متابعة / المدى
يمثّل إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب عزمه إدراج جماعة الإخوان المسلمين على لائحة الإرهاب تحوّلاً حاداً في سياسة واشنطن تجاه التنظيم، في ظل تصاعد الضغوط العربية والغربية عليه وتآكل نفوذه في المنطقة. ويأتي القرار في لحظة حساسة تزداد فيها الاتهامات بدور للتنظيم في تمديد الحرب السودانية واستثمار الفوضى لإعادة التموضع. تحالف «تأسيس» السوداني رحّب بالخطوة واعتبرها مدخلاً لوقف الحرب، متهماً الإخوان بتضليل القوى السياسية وإفشال الاتفاق الإطاري. ويرى مستشار ترامب السابق، غبريال صوما، أن القرار نتاج مشاورات مع دول عربية معنية بمحاربة الإرهاب، مؤكداً أن واشنطن تعتمد على الضغط المالي والاستخباراتي لتجفيف مصادر تمويل الجماعات المتطرفة، وأن استمرارية النهج ترتبط بهوية الإدارة الأميركية المقبلة. الخبير علي بكر اعتبر التصنيف المرتقب خطوة حاسمة تعكس إدراك الغرب لخطورة تمدد الإخوان داخل مجتمعاته، مشيراً إلى مساهمتهم في خلق بيئة سمحت بنمو تنظيمات متشددة. وطرح تساؤلات حول قدرة واشنطن على ملاحقة التنظيم بشبكاته المتعددة وأذرعه المختلفة في مصر وباكستان وتونس. وفي موازاة ذلك، أصدر ترامب أمراً تنفيذياً لتصنيف فروع من الجماعة في مصر والأردن ولبنان كمنظمات إرهابية أجنبية، متهماً هذه الفروع بتسهيل العنف وزعزعة الاستقرار. وتستند الخطوة إلى نشاطات مسلحة في لبنان بعد أحداث 7 أكتوبر، ودعم مادّي لحماس في الأردن، وخطابات تحريضية في مصر. ويرى خبراء مثل هشام النجار وماهر فرغلي أن القرار يفتح مرحلة جديدة من انهيار نفوذ التنظيم، ويقيّد حركته وتمويله، خصوصاً في الأردن ولبنان ومصر، فيما يظل تأثيره الأكبر مرهوناً بالتمدد إلى الهيكل الدولي للجماعة. ويعتبر الباحث أحمد سلطان أن القرار متوقع ولن يغيّر كثيراً داخل الولايات المتحدة، لكنه يمهّد لمسار تصعيدي طويل ضد الفروع الخارجية. ويربط عبدالله الجنيد الخطوة بسياق متحرك داخل واشنطن بين الإدارات، محذراً من غياب استراتيجية أميركية ثابتة.
وفي قراءة أوسع، يرى الجنيد أن جذور علاقة الولايات المتحدة مع جماعات دينية تعود إلى حقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية، وأن التعامل العربي مع الإخوان شهد تجارب متفاوتة بين مصر والسعودية والإمارات. ويؤكد أن الأمن الإقليمي يبدأ بقرار عربي قبل أن ينعكس على مواقف واشنطن، مشيراً إلى أن تصنيف الإخوان وحده لن يغيّر مسار الحرب السودانية من دون إرادة إقليمية فاعلة وخطة لبناء دولة جديدة عبر مرحلة انتقالية طويلة.










