ترجمة المدى
قال ريكاردو بيريس، المتحدث باسم صندوق الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، في مؤتمر صحفي الجمعة: “قُتلت طفلة رضيعة أمس صباحًا في خان يونس جراء غارة جوية، بينما قُتل قبل ذلك بيوم سبعة أطفال في مدينة غزة وجنوبها.”
ووفقًا لليونيسيف، قُتل ما لا يقل عن 67 طفلًا في حوادث قصف منذ إعلان وقف إطلاق النار في غزة في 10 تشرين الأول، ما يعني معدلَ قَتلِ طفلين يوميًا.
وفي تحديثه، قال بيريس للصحفيين: “هناك طرف واحد فقط في هذا الصراع يمتلك القوة النارية لتنفيذ غارات جوية.”
وجاءت تعليقاته بينما أفادت منظمة أطباء بلا حدود بأن فتاة تبلغ من العمر تسع سنوات تتلقى العلاج من جروح في الوجه بعد إطلاق نار من طائرات رباعية المراوح (كوادكوبتر) يوم الأربعاء.
وقال الدكتور ريك بيبركورن، العامل المخضرم في المجال الإنساني بمنظمة الصحة العالمية (WHO)، إن “الناس ما زالوا يُقتلون رغم وجود وقف لإطلاق النار.”
وتشير أحدث بيانات وزارة الصحة في غزة إلى مقتل 280 فلسطينيًا وإصابة 672 آخرين منذ إعلان وقف إطلاق النار، إضافة إلى انتشال 571 جثة من تحت الأنقاض.
وقالت السلطات الصحية المحلية إن الضربات الجوية الإسرائيلية قتلت خمسة أشخاص وأصابت 18 آخرين في خان يونس جنوبي قطاع غزة يوم الخميس.
وذكر المسعفون أن ضربةً استهدفت منزلًا في بني سهيـلة، وهي بلدة تقع شرق خان يونس، أسفرت عن مقتل ثلاثة أشخاص، بينهم طفلة رضيعة، وإصابة 15 آخرين، بينما قتلت ضربة أخرى رجلًا وأصابت ثلاثة آخرين في بلدة عبسان المجاورة.
وأكد الجيش الإسرائيلي شنّ الضربات، لكنه قال إنه لا علم له بوقوع إصابات. وتبادل كل من حماس وإسرائيل الاتهامات مجددًا بانتهاك هدنةٍ تتزايد هشاشتها بعد مرور ما يقرب من ستة أسابيع على بدء سريانها.
وفي وقت لاحق من يوم الخميس، قال مسؤولون في مستشفى ناصر إن خامسَ فلسطينيٍّ قُتل برصاص إسرائيلي أيضًا في عبسان.
وقالت وزارة الصحة في غزة إن ما لا يقل عن 32 شخصًا قُتلوا خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، بينهم 12 طفلًا وثماني نساء، وهي أعلى حصيلة منذ 29 أكتوبر، حينما قُتل ما لا يقل عن 100 شخص.
واعتبرت حماس أن الهجمات تصعيد خطير، وحثّت الوسطاء العرب وتركيا والولايات المتحدة، التي توسطت في وقف إطلاق النار، على التدخل.
وفي بيان صدر لاحقًا الخميس، اتّهم المتحدث باسم حماس، حازم قاسم، إسرائيل بتغيير العلامات التي تُحدد المناطق التي ما زالت تحت سيطرة إسرائيل، في انتهاك للخرائط المتفق عليها، وهو ما يُبقي إسرائيل مسيطرة على أكثر من 50% من مناطق القطاع.
قتلى في غزة رغم وقف إطلاق النار
قال سكان محليون لرويترز إنهم رأوا ذلك في حي الشجاعية شرق مدينة غزة، مؤكدين أن الحواجز الصفراء التي تُحدد المناطق التي لا تزال تحت سيطرة إسرائيل قد تم نقلها مسافة 100 متر غربًا.
وبحلول مساء الخميس، شوهد الجيش الإسرائيلي وهو يوسع مناطق سيطرته ويُجبر السكان على الخروج من منطقة الشَّعَف شرقي غزة، وفق ما أفاد به صحفي مستقل يعمل لصالح شبكة CBC News.
