ترجمة المدى
ذكرت منظمة العفو الدولية (أمنستي إنترناشنال) في بيان لها أن إسرائيل ما تزال ترتكب جريمة إبادة جماعية بحق الفلسطينيين في قطاع غزة، رغم اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه الشهر الماضي. وقالت الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية، أنياس كالامار: “هناك مجازفة من أن يخلق وقف إطلاق النار أجواء وهمية من أن الحياة في غزة قد عادت لطبيعتها، ولكن في الوقت الذي قلّلت السلطات والقوات الإسرائيلية من نطاق هجماتها وسمحت بدخول كميات محدودة من المساعدات الإنسانية لغزة، فإنه يتوجب على العالم أن لا ينخدع. حرب الإبادة الجماعية التي تقودها إسرائيل لم تتوقف.” وكانت الهدنة الهشّة، التي توسطت فيها الولايات المتحدة بين إسرائيل وحماس، قد دخلت حيز التنفيذ في 10 أكتوبر/ تشرين الأول، بعد عامين من الحرب. ويتم تعريف اتفاقية الأمم المتحدة لعام 1948 بشأن الإبادة الجماعية على أنها أي من خمسة أفعال “تُرتكب بقصد التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية أو إثنية أو عرقية أو دينية.”
وفي ديسمبر/ كانون الأول 2024، خلصت منظمة العفو الدولية إلى أن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في غزة عبر ثلاثة من هذه الأفعال، من ضمنها “تعمّد فرض ظروف معيشية على الفلسطينيين في غزة تهدف إلى التسبب بتدميرهم البدني.” وفي تحديث جديد لها يوم الخميس، قالت المنظمة: “تواصل إسرائيل فرض قيود شديدة على دخول الإمدادات واستعادة الخدمات الأساسية اللازمة لبقاء السكان المدنيين على قيد الحياة.”
وأضافت: “على الرغم من تقليص نطاق الهجمات، وبعض التحسينات المحدودة، لم يحدث أي تغيير جوهري في الظروف التي تفرضها إسرائيل على الفلسطينيين في غزة، ولا يوجد أي دليل يشير إلى أن نية إسرائيل قد تغيرت.”
وقالت كالامار: “إن نمط سلوك إسرائيل في غزة، بما في ذلك الحرمان المتعمد وغير القانوني للمساعدات المنقذة للحياة عن الفلسطينيين، ومن بينهم جرحى ومصابون بسوء تغذية ومعرضون لخطر أمراض خطيرة، ما زال يهدد بقاءهم.”
وفي سبتمبر/ أيلول 2025، خلصت لجنة التحقيق الدولية المستقلة التي أنشأتها الأمم المتحدة إلى أن “الإبادة الجماعية تحدث في غزة” — وهو ما نفته إسرائيل بشدة. وذكر التحقيق أن السلطات والقوات الإسرائيلية ارتكبت، منذ أكتوبر 2023، “أربعة من الأفعال الخمسة المكوّنة لجريمة الإبادة” وفق اتفاقية 1948. وتشمل هذه الأفعال الخمسة قتل أفراد من المجتمع، والتسبب لهم بأذى جسدي أو عقلي خطير، وفرض ظروف معيشية صعبة تهدف إلى تدميرهم، ومنع الولادات، مع الترحيل القسري للأطفال خارج المجتمع.
وكانت محكمة العدل الدولية قد أمرت العام الماضي إسرائيل “بمنع ومعاقبة التحريض المباشر والعام على ارتكاب الإبادة الجماعية” في غزة.
وأدى الهجوم العسكري الإسرائيلي على غزة إلى مقتل ما لا يقل عن 69,799 شخصاً، بحسب أرقام وزارة الصحة في القطاع التي تعتبرها الأمم المتحدة موثوقة. وتقول الوزارة إنه منذ بدء وقف إطلاق النار، قُتل 352 فلسطينياً بنيران إسرائيلية.
من جانب آخر، قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA) يوم الجمعة إن موظفيه ومنشآته “ما يزالون يتعرضون لإطلاق النار” في غزة رغم اتفاق وقف إطلاق النار، ما يخلق أوضاعاً خطيرة تعرقل العمليات الإنسانية. وفي بيان له، قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، إنه “يُحذّر من أنه رغم وقف إطلاق النار في قطاع غزة، فإن موظفي الأمم المتحدة ومنشآته لا يزالون يتعرضون لإطلاق النار، ما يشكل مخاطر غير مقبولة على سلامتهم”.
