متابعة المدى
ضمن فعالياته الاسبوعية اقام بيت المدى للثقافة والفنون في شارع المتنبي حفلا تأبينيا للعلامة صاحب ابو جناح احد اعلام اللغة العربية والذي رحل عن عالمنا قبل اسابيع .. الفعالية قدمها الدكتور مؤيد آل صويت وشارك فيها زملاء الراحل وطلبته ، ورواد بيت المدى.
د. صاحب جعفر أبو جناح ولد في محافظة ميسان عام 1938، وأكمل دراسته الابتدائية والمتوسطة والثانوية فيها عام 1957. ثم التحق بكلية الآداب في جامعة بغداد، وتخرج فيها بدرجة بكالوريوس في اللغة العربية عام 1961. حصل على الماجستير من الكلية نفسها عام 1969، ونال الدكتوراه من جامعة القاهرة عام 1971، وكان المشرف على رسالته الدكتور شوقي ضيف احد ابرز اعلام الادب العربي .
عمل مدرسًا منذ عام 1961 حتى عام 1966، وتفرغ للدراسات العليا بين عامي 1966 و1971. عُيِّن في كلية الآداب بجامعة البصرة للفترة بين 1971 و1985، ثم نُقل إلى بغداد ليكون أستاذًا في كلية الآداب بالجامعة المستنصرية عام 1985. وهو عضو في الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق. واختير عضوًا عاملاً في المجمع العلمي العراقي بين عامي 1996 و1997.
ومن مؤلفاته: سيبويه: هوامش وملاحظات حول حياته وكتابُه. الظواهر اللغوية في قراءة الحسن البصري. الظواهر اللغوية في قراءة أهل الحجاز. شرح جمل الزجاجي لابن عصفور الإشبيلي (تحقيق). التغليب لابن كمال باشا (تحقيق). ابن السيد البطليوسي اللغوي الأديب: حياته، منهجه في النحو واللغة، شعره. وكتب عنه: جهود الدكتور صاحب أبو جناح في اللغة والنحو والتحقيق، رسالة ماجستير في جامعة البصرة، 1441هـ/2019.
تحدث في بداية الحفل مقدم الجلسة قائلا: نجتمع اليوم زملاء وأصدقاء وتلاميذ د. صاحب جعفر أبو جناح ليس بقصد تأبينه بل باستذكار واستحضار هذا الأستاذ المعظم، الذي يمثل بالنسبة للكثير من الدارسين بمثابة الاسناد. لكل من يخوض مهمة تدريس اللغة العربية.
وكان أول المتحدثين د. محمد حسين ال ياسين رئيس المجمع العلمي العراقي الذي قال: أسمع نحيب العربية وبكائها الصامت عن فارسها الكبير، الذائد عنها، والمدافع، الكبير الدكتور صاحب أبو جناح الذي فقدت فيه عالما وعاشقا أخلص لعشقه وتعامل معها على أنها الهوية الأساسية للأمته، على انها وجود كامل لأمة ومن دونها لا ودود لها، وأضاف: ان أبو جناح أدرك غنى العربية واعطاها ما يستطيع، من عطاء علمي متمثل في كتبه وبحوثه، وتدريسه ومؤتمراته الى أن اصبح مكتبة تسير على قدميها. وأشار الى الأثار التي تركها أبو جناح حيث قال: كتب في كل الاختصاصات اللغوية، كتب في الأصوات، بحث في الأبنية، ووقف عند التراكيب والأساليب، درس الدلالة بروح المحب العارف لغنى هذه اللغة. ذلك أنها أهم لغات البشر. وأشار الى ما لا يعرفه الكثير عن أبو جناح، حيث سرني مرة أنه ولد مع أخيه الشاعر الكبير حسب الشيخ جعفر في سنة واحدة، وعنما رأى دهشتي قال: أننا من أمّين مختلفتين وأب واحد.
