتحالف الدولي، فيما تشكل البادية السورية الممتدة نحو الأنبار ممراً مفتوحاً يستغله التنظيم لإعادة تشكيل شبكاته.
ويحذر الغرابي من تحدٍّ مضاعف قد يواجهه العراق إذا تزامن الانسحاب الأمريكي من مناطق «قسد» مع تراجع دور التحالف الدولي في الدعم الجوي واللوجستي، موضحاً أن القوات العراقية تعتمد بشكل كبير على الغطاء الجوي للتحالف في تعقب الخلايا النائمة داخل البادية الممتدة نحو رطبة ووادي حوران والقائم.
أما التطور الأخطر، في تقديره، فهو المعلومات المتعلقة بنقل جزء من القوات الأمريكية إلى قاعدة جديدة في دمشق. خطوة وصفها بأنها «تغيير جوهري» في أولويات واشنطن داخل الساحة السورية، خصوصاً أن العاصمة دمشق تشهد تحولات سياسية بعد بروز القيادة الجديدة وتزايد الاهتمام الدولي بموقعها في توازنات المرحلة المقبلة.
وأضاف الغرابي أن هذا التحول يعكس انتقال مركز ثقل الاهتمام الأمريكي من العراق نحو دمشق، في توقيت حساس يتقاطع مع تقارير تتحدث عن زيارة مرتقبة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى سوريا خلال الشهر المقبل، وهي خطوة—إن تمت—سترسل إشارة سياسية واضحة بأن واشنطن تعيد ترتيب أولوياتها الإقليمية على نحو قد يقلّص دور العراق في معادلة الأمن الإقليمي.
ويرى الخبير أن إعادة تموضع القوات الأمريكية في دمشق، بالتزامن مع إعادة تشكيل خرائط النفوذ بين موسكو وطهران وأنقرة وواشنطن، يحمل تأثيرات مباشرة على الأمن العراقي، إذ قد يزيد الضغط على المناطق الحدودية غير المسيطر عليها بالكامل، ويقلص من الدعم العملياتي الذي تعتمد عليه القوات العراقية لردع نشاطات داعش.
تحذيرات من «فراغ أمني خطير» على الحدود العراقية بعد إعادة تموضع القوات الأمريكية في سوريا

نشر في: 19 نوفمبر, 2025: 12:25 ص









