ترجمة حامد أحمد
أشار تقرير لموقع، إنترناشنال بوليسي دايجست International Policy Digest، الأميركي إلى أن الحزب الديمقراطي الكردستاني (KDP) خرج من انتخابات 2025 كأحد أقوى اللاعبين السياسيين في العراق، مما يؤهله للدخول في مفاوضات تشكيل حكومة الإقليم والحكومة الفيدرالية من موقع قوة غير مسبوق يسمح له من إبرام اتفاقات دائمة مع بغداد حول النفط والموازنة، مع فرصة لاستعادة أو التأثير في منصب رئاسة الجمهورية، في وقت يحذر فيه مراقبون من تحديات المبالغة بالمطالب والمكتسبات التي قد تؤدي إلى جولة جديدة من الخلاف بين بغداد وأربيل.
ويذكر التقرير بأن الحزب الديمقراطي الكردستاني لم يبرز كمشارك فعال، بل قوة حاسمة، إذ حصل على أكثر من 9.4 في المئة من الأصوات على المستوى الوطني. وأثبت الحزب نفسه بوضوح بوصفه الفاعل السياسي المهيمن. كما فاز خمسة مرشحين من مقاعد الكوتا المدعومين من الحزب بمقاعد في البرلمان، ما وسع بصمته داخل بغداد وعزز مطالبته بالحضور الاتحادي.
ومع ذلك، ورغم تجاوزه عتبة المليون صوت، لم يحصل الحزب سوى على 27 مقعدًا في البرلمان، بينما حصل ائتلاف رئيس الوزراء محمد شياع السوداني على 46 مقعدًا مع حصوله على 1.32 مليون صوت فقط. ويعود هذا التفاوت إلى النظام الانتخابي العراقي القائم على دوائر متعددة، حيث تعمل كل محافظة دائرةً انتخابيةً منفصلة، وهو نظام يضعف بطبيعته المناطق ذات نسب المشاركة المرتفعة مثل إقليم كردستان.
آرام ناصح، محلل سياسي من أربيل، يقول إن جاذبية الحزب تقوم بالأساس على تأطيره القومي وتقديم نفسه باعتباره حارس القضية الكردية. فمن خلال ترسيخ رسالته في لغة الشرعية التاريخية والحقوق الجماعية، نجح الحزب في جذب ناخبين يمتلكون حسًا وطنيًا قويًا.
وخلال الحملة الانتخابية، شدد الحزب الديمقراطي الكردستاني بلا كلل على التنفيذ الكامل للدستور العراقي، ولا سيما التزاماته المتعلقة بالفدرالية وحقوق الحكم الذاتي الكردي. وقد لاقى هذا الخطاب صدى قويًا لدى الناخبين الذين يعتقدون أن الوعود الدستورية أُجلت مرارًا. ومن خلال تصوير نفسه بوصفه الراعي للتوازن الدستوري والمدافع عن الحقوق الكردية ضمن بنية العراق الفدرالية، عزز الحزب صورته كحامٍ إقليمي ومثبت للاستقرار الوطني في آن واحد. ويقول ناصح إن حملة الحزب امتدت إلى ما وراء القواعد الكردية، إذ جذب دعمًا من مجتمعات تركمانية ومسيحية وإيزيدية، حيث دعم العديد منهم قائمة الحزب أو تحالفوا معها. وقد وسعت هذه الجاذبية العابرة للمكونات قاعدة الحزب وعززت سمعته كفاعل سياسي ملتزم بالتعايش والتعددية والتقدم الجماعي.
مضيفًا أنه من المحتمل أن تشجع هذه النتائج الحزب الديمقراطي الكردستاني في المفاوضات المقبلة بشأن تشكيل حكومة إقليم كردستان الجديدة. لكن تداعياتها تتجاوز أربيل. ففي بغداد، أصبح الحزب الآن واحدًا من أكبر ثلاثة تكتلات برلمانية، وقد يمارس نفوذًا متجددًا على منصب رئاسة الجمهورية، وهو المنصب الذي شغله الاتحاد الوطني الكردستاني (PUK) تقليديًا منذ 2003.
وقد تفتح المفاوضات الموازية بشأن تشكيل الحكومة الاتحادية مجالًا جديدًا للمساومة لكل من الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني، ولا سيما في الملفات الخلافية مثل توزيع الوزارات، والسلطة على الموازنة، وحوكمة النفط.
ويواجه رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، الذي نجح حتى الآن في المناورة بين الفصائل الشيعية المتنافسة والتحالفات السنية والضغوط الخارجية، كتلةً كرديةً معززةً قادرةً على المطالبة بتنازلات أو زعزعة الترتيبات القائمة. وقد يدفع تعزيز معسكر بارزاني إلى إعادة فتح النقاشات حول عائدات النفط، والاستقلالية الإقليمية في العقود الدولية للطاقة.
ويشير مراقبون إلى أن سياسيين فاعلين يبحثون عن نفوذ في بغداد بصورة متزايدة سيسعون إلى كسب دعم أربيل، ربما مقابل التنازل عن بعض السلطات الاتحادية لضمان بقائهم السياسي. غير أن مثل هذه التنازلات قد تستفز ردود فعل معاكسة من مكونات أخرى ترى في المكاسب الكردية تحديًا للوحدة الوطنية.
وفي الوقت نفسه، ستجلب التوقعات المرتفعة تدقيقًا متزايدًا. ففي داخل إقليم كردستان، سيقيم أنصار الحزب الديمقراطي الكردستاني وخصومه على حد سواء ما إذا كان الحزب قادرًا على ترجمة زخمه الانتخابي إلى حكم فعال، واستقرار اقتصادي، وتعاون كردي-كردي. يدرك الناخبون جيدًا التحديات التي ما تزال بلا حلول: الهشاشة المالية، قضايا الشفافية، والمطالب الشعبية المتزايدة في فرص العمل—وهي تحديات لا يستطيع أي حزب تجاهلها.
وسيراقب المنتقدون بدقة ما إذا كان الحزب الديمقراطي الكردستاني سيستخدم موقعه المعزز لتعزيز هيمنة مؤسساتية، أو لدفع نموذج أوضح لتقاسم السلطة قائم على قواعد واضحة. وفي بغداد، ستقاس نجاحاته في نهاية المطاف على طاولة المفاوضات: هل سيتمكن من انتزاع اتفاقات دائمة حول النفط والموازنة وضمانات الرواتب لتخفيف الأزمات المتكررة بين أربيل والحكومة الاتحادية؟
أما عكس ذلك، فستكون دورة مألوفة من الجمود المقيد بالصراعات الشيعية الداخلية، وتشرذم القوى السنية، والتدخلات الخارجية، أمرًا محتملا للغاية. وفي هذا التوتر تحديدًا يكمن الاختبار الحقيقي لما إذا كان انتصار الحزب الديمقراطي الكردستاني الانتخابي يمثل نقطة تحول فعلية، أم مجرد افتتاح لفصل آخر في التجربة السياسية غير المكتملة للعراق.
عن إنترناشنال بوليسي دايجست