وشدد المكتب على أن “المدنيين، بمن فيهم العاملون في المجال الإنساني، والبنية التحتية المدنية – بما في ذلك القوافل الإنسانية والإمدادات والمنشآت – يجب أن تتم حمايتهم دائماً وفقاً للقانون الدولي الإنساني”. وأضاف أن الهجمات المستمرة “تعرض موظفي الأمم المتحدة وشركاء المنظمات غير الحكومية والأشخاص الذين يعتمدون على خدماتهم لمخاطر جسيمة، بما في ذلك الموت والإصابة، وتعيق العمل الإنساني بشكل أكبر”. ودعت الأمم المتحدة جميع الأطراف إلى حماية المدنيين وعمليات الإغاثة، وحثّت الجميع على “حماية أرواح المدنيين والسماح بالمرور الآمن للمساعدات المنقذة للحياة”.
ورغم المخاطر و”العقبات الأخرى التي تمنع التنفيذ الكامل لزيادة الاستجابة الإنسانية”، قال المكتب إن الأمم المتحدة وشركاءها “يواصلون تقديم الخدمات والمستلزمات الأساسية للناس المحتاجين في مختلف أنحاء غزة”.
وبالانتقال إلى الضفة الغربية المحتلة، قال المكتب إن العنف “مستمر بلا هوادة”، مع ورود تقارير يومية عن وقوع إصابات وأضرار وعمليات تهجير. وأصبحت حركة الفلسطينيين مقيدة بشكل متزايد، مع “فرض حظر تجول على آلاف الأشخاص”، فيما يواجه كثيرون قيوداً تعيق وصولهم إلى أماكن العمل والمدارس والخدمات الأساسية. وتُظهر أرقام مكتب الشؤون الإنسانية (OCHA) المحدثة أن أكثر من 1,600 اعتداء من قبل المستوطنين الإسرائيليين غير الشرعيين منذ مطلع عام 2025 أثّر على أكثر من 270 تجمعاً فلسطينياً. وقد تجاوز عدد الفلسطينيين المصابين “1,000 شخص”، بينهم نحو 700 أصيبوا مباشرة على أيدي المستوطنين، أي ما يقارب ضعف العدد المسجل في عام 2024. تواصل القوات الإسرائيلية شنّ قصف واسع في مختلف أنحاء قطاع غزة رغم الهدنة الهشّة، ما يزيد من تفاقم الوضع الإنساني المتدهور أصلاً، في وقت تستمر فيه إسرائيل في عرقلة وصول المساعدات. مع بزوغ الفجر وطوال صباح السبت، كثّف الجيش الإسرائيلي ضرباته البرية والبحرية والجوية على عدة مناطق من القطاع الخاضعة لسيطرته.
وبحسب تقارير وكالات إخبارية، استهدف القصف الأحياء الشرقية من مدينة غزة وبلدة بيت لاهيا في الشمال، والمناطق الشرقية من مخيم البريج للاجئين وسط القطاع، بالإضافة إلى مدينة رفح وبلدتي القرارة وبني سهيلة شرق خان يونس جنوباً. وأفاد المكتب الإعلامي الحكومي في غزة بأن إسرائيل ارتكبت 535 انتهاكاً موثّقاً منذ بدء سريان اتفاق وقف إطلاق النار في أكتوبر الماضي، أسفرت عن 350 قتيلاً ونحو 900 مصاب.
من جانب آخر، أعربت لجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب عن قلقها إزاء “مزاعم واسعة النطاق” تفيد بأن إسرائيل تُخضع الأسرى والمحتجزين الفلسطينيين للتعذيب. وفي تقرير نُشر يوم الجمعة، عبرت اللجنة عن قلق بالغ من أن إسرائيل تنتهك التزاماتها بموجب اتفاقية مناهضة التعذيب التي تُعد طرفاً فيها.
تستند النتائج إلى معلومات من مصادر متعددة، بينها شهادات فلسطينية، ومذكرات مقدمة من الحكومة الإسرائيلية، وتقارير من منظمات دولية وإسرائيلية.
عن صحف ووكالات عالمية