ومنذ 11 أكتوبر، اليوم الأول الكامل لوقف الأعمال العدائية بين الجيش الإسرائيلي ومقاتلي حماس، قُتل ما لا يقل عن 67 طفلًا في “حوادث مرتبطة بالنزاع”، وفقًا لما أشار إليه المتحدث باسم اليونيسيف.
في حي الزيتون بمدينة غزة — حيث قُتل ما لا يقل عن 10 أشخاص يوم الأربعاء في مبنى كان يضم عائلات نازحة — كان الفلسطينيون ينقبون بين الأنقاض بحثًا عن الأثاث والمتعلقات، بينما واصل عمال الإنقاذ البحث عن مزيد من الضحايا.
أكرم سوير، أحد سكان غزة، يقول: “يقولون إنه يوجد وقف إطلاق نار، لكنني أشك في ذلك. يومًا بعد يوم، يقولون إن هناك وقف إطلاق نار، هذا غير صحيح تمامًا.”
وأضاف: “الصواريخ استهدفت النازحين والمواطنين الفقراء. ماذا يمكننا أن نفعل نحن ونساؤنا وعائلاتنا؟”
أدّى وقف إطلاق النار الذي بدأ في 10 أكتوبر خلال الحرب المستمرة منذ عامين في غزة إلى تخفيف حدة الصراع، مما سمح لمئات الآلاف من الفلسطينيين بالعودة إلى أنقاض غزة. وسحبت إسرائيل قواتها من المواقع داخل المدن، وزادت تدفقات المساعدات.
فرق الإغاثة تواصل أعمالها
وبالتوازي مع انعدام الأمن المتواصل، تواصل فرق الإغاثة التابعة للأمم المتحدة، بما في ذلك برنامج الأغذية العالمي (WFP)، الدفع باتجاه وصول أكبر للمساعدات إلى سكان غزة، بمن فيهم مئات آلاف العائلات النازحة شديدة الضعف.
ترسل الوكالة الآن نحو 100 شاحنة يوميًا إلى القطاع محملة بالإغاثة، أي ما يقارب ثلثي هدفها اليومي، “خطوة في الاتجاه الصحيح”، وفقًا لعبير عطيفة، المتحدثة باسم برنامج الأغذية العالمي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأوروبا الشرقية.
وأشارت إلى أن شحنات من القطاع التجاري تدخل غزة أيضًا، لكن المشكلة الأساسية بالنسبة للجهات الأممية وغير الأممية هي أن “الكثير من هذه المواد الغذائية تبقى في نقاط العبور لعدة أيام، وبالتالي تصبح إمكانية فسادها عالية”.
ومن داخل غزة، وصف مارتن بينر، رئيس وحدة الاتصالات لبرنامج الأغذية العالمي في فلسطين، الوضع المأساوي الذي يواجهه السكان المنهكون بعد أكثر من عامين من الحرب.
وقال: “أخبرتنا امرأة أنها تشعر وكأن جسدها كله يصرخ طلبًا لأنواع مختلفة من الطعام، مختلفة عن المعلبات والمواد الجافة التي عاش عليها الناس لمدة عامين.”
تقرير يتهم إسرائيل بارتكاب جرائم حرب
قال تقرير صادر عن منظمة “هيومن رايتس ووتش” نُشر يوم الخميس إن طرد إسرائيل عشرات الآلاف من الفلسطينيين من ثلاثة مخيمات للاجئين في الضفة الغربية في مطلع عام 2025 يرتقي إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. ودعا التقرير إلى اتخاذ إجراءات دولية عاجلة لمحاسبة المسؤولين الإسرائيليين ووقف المزيد من الانتهاكات.
وقال التقرير إن نحو 32 ألفًا من سكان مخيمات جنين وطولكرم ونور شمس نُزحوا قسرًا على يد القوات الإسرائيلية خلال “عملية الجدار الحديدي” في يناير وفبراير. وقد مُنع النازحون من العودة، ودُمرت مئات المنازل، بحسب التقرير المكوّن من 105 صفحات والمعنون: “لقد مُسحت كل أحلامي”.
وقالت ميلينا أنصاري، الباحثة في “هيومن رايتس ووتش” التي عملت على التقرير، في حديث لرويترز يوم الأربعاء: “بعد عشرة أشهر من تهجيرهم، لم يتمكن أي من سكان المخيمات من العودة إلى منازلهم.”
عن صحف ووكالات عالمية










