 المدى / عمار عبد الخالق

أدان النائب علي شداد الفارس التوزيعَ الحاليَّ للدرجات الوظيفية ضمن ملف 19 ألف فرصة عمل في تربية البصرة، واصفاً إياه بعدم العدالة، بعد أن كشفت أرقام التعيينات عن فجوة كبيرة بين الأقضية والنواحي، حيث حصلت بعض المناطق على فرص أقل بكثير من حاجتها الفعلية، ما يثير المخاوف حول تأثير ذلك على جودة التعليم واستحقاقات المعلمين.
وأوضح شداد في تصريح خاص لشبكة المدى أن قسم تربية الزبير، الذي يضم 403 مدارس، حصل على 1900 فرصة فقط، بينما يحتاج القضاء فعلياً إلى أكثر من 3000 مدرس لتغطية المواد الأساسية مثل التعليم الإسلامي، واللغة الإنجليزية، والكيمياء، معتبراً هذا التفاوت مؤشراً على عدم مراعاة الاحتياجات الحقيقية للأقضية والنواحي.
وأشار شداد إلى تباين صارخ في توزيع الفرص بين الأقضية والنواحي الأخرى، مشيراً إلى أن ناحية الدير شمال البصرة حصلت على 1600 فرصة رغم امتلاكها 55 مدرسة فقط، بينما حصل قضاء القرنة على أكثر من 2000 فرصة ضمن 165 مدرسة، ما يعكس خللاً واضحاً في التوازن ويضعف العدالة في التعيينات.
كما أكد النائب أن بعض المناطق مظلومة بالكامل، على غرار قضاء سفوان الذي حصل على 125 فرصة فقط رغم احتياجه الفعلي لمئات المدرسين، مطالباً محافظة البصرة بإعادة النظر الفورية في توزيع الدرجات الوظيفية لتحقيق التوازن والعدالة بين الأقضية والنواحي.
وفيما ردّ، قال الناطق الرسمي باسم المديرية العامة لتربية البصرة، باسم القطراني، على النائب علي شداد الفارس في المدى إن ما تم تداوله مؤخراً حول وجود مظلومية لقضاء الزبير في ملف التعيينات الخاص بـ19 ألف درجة وظيفية غير دقيق، مشيراً إلى أن توزيع الدرجات جاء وفق الحاجة الفعلية التي حدّدتها أقسام التربية نفسها، بما في ذلك قسم تربية الزبير.
وأضاف القطراني أن المديرية لم تتدخل في تحديد الأعداد أو توزيعها، موضحاً أن جميع الأرقام التي وردت في الملف جاءت كما رفعها الأقسام المختصة دون أي تعديل، وأن بعض المتقدمين من قضاء الزبير ظهروا ضمن اعتراضات المركز المقبولة، وهو ما يمثل زيادة فعلية لحصة القضاء، وليس انتقاصاً منها.
وأشار القطراني إلى أن قضاء الزبير سبق له أن حصل على نسبة جيدة من التعيينات ضمن ملف عقود الـ38 ألف درجة وظيفية السابقة، مؤكداً حرص المديرية على تحقيق التوازن والعدالة بين جميع أقسام التربية في المحافظة دون أي تمييز.
وختم بالقول إن المديرية تعمل وفق السياقات القانونية والإدارية، وتحرص على تقديم معلومات دقيقة للرأي العام لتوضيح الحقائق ووضع الأمور في نصابها الصحيح.
وأفاد مدير إحدى المدارس في البصرة، الذي رفض الكشف عن هويته، في حديثه للمدى بأن ملف 19 ألف درجة وظيفية شهد تلاعباً واضحاً في توزيع الدرجات بهدف تعزيز المكاسب الانتخابية لبعض النواب خلال الانتخابات الأخيرة.
وأوضح المدير أن هناك فجوة كبيرة بين الاحتياجات الفعلية للأقضية والنواحي وعدد الفرص الممنوحة لها، مشيراً إلى أن بعض المناطق الكبيرة حصلت على حصص أقل بكثير من المطلوب، بينما مُنِحت مناطق أخرى فرصاً تتجاوز حاجتها الفعلية، بما يثير الشكوك حول تدخل سياسي في التعيينات.
وأضاف أن هذا التلاعب شمل نواباً بارزين، من بينهم النائب عدي عواد ومحمد أبو العيس وغيرهما، مؤكداً أن الهدف من التوزيع غير العادل كان زيادة قاعدة الدعم الشعبي وتحقيق مكاسب انتخابية شخصية على حساب حقوق المعلمين المستحقين.
وأشار المدير إلى أن مثل هذه الممارسات تؤثر سلباً في العملية التعليمية، حيث تواجه مدارس بعض الأقضية نقصاً حاداً في المعلمين لتغطية المواد الأساسية مثل اللغة العربية، والرياضيات، والعلوم، والمواد الدينية، في حين حصلت مناطق أخرى على عدد أكبر من المدرسين مقارنة بحجم مدارسها واحتياجاتها الفعلية.
بينما أكد المواطن علي فيصل، حديثه للمدى، أن أحد الأشخاص قام بدفع مبلغ يصل إلى مليون دينار قبيل الانتخابات بهدف إدراجه ضمن ملف التعيينات لصالح أحد النواب الحاليين، موضحاً أن هذه العملية جاءت بهدف استغلال الملف الوظيفي لتحقيق مكاسب انتخابية شخصية، وليس وفق الحاجة الفعلية للأقضية والنواحي.
وأشار المواطن إلى أن مثل هذه الممارسات تمثل خرقاً واضحاً لمبادئ العدالة والشفافية في توزيع الدرجات الوظيفية، وتضر بحقوق المستحقين الحقيقيين للفرص الوظيفية، مؤكداً أن استمرارها سيزيد من الفجوة بين المعلمين الذين يستحقون التعيين وبين مَن يتم إدراجهم بناءً على أموال أو مصالح انتخابية.
وختم فيصل حديثه بالتأكيد على ضرورة فتح تحقيق شامل ومحاسبة كل من يثبت تورطه في مثل هذه التجاوزات لضمان نزاهة التعيينات واستعادة الثقة بين المواطنين والعملية التعليمية في البصرة.