 متابعة / المدى

فتحت زيارة الأمير محمد بن سلمان ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء السعودي إلى واشنطن «فصلاً جديداً عظيماً» في العلاقات السعودية – الأميركية، مؤكدة مسار «شراكة بلا حدود» بين البلدين. وحظي ولي العهد باستقبال رسمي استثنائي في البيت الأبيض، هو الأرفع لأي ضيف منذ بدء الولاية الثانية للرئيس الأميركي دونالد ترمب، وتضمّن استعراضاً لمقاتلات «إف-16» و«إف-35» وعرضاً لمشاة البحرية الأميركية.
وعبّر ترمب، خلال جولة داخل البيت الأبيض برفقة ولي العهد، عن «الشرف الكبير» الذي يمثله استقباله، مؤكداً احترامه لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، ومشيراً إلى أن ولي العهد «رجل يحظى باحترام كبير وصديق عزيز». وقال إن ما فعله الأمير محمد بن سلمان في المملكة «مذهل»، وإن الثقة بين الجانبين «متبادلة».
من جهته، أكد ولي العهد أهمية التداخل بين البلدين في «مختلف المجالات»، وأن العلاقة بينهما «لا يمكن استبدالها»، مضيفاً أنها «حاسمة سياسياً واقتصادياً وأمنياً». وتوقع «إبرام كثير من الاتفاقيات» التي تحقق قيمة مشتركة، قائلاً إن الفرص «ضخمة» أمام الطرفين وستتعزز خلال العقود المقبلة.
وأعلنت السعودية عزمها استثمار 600 مليار دولار في الولايات المتحدة، في قطاعات تشمل الدفاع والذكاء الاصطناعي وأشباه الموصلات، مع إمكانية بلوغ تريليون دولار خلال السنوات المقبلة. ومع اقتراب الطرفين من اتفاق دفاعي واسع، أكد ترمب موافقته على بيع الرياض مقاتلات «إف-35»، واصفاً السعودية بأنها «حليف عظيم يستحق أفضل طراز». ولم يستبعد إبرام صفقة نووية مدنية مع المملكة.
وفي الشأن الإقليمي، أشاد ترمب بجهود السعودية لـ«النهوض بسوريا»، فيما جدد ولي العهد تأكيد تمسك المملكة بحل الدولتين ومسار السلام. وأوضح الأمير محمد بن سلمان أن السعودية «تريد السلام للإسرائيليين والفلسطينيين» والعمل على «تهيئة الظروف المناسبة لذلك».
يستعد الجانبان لإعلان استثمارات كبيرة في الذكاء الاصطناعي، إذ أكد ولي العهد أن «الفرص حقيقية» ومناسبة لاحتياجات المملكة واستراتيجيتها الاستثمارية، مشيراً إلى أن السعودية تمتلك «طلباً هائلاً على قدرة الحوسبة»، وستنفق نحو 50 مليار دولار على احتياجاتها من أشباه الموصلات في الأجل القصير. وأوضح أن الاتفاق الجديد سيتيح للسعودية «تركيز هذه القدرة الاستهلاكية من أميركا»، بما قد يصل إلى «مئات المليارات» على المدى الطويل.
بدوره، أكد ترمب أن العمل جارٍ لتسهيل تصدير الرقائق المتقدمة إلى السعودية، فيما قال وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو إن الجانبين يدرسان الآليات المناسبة ضمن «عملية تعاون أوسع».
وفي الملف السوري، كشف ترمب أن ولي العهد طلب منه رفع العقوبات عن سوريا «لأنه يريد أن يراها تنهض»، قائلاً إن الرئيس السوري أحمد الشرع زار واشنطن مؤخراً، وإنهما عقدا «اجتماعاً رائعاً». ووصف الشرع بأنه «رجل قوي»، مؤكداً أن رفع العقوبات حقق «نتائج جيدة جداً حتى الآن».
وقال ترمب إن المباحثات تطرقت لحل الدولتين وتوسيع اتفاقات إبراهيم. وأكد ولي العهد أن المملكة تريد «علاقة جيدة مع دول الشرق الأوسط»، لكنها تحتاج أيضاً «مساراً واضحاً لحل الدولتين». وأضاف أن السعودية «ستفعل كل ما بوسعها» لتحقيق ذلك.
وفي شأن إيران، قال ولي العهد إن السعودية «تبذل قصارى جهدها» للمساعدة في التوصل إلى اتفاق بين واشنطن وطهران، معتبراً أن اتفاقاً جيداً سيعود بالفائدة على المنطقة والعالم. وأكد ترمب أن إيران «ترغب بشدة في إبرام صفقة» وأن الحوار «بدأ بالفعل».
وقالت السفيرة السعودية لدى واشنطن، الأميرة ريما بنت بندر، إن اليوم كان «مهماً في العلاقات السعودية – الأميركية»، وإن الاتفاقيات الموقعة ستعزز الاستثمار وتوفر فرص عمل للطرفين.
ووصل ولي العهد إلى واشنطن فجر الثلاثاء بناءً على توجيه من خادم الحرمين الشريفين واستجابة لدعوة ترمب، حيث أُقيمت مراسم استقبال استثنائية في الحديقة الجنوبية للبيت الأبيض مع عرض جوي لمقاتلات أميركية.