علي حسين
تعلّمنا، من السنين والأحداث والتجارب، أنّ المسؤول العراقي لا يذهب إلّا ويأخذ معه كلّ شيء،لأنه ما أن يصل إلى كرسي البرلمان أو الوزارة، حتى يتراءى له، بل حتى يرى، أنه ليس موظفاً أو نائباً منتخباً، بل ورث الكرسي وسيورثه لأحد أقاربه أو أحبّائه.
حتماً سيلومني بعض القرّاء الأعزاء ويكتبون معاتبين: لماذا لا تتوقف عن متابعة يوميات الساسة العراقيين، ألا تشعر بالملل؟ سؤال وجيه حتماً، فأنا ياسادة ياكرام تعودت في هذه الزاوية الصغيرة، على أن أبحث لكم عن الغريب في عالم الديمقراطية العراقية، وأحاول أن أنقل لكم آخر الأخبار المفرحة، فقد قررت تركيا، باريحية، أن تخفض منسوب نهري دجلة والفرات إلى النصف فيما قطعت روافد مهمة عن أنهر العراق. وسيتوهم البعض أن الحكومة والبرلمان اتخذتا موقفاً صارماً تجاه ما يجري من جريمة بحق رافدي العراق "دجلة والفرات"، لكن الواقع يقول إن كل مواقفنا تستجيب لمقتضيات المصالح الشخصية والمذهبية والطائفية وليست الوطنية.
منذ سنوات، لا يمر يوم على المواطن العراقي، إلّا ويجد خبراً عاجلاً يؤكد أصحابه أنهم يطالبون أنقرة بسحب قواتها من العراق، وعشنا مع بيانات تطالبنا بأن نقدم الشكر إلى طهران، وفي كل خبر جديد يقفز مؤشر صادرات العراق من تركيا وإيران ليصل إلى مليارات الدولارات، ماذا نريد أن نعرف بعد ذلك؟ المهم ان لا الصناعة ، ولا مشاريع اسكانية ، الاستثمار متوقف حتى آخر صاروخ . التنمية في خبر كان، والناس مشغولة بالمعركة بين الحلبوسي والخنجر .
لا يزال مسؤولونا "الأفاضل" مصرّين على أن يتعلموا فنّ الخديعة من المرحوم مكيافيللي، سيضحك البعض مني ويقول يا رجل إنهم لايقرأون وإن قرأوا لايفهمون، لكنهم ياسادة شطّار جداً في اللعب على مشاعر البسطاء.
أين نحن في هذا العالم الذي ترتقي فيه سنغافورة ، وتحقق فيه دول مثل الإمارات أعلى درجات الرفاهية لشعبها ؟ لكي ندخل إلى الاستقرار ، يجب أولاً أن نخرج من عالم موفق الربيعي ، وخزعبلات صالح المطلك . لأنهم يمتلكون حناجر صاخبة ، لكنهم لم يعلّمونا يوماً كيف نفتح مصنعاً لملايين العاطلين ، وكيف نقيم مشروعاً وطنياً صادقاً ، و كيف نضاعف ثروات هذا البلد . لكنهم يذكّروننا كل 24 ساعة بأنهم أصحاب التغيير ، وأيضا فرسان الاغلبية .
22عاماً وتجمعاتنا السياسية تفترض أننا مجموعة من المختلّين عقليا .
22 عاما وهذه التكتلات التي تريد اليوم أن تغيّر واجهات دكاكينها ، مصابة بداء عضال يجعلها ترى هلاوس وضلالات على أنّها حقائق.
22عاماً ولم يعط النظام السياسي الجديد ، العراقيين ما يمكن أن يتعلّقوا به أكثر من مصطلحات عن الانبطاح والتوازن والأغلبية والتوافقية