ثم تحدث الأستاذ الشاعر ياسين طه حافظ عن الدكتور صاحب أبو جناح قائلا: عام 1957 دخلنا (العالية) وهذه في تلك الفترة كانت مسرحا للصخب والخلطة من العواطف والحماسات، الصادق والكاذب. وأضاف: ودخلت لدراسة الادب العربي مع صاحب وأخوته.. وكنت أنا خريج (العلمي) فنصحني الدكتور صالح جواد ان ادخل اللغات الاجنيبة، ذلك أن دراسة الأدب العربي تحصل عليها من الكتب، ويالها من نصيحة عظيمة.. وهكذا أستمرت دراستنا في العالية أربعة أعوام، ويشير الى أنه من الغريب ان نكون أنا وصاحب في كربلاء معينين ونسكن في فندق واحد أسمه له دلالة وهو (الحائر الحسيني) مضيفا أن صاحب كان من بيننا المسالم الهادئ الذي لا يندفع ولا يتحرش، وكان هو من يخفف من أندفاع حماسات تلك الفترة، ونحن أيضا أتجهنا الى القاهرة واستمر هو للقاهرة ، ومن ثم أصارت القربى العائلية، وأضاف ان الغاية من هذه السيرة هي أن أقول أنه منذ عام 1957 وحتى وفاته لم أجد صاحب متذمرا أو شكاء، وكان دائما هادئ ومستمع لشكوى الاخرين. لذلك عندما كنا في الكلية أو القسم الداخلي نلوذ به ونشكي له ما نعانيه.
ثم تحدث الناقد مالك المطلبي عن اللغة أولا حيث أشارفي تعقيب على ال ياسين قائلا: أن اللغة ليست هي العبقرية بل هي عبقرية فيما تنتج، فالالسن الأخرى من خلق الله، لكن ميزة العربية هي القرآن وديوان الشعر العربي، والفلسفة، أما اللغة فهي ماكنة تتضمن قدرات داخلية لضبط الأداء في هذا المكان كان صادق الصائغ يتحدث عن تجربته في المدى وكان يتعثر في لسانه وطلبت منه أن انوب عنه في القراءة، وكنت أشعر انني بطل، والان أنني أقترب من صادق الصائغ. بعد ذلك قرأ قال فيه: ياصاحب الروح والدنيا لها عبر لسنا سوى خبر في إثره خبر .. هذه رباعية في تأبين الراحل.. وأضاف إن صاحب أبو جناح شخصية عظيمة كما أشار الاساتدة الحاضرين، هدور مطلق في تأمل الأشياء، الفلسفة ترتبط بالأخلاق، لأنه إذا سلبت الاخلاق من الحرية تنتهي.. أتكلم عن البعد الأخلاقي والحرية كان لدى د. صاحب مواقف وتقويمات خاصة عن الوضع الساسي السابق، لكنه قليل الكلام .. وأشار الى بحث الراحل عن سيبويه والذي قدمه في المربد بـ 100 صفحة، فحينما قراءة كتابه عن المتنبي أحلت الى كتاب أخر هو (سيبويه إمام النحاة) لعلي النجدي ناصيف، طبعه عام 1953. ويرى أن أقتحام سيبوية مشكلة كبيرة لأنه يحتاج أنسان يجمع بين الدراسات الشرقية والغربية، وتشومسكي ذكر سيبويه. ودندما قرأت بحث أبو جناح، قلت لنفسي إذا لم أجد هذه الملاحظة، فان هذه مثلبة تخص الدكتور صاحب، وحين أنتهيت من القراءة وجدت هذه الإشارة، فهذا الوفاء هو الصدق مع النفس.
ثم جاءت كلمة العائلة قرأها نجله أسامة أبو جناح، أستعرض فيها سيرة والده الحياتية والمهنية ودوره في إغناء اللغة العربية التي نذر لها نفسه على مدى ستة عقود من الزمن شاكرا مؤسسة المدى والأساتذة الذين تحدثوا عن والده الراحل.
ثم تحدث الناقد د. سعيد عدنان عن الراحل قائلا: تتجسد في الراحل قيم الأستاذ منذ نشأته حيث كرس حياته للغة والنحو، وأشار أنه في الوقت الذي راح فيه الاخرون الى السياسة وغيرها فأن الراحل أقتص على اللغة وعالمها الذي أبدع فيه. مثلما يرى حياته قائمة على عالم.. حقق وكتب وكان يتميز بهدوئه وأخلاصه لما يكتب.
بعدها تقدم د. علي حداد للحديث قائلا: تشغلنا الحياة ولا ننتبه الى الموت الذي يثلم شيئا منا وأشار الى أن أبو جناح قد عاصرته منذ زمن، فقد توثقت علاقتنا في اليمن حيث كنا نعمل وكان من سعادتي أن أذهب اليه للجامعة حيث يدرس، ففرح فرح الأب بابنه، وتكررت لقاءاتنا معه، وسوف تبقى هذه الذكريات مع العالم الكبير.











