ذي قار / حسين العامل
بالتزامن مع اليوم العالمي للطفل، حذّرت منظمات مجتمعية في ذي قار من جملة تحديات تهدّد مستقبل الطفولة في العراق، بما فيها مخاطر العنف الأسري واستغلال الأطفال والتسرب من مقاعد الدراسة.
وأُعلن اليوم العالمي للطفل في عام 1954 باعتباره مناسبة عالمية يُحتفل بها في 20 تشرين الثاني/نوفمبر من كل عام، بهدف تعزيز الترابط الدولي وإذكاء الوعي بين أطفال العالم وتحسين رفاههم. وفي هذا التاريخ، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة إعلان حقوق الطفل عام 1959، كما اعتمدت الاتفاقية الخاصة بحقوق الطفل عام 1989. ومنذ عام 1990، يُحتفى بهذه المناسبة بوصفها الذكرى السنوية لتاريخ اعتماد الإعلان والاتفاقية.
وتقول مسؤولة منظمة «أور» لثقافة المرأة والطفل، الناشطة منى الهلالي، في حديث لـ«المدى»، إن «الوقائع تشير إلى أن الوضع الذي يعيش فيه الطفل العراقي لا يزال دون مستوى الطموح»، مشيرة إلى ارتفاع معدلات التسرب من الدراسة وتهالك البنى التحتية للمدارس، وانخراط أعداد غير قليلة من الأطفال في سوق العمل وما يواجهونه من تحديات خطيرة.
وحذّرت الهلالي من استغلال الأطفال، ولا سيما الفتيات، في التسول وفي محتوى مواقع التواصل الاجتماعي المسيء للطفولة، ولا سيما ما يتعرض فيه الطفل للتنمر. كما أشارت إلى مخاطر البرامج التي تحفّز الأطفال على العنف والتطرف، والتي قد تدفع البعض منهم إلى المجازفة بحياته أو الإقدام على الانتحار.
وتحدثت عن الآثار المترتبة على العنف والتفكك الأسري، إذ يصبح الطفل طرفًا في نزاعات تهدد مستقبله ومستقبل أسرته. ودعت المؤسسات الحكومية إلى حماية حقوق الطفل من الانتهاكات التي تتعرض لها الطفولة، مشددة على أهمية تبني خطط وبرامج مستقبلية وسن قوانين تراعي الطفولة وتعالج التحديات التي تهدد حياة الطفل بصورة يومية. ولفتت إلى أن العراق سبق أن صادق على اتفاقية حقوق الطفل وأقر قانون حماية الطفل العراقي، وأن هذه التشريعات ملزمة التطبيق.
وأكدت الهلالي أهمية تفعيل قانون التعليم الإلزامي وتوفير بيئة مدرسية وبنى تحتية ملائمة، وتفعيل قانون مكافحة الاتجار بالبشر وتشديد العقوبات على المستغلين للأطفال، مشيرة إلى ضرورة رفع الوعي الأسري حول مخاطر الاستغلال الجنسي الذي قد يتعرض له الأطفال، وذلك عبر تشديد العقوبات وتفعيل البرامج التوعوية الحكومية والمجتمعية.
من جانبه، أيّد رئيس جمعية حماية وتطوير الأسرة العراقية، الناشط المدني حقي كريم، ما ذهبت إليه الهلالي، لافتًا إلى جملة من التحديات الاجتماعية والاقتصادية التي تواجه الطفولة في ظل ارتفاع معدلات الفقر والأمية والبطالة. وأشار إلى حالات الطلاق الناجمة عن سوء الأوضاع الاقتصادية، والتي غالبًا ما يكون ضحيتها الأطفال.
وتطرق كريم إلى حالات الانفصال بين الزوجين، إذ يفقد الأطفال رعاية أحد الأبوين أو كليهما في بعض الأحيان، مما يهدد استقرارهم الأسري ويجعل مستقبلهم في مهب الريح. ونوّه إلى أن ذلك أسهم في ارتفاع حالات زواج القاصرات أو الزواج غير المتكافئ الذي ينتهك حقوق وخيارات الضحية من الأطفال.
