القاضي سالم روضانالرقابة على دستورية القوانين من جهة تتمتع بالحياد وتتميز بإلزامية قراراتها وهذه كانت بأشكال متعددة منها المجالس الدستورية والمحاكم الدستورية وغيرها ، وفي العراق وبعد عام 2003 تشكلت المحكمة الاتحادية العليا وتكفلت بالرقابة على دستورية القوانين ، ومناسبة القول هو صدور قرار للمحكمة الاتحادية العليا العدد 15/ اتحادية/2011 في 22/1/2011 الذي قضى بعدم دستورية البند (ثانيا) من الفقرة (آ) من المادة (237) من قانون الكمارك رقم 23 لسنة 1984 المعدل ،
وتضمن القرار تعطيل نص الفقرة المذكورة آنفاً، وهذه الفقرة كانت قد منحت موظفاً تنفيذياً يعد جزءا من السلطة التنفيذية وهو مدير عام دائرة الكمارك ،سلطة حجز وتوقيف الأشخاص لمدة محددة دون قرار قضائي ونص المادة آنفة الذكر كما يلي: (لا يجوز التوقيف إلا في الحالات الآتية) :أ‌- جرم التهريب المشهود أو ما هو في حجمه. ب‌- القيام بإعمال الممانعة التي تعيق التحقيق في الجريمة.ج - الخشية من قرار الأشخاص أو تواريهم تخلصاً من العقوبات والغرامات والتعويضات التي يمكن ان يحكم بها عليهم. ثانيا : أ - يصدر قرار التوقيف من المدير العام او من يخوله بذلك ويقدم الموقوف إلى المحكمة الكمركية خلال ثلاثة أيام من تاريخ توقيفه. ب - للمحكمة الكمركية تمديد مدة التوقيف إذا اقتضت ضرورة التحقيق ذلك.ج - يبلغ قرار التوقيف إلى الادعاء العام وفقا للقانون. د - للموقوف والادعاء العام الطعن في قرار التوقيف وفقاً للقانون.ثالثا: للسلطة التي قررت التوقيف إنهاؤه لقاء كفالة لا تتجاوز المبالغ التي قد يحكم بها.) ، وقرار المحكمة الاتحادية العليا المذكور آنفاً جاء تجسيداً لفكرة حماية الدستور من أن يخرق بواسطة التشريع ، حيث وجدت المحكمة إن النص المذكور آنفاً يتقاطع مع نص الفقرة (آ) من المادة (19) من دستور العراق التي جاء فيها ( يحظر الحجز) كذلك يخالف نص الفقرة (ب) من البند (أولا) من الدستور التي تنص على ما يلي (ب‌- لا يجوز توقيف احد أو التحقيق معه إلا بموجب قرار قضائي) ، والقرار لم يكن بموجب دعوى أقامها شخص أو مؤسسة أو وزارة وإنما كان بناء على طلب قاضي تحقيق في احدى محاكم العراق ،حينما وجد إن مدير عام الكمارك يمارس هذه الصلاحية على الرغم من مخالفتها للنصوص الدستورية ، حيث مارس القاضي دوره في تحقيق الأمن الاجتماعي من خلال حماية الحقوق وضمان الحريات ودفعه إلى ذلك حسه الوطني وتلمسه لرسالة القضاء النبيلة في الإنصاف وتأمين العدل إلى الجميع، وانتفع من نص الفقرة (3) من النظام الداخلي سير العمل في المحكمة الاتحادية العليا رقم (1) لسنة 2005 التي أجازت لأي محكمة تنظر في دعوى أو قضية ووجدت إن هناك نصاً يتعلق بالقضية التي تنظرها من قبلها يتقاطع ويخالف نصاً دستورياً ، أن تطلب من المحكمة الاتحادية النظر والبت في مشروعية ذلك القانون، واهم الإشارات التي أتلمسها في القرار تتمثل بما يلي :1. إن القضاء العراقي والقاضي في القضاء الاعتيادي على وجه الخصوص جزء من هذا المجتمع ويتلمس همومه ويسعى للحفاظ على كينونته وعندما يتوفر على الفرصة التي يحمي بها الحقوق العامة ويضمن تمتع المواطن بها ، فانه يتصدى له دون أن يحسب للطرف الآخر أي حساب نوعي أو وظيفي أو شخصي.2. إن القضاء الدستوري في العراق عبر عن دراية فقهية تجاه قراءة النصوص الدستورية وتلمس المصلحة العامة التي سعى الدستور إلى حمايتها ، من خلال تعطيل النصوص التي تتقاطع مع المبادئ الدستورية سواء كانت هذه النصوص تمنع ام تمنح سلطات تتعدى على الحق الدستوري للمواطن .3. القضاء الدستوري في العراق عبر عن نفسه باعتباره العين الساهرة على حماية الدستور ، من خلال فتح قنوات الاعتراض على النص القانوني، بطرق شتى منها الدعوى المباشرة أو الدعوى الفرعية أو بطلب من محكمة وهو ما جاء في منطوق القرار آنف الذكر.4. القرار المذكور أوحى إلى أن عدم تغيير النصوص القانونية النافذة بواسطة إلغائها أو تعديلها بقوانين يسنها مجلس النواب ، لا يقف حائلا دون تعطيلها بواسطة القضاء الدستوري إذا ما كانت تخالف مبادئ الدستور العراقي ، وهذا يدعو الجميع إلى ممارسة الطعن في عدم المشروعية في القوانين التي مازالت قائمة وتشكل خرقا للمبادئ التي جاء بها الدستور العراقي النافذ ، وعدم الانتظار إلى حين أن يجتهد مجلس النواب بعمله تجاه تشريع القوانين التي يتطلبها العمل اليومي في المجتمع والدولة العراقية.
القانون يمنع حجز الأشخاص إلا في بعض الحالات
نشر في: 26 مارس, 2011: 07:12 م