ترجمة حامد أحمد
أشار تقرير لمجلة فوربس Forbes الأميركية إلى أن الهجوم الأخير الذي تعرض له حقل خور مور الغازي في كردستان يؤكد الحاجة الملحة للإقليم إلى دفاعات جوية تمكنه من حماية بناه التحتية الحيوية في مجال الطاقة، في وقت تستثمر فيه شركات أميركية في هذا القطاع بالإقليم، وإنها عرضت تقديم حماية بعد الهجوم تضمن الحفاظ على البنى التحتية والاستثمارات المستقبلية في إقليم كردستان.
ويفيد التقرير بأن معظم سكان إقليم كردستان تعرضوا لانقطاعات كهربائية طويلة ومزمنة منذ الهجوم الذي استهدف حقل خور مور الغازي في السليمانية ليلة الأربعاء، والذي تسبب في اندلاع حريق ضخم، وأدى إلى توقف ما يصل إلى 80% من إمدادات الكهرباء في الإقليم على نحو مؤقت، ما خفض التجهيز من 24 ساعة إلى ما لا يتجاوز خمس ساعات فقط.
قد ضرب الهجوم صميم جهود الإقليم لتوليد كهرباء مستقرة على مدار الساعة لسكانه. كما أنه تذكير جديد بالحاجة الشديدة إلى دفاعات جوية تحمي البنى التحتية الحيوية والمراكز السكانية من هذه الهجمات الشنيعة وغير المبررة.
في بيانه الذي أدان فيه الهجوم، دعا رئيس حكومة الإقليم مسرور بارزاني “شركاءنا الأميركيين والدوليين إلى تزويدنا بالمعدات الدفاعية اللازمة لحماية بنيتنا التحتية المدنية”.
ويشير التقرير إلى أن هذه الدعوة التي أطلقتها حكومة الإقليم لم تكن الأولى في تبيان افتقار الإقليم المقلق لمعدات الدفاع الجوي. ففي أوائل عام 2024، دعا رئيس حكومة الإقليم الولايات المتحدة إلى تزويد الإقليم بهذه الأنظمة الدفاعية، في وقت كان الإقليم يعاني من هجمات متكررة بالصواريخ والطائرات المسيّرة، معظمها كان يستهدف القاعدة الأميركية في محافظة أربيل. كما أطلقت إيران آنذاك وابلاً من الصواريخ البالستية مباشرة على مدينة أربيل، ما أدى إلى مقتل رجل أعمال وأفراد من عائلته في كانون الثاني. وقد كان ذلك ثاني هجوم إيراني مباشر بالصواريخ الباليستية على عاصمة الإقليم خلال أقل من عامين.
وسبق للولايات المتحدة أن أشارت إلى أنها ستزود إقليم كردستان بما يلزم للدفاع عن نفسه ضد هكذا هجمات. كما نشرت منظومات باتريوت MIM-104 في أربيل لحماية قواتها في بعض المناسبات، وإن لم يكن ذلك بشكل دائم. كما تعهدت سابقاً بتزويد العراق وقوات البيشمركة بأنظمة دفاع جوي غير محددة.
وكان حقل خور مور قد تعرض لهجمات مماثلة في السنوات الأخيرة، تسببت أحياناً في سقوط ضحايا بين العاملين في الموقع. وكل هذه الهجمات جاءت من أراضٍ خاضعة لسيطرة الحكومة الاتحادية، ويرجح أن فصائل مسلحة مدعومة من إيران هي من نفذتها. ويجعل موقع خور مور على أطراف الإقليم منه هدفاً شديد الهشاشة أمام هذه الهجمات.
وكما أشير في مايو/أيار 2024، كان بإمكان منظومة بانتسير S1 الروسية الصنع أن توفر بعض الحماية للموقع لو نُشرت هناك، لكن بغداد تفتقر إلى الإرادة السياسية لتنفيذ ذلك. ومن المتوقع أن يتسلم العراق أنظمة دفاع جوي متوسطة المدى من طراز KM-SAM من كوريا الجنوبية في أوائل 2026، ومن المستبعد أن يتم تخصيص أي منها لحماية البنى التحتية الحيوية في إقليم كردستان.
ويبقى الإقليم بذلك معتمداً على الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين، حيث لا يستطيع شراء مثل هذه المعدات العسكرية المتقدمة بشكل مباشر. ودعا مسؤولون من الإقليم الولايات المتحدة إلى مساعدتهم في الحصول على معدات عسكرية لحماية المواقع الحيوية. لكن ذلك قد يكون صعباً، إذ يجب أن يمر تسليم المعدات عبر الحكومة الاتحادية.
استثمرت الولايات المتحدة مؤخراً في قطاع الغاز الواعد في إقليم كردستان، وهي تعارض الهجمات على الإقليم. وبعد هجوم ليلة الأربعاء، عرضت تقديم حماية لهذه البنى التحتية الحيوية للطاقة. لكن ما إذا كانت ستزوّد الإقليم بأنظمة دفاع جوي بشكل مباشر يبقى أمراً غير محسوم.
وكتب عزيز أحمد، نائب رئيس ديوان رئاسة حكومة الإقليم، في منشور على منصة “إكس” بعد الهجوم: “إلى أي حد يجب أن تصل الهجمات قبل أن تسمح الحكومة الأميركية ببساطة لحكومة إقليم كردستان بشراء معدات دفاعية مضادة للطائرات المسيّرة لحماية أجوائنا وبنيتنا التحتية الحيوية؟”
لم يكن إقليم كردستان غريباً عن انقطاع الكهرباء. ومع ذلك، كانت الانقطاعات التي بدأت الأربعاء مؤلمة بشكل خاص، إذ جاءت بعد أشهر قليلة من إطلاق مبادرة رئيس الحكومة مسرور بارزاني “روناكي” — وتعني الضياء بالكردية — والتي تهدف إلى توفير كهرباء مستمرة وميسورة التكلفة لجميع السكان بحلول نهاية 2026.
لا يزال من غير الواضح ما إذا كان هذا الهجوم سيؤدي إلى تحرك أكبر لمعالجة غياب منظومة دفاع جوي في الإقليم. وكما تمت الإشارة إليه سابقاً، من غير المرجح أن تقدم الولايات المتحدة أنظمة عالية المستوى مثل باتريوت، لكنها قد توفر أنظمة أقصر مدى مناسبة لمواجهة الطائرات المسيّرة وتوفير دفاع نقطي للمواقع الحساسة. ومثل هذه الأنظمة لا تُشكل تهديداً على الدول المجاورة أو حتى المحافظات العراقية الأخرى، ولن تغير ميزان القوى الإقليمي. لكنها يمكن أن تمنع مآسي مثل هجوم الأربعاء، وتحمي البنية التحتية الحيوية، وتساعد على مواصلة تنفيذ مبادرات إصلاحية كـ”روناكي”، إضافة إلى حماية الاستثمارات الأميركية والغربية الحالية والمستقبلية.
ومهما كانت منظومات الدفاع الجوي التي قد تقدمها الولايات المتحدة أو الحلفاء الغربيون مستقبلاً لمساعدة الإقليم في التصدي لهذه الهجمات، فإن وصولها — إن حدث — سيكون بالتأكيد “أفضل متأخراً من ألا يأتي أبداً”، وسيكون أفضل كثيراً من عدم وجود شيء على الإطلاق.
عن مجلة فوربس الأميركية