كما تحدّث عن آثار العنف المجتمعي ومخاطر الحروب والنزاعات العشائرية على الأطفال والشرائح الهشة، معرّجًا على ما يتعرض له الأيتام من حرمان وضنك العيش. واستعرض حالات تدفع بالأطفال إلى ترك مقاعد الدراسة والتوجه نحو التسول أو عمالة الأطفال، حيث يعمل الطفل في بيئات غير إنسانية لا تتناسب مع عمره وقدراته.
وأضاف كريم أن «زج الأطفال في سوق العمل وهم في سن تنعدم فيه الخبرة والوعي يجعلهم عرضة للاستغلال بأنواعه، أو الاستدراج نحو الجريمة أو تعاطي وترويج المخدرات، وهو ما يدخلهم لاحقًا في متاهات الضياع والسجون».
وتناول وضع الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة، موضحًا أن «الأطفال الذين يعانون من الإعاقة هم الأكثر بؤسًا، كونهم يواجهون صعوبات مضاعفة، ويتعرضون للتنمر والانتقاص والعوز المادي ونقص الأدوية والمستلزمات الضرورية».
وقدم كريم عددًا من المقترحات التي يرى أنها قد تساعد في معالجة التحديات، أبرزها «الحد من الانتهاكات التي يتعرض لها الأطفال عبر تأمين بيئة تحمي حقوقهم، وتقليل عمالة الأطفال وما يرافقها من استغلال». وشدد على توفير الحماية الاجتماعية للأطفال الذين يعانون من العنف الأسري، وتفعيل دور المؤسسات الحكومية والمنظمات المجتمعية وتعزيز الوعي الاجتماعي، إضافة إلى تفعيل التعليم الإلزامي والحد من التسرب عبر دعم التعليم وتقديم رعاية خاصة للأطفال الأيتام والفقراء وذوي الاحتياجات الخاصة.
كما دعا إلى إحالة حالات الزواج والطلاق التي تجري عبر المكاتب الشرعية خارج المحاكم إلى المحاكم الشرعية لحماية الأسرة والحفاظ على سلامة أفرادها، مشددًا على أهمية معالجة الأسباب التي ترفع معدلات الطلاق، وتفعيل دور الباحث الاجتماعي للحد من تفكك الأسر وحماية الأطفال.
وكانت مؤسسات حكومية ومنظمات مجتمعية في ذي قار قد كشفت، منتصف تشرين الثاني 2023، عن تعرض نحو 80% من الأطفال للعنف بمختلف أنواعه، وأشارت إلى أن ثلث الأطفال الأحداث الموقوفين في مراكز الاحتجاز هم دون سن 11 عامًا. وحذّرت من تفاقم مظاهر انتهاك حقوق الأطفال وضرورة تأمين الحماية والرعاية الكاملة لهم، وذلك خلال ورشة تدريبية حول تعزيز اتفاقية حقوق الطفل ودعم الأحداث الذين هم في تماس مع القانون، نظمتها منظمة التواصل والأخاء الإنسانية بالتعاون مع منظمة اليونيسف، وبمشاركة ممثلين عن المفوضية العليا لحقوق الإنسان في ذي قار ومسؤولين محليين وإعلاميين.
وفي 23 شباط 2019، حذر مكتب مفوضية حقوق الإنسان في ذي قار من مخاطر تعرض الأطفال للتشرد والتسول وعمالة الأطفال والاستغلال الجنسي، وعزا أسباب انتهاك حقوق الطفل إلى تردي الأوضاع الاقتصادية وتدهور التعليم وعدم توفير بيئة مناسبة للتعليم وارتفاع معدلات التسرب، داعيًا إلى تشريع قوانين عاجلة لحماية الطفولة والشرائح الهشة.










