نبأ سليم البراك
الاحتفاء بفوز ممداني في انتخابات نيويورك ليس مجرد إعجابٍ بشخصٍ فاز، بل انبهارٌ بنظامٍ استطاع أن يُنتج نموذجًا للقيادة يقوم على الكفاءة لا القرابة، وعلى الخدمة العامة لا الشعارات الطائفية أو العائلية.
فوز ممداني لم يكن صدفة، ولا نتاج حظٍّ عابر، بل ثمرةُ منظومةٍ قانونيةٍ ومجتمعيةٍ رسّخت قيم العدالة والمساءلة وتكافؤ الفرص.
ففي بيئةٍ كهذه، يصبح الطريق إلى المسؤولية مفتوحًا أمام كل من يمتلك رؤيةً صادقةً وقدرةً على العمل، بعيدًا عن العصبية والزبائنية والمحسوبية التي نخرت مؤسساتنا في العالم العربي.
أما في العراق، فالمشكلة ليست في غياب الكفاءات، بل في غياب الإطار الذي يتيح لها أن تتقدّم وتُثمر. فنحن نملك العقول والطاقات، لكننا نفتقر إلى النظام الذي ينصفها.
العراق بحاجة إلى قوانينٍ ومؤسساتٍ تنظم العمل السياسي والاجتماعي وتحرّره من سلطة العشيرة والطائفة، وإلى ثقافةٍ مدنيةٍ تجعل الانتماء للوطن فوق كل انتماءٍ آخر، وإلى شعبٍ يعتز بكرامته ويقيس القائد بعمله لا بلونه أو نسبه.
حين يتحقق ذلك، لن يكون ممداني استثناءً، بل قاعدةً جديدةً لنهضةٍ وطنيةٍ تُعيد للعراقيين ثقتهم بأنفسهم وبمستقبلهم. فالله لم يأمر بالقبيلة ولا بالزعيم المعصوم، بل أمر بالعدل، والعدل لا وطن له إلا حيث تُصان حرية الإنسان وكرامته.
ولعلّ تصفيقنا لممداني في نيويورك هو في جوهره حنينٌ إلى عدالةٍ غابت عنا، وتذكيرٌ بأن الطريق إليها يبدأ من داخلنا نحن، لا من الخارج.










