TOP

جريدة المدى > عربي و دولي > واشنطن تعيد رسم نفوذها الاقتصادي في أمريكا اللاتينية

واشنطن تعيد رسم نفوذها الاقتصادي في أمريكا اللاتينية

نشر في: 1 ديسمبر, 2025: 12:01 ص

 متابعة / المدى

تشتد المنافسة على أمريكا اللاتينية بين الولايات المتحدة والصين وأوروبا، إذ تستعيد الأولى نفوذها، وتتوسّع الثانية، فيما تتعثّر الثالثة في مفاوضات تكتل ميركوسور. ويُطرح السؤال عمّا إذا كانت الصفقات الجديدة من شأنها تغيير قواعد اللعبة.
وفي الوقت الذي تواصل فيه أوروبا وتكتل التجارة «ميركوسور» ـ الذي يضم الأرجنتين والبرازيل وباراغواي وأوروغواي ـ التفاوض، تعمل الولايات المتحدة على توسيع نفوذها عبر اتفاقيات جديدة في المنطقة. ولو كان القرار بيد الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا (80 عامًا)، فلن يقف شيء أمام توقيع اتفاقية تجارة حرة بين الاتحاد الأوروبي و«ميركوسور» في 20 كانون الأول/ديسمبر في ريو دي جانيرو، إذ يرى لولا أن هذه الاتفاقية ستكون تتويجًا لأكثر من عقدين من المفاوضات و«أكبر اتفاقية» في التجارة العالمية، كما قال خلال قمة العشرين في جنوب أفريقيا.
ومع ذلك، يواجه الاتحاد الأوروبي اعتراضات من داخل صفوفه، إذ تطالب فرنسا والمجر بتعديلات إضافية خشية تأثير الاتفاقية على قطاعيهما الزراعيين. وهكذا، وبينما تبقى الاتفاقية التي تطمح إليها الصناعة الأوروبية معلّقة بخيط رفيع، تضغط الولايات المتحدة لتسريع خطواتها. وشهدت الأسابيع الأخيرة الإعلان عن اتفاقيات ومعاهدات جديدة مع دول عدة في أمريكا اللاتينية، مثل الأرجنتين وغواتيمالا والسلفادور والإكوادور، بهدف إعادة تشكيل موازين التجارة ومواجهة النفوذ الصيني المتصاعد.
يقول الخبير السياسي فلاديمير روفينسكي من جامعة ICESI بمدينة كالي الكولومبية إن «هذه الاتفاقيات تعزز الوجود الأمريكي جيوسياسيًا، في ظل المنافسة المتزايدة مع الصين في مجالات البنية التحتية والتكنولوجيا والمعادن الحرجة». ويضيف أن هذا التطور ليس سلبيًا بالنسبة لشركاء أمريكا اللاتينية، إذ يتيح لهم «مجالًا أكبر للمناورة والوصول إلى تعاون تقني وفرص تنويع الإنتاج».
وتسهم هذه الاتفاقيات في ترسيخ مكانة المنطقة ضمن الأولويات الاقتصادية في نصف الكرة الغربي، وتحسين موقعها في النظام الاستراتيجي العالمي. وفي المنافسة الثلاثية على كسب ود أمريكا اللاتينية، تتقدم الصين حاليًا، ويتضح ذلك من أرقام الأرجنتين التي أصبحت فيها بكين الشريك التجاري الأهم متجاوزة البرازيل. وحققت الصين في تشرين الأول/أكتوبر صادرات بقيمة 1.166 مليار دولار (زيادة 241.4 بالمائة عن العام السابق)، فيما بلغت وارداتها إلى الأرجنتين 1.862 مليار دولار (زيادة 33.7 بالمائة). أما الولايات المتحدة فتراجعت إلى المرتبة الرابعة خلف البرازيل والاتحاد الأوروبي، ما يفسر سعي واشنطن إلى عقد اتفاق تجاري مع الأرجنتين.
كما زادت دول أمريكا اللاتينية صادراتها إلى الصين بنسبة 7 بالمائة، مدفوعة بارتفاع الطلب على اللحوم وفول الصويا والمعادن مثل النحاس، وفق تقرير اللجنة الاقتصادية لأمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي «إيكلاك». ويشير التقرير أيضًا إلى أن «الولايات المتحدة الأمريكية تفرض عمومًا رسومًا جمركية أقل على دول أمريكا اللاتينية مقارنة بالعديد من شركائها التجاريين في آسيا»، ما يتيح فرصًا لتحولات في اتجاه التجارة لصالح صادرات المنطقة في قطاعات مثل الملابس والأجهزة الطبية والصناعات الزراعية.
وتبحث الولايات المتحدة عن شركاء لتحسين موقعها في المنطقة، معتمدة أسلوب «العصا والجزرة» التقليدي في سياستها التجارية، كما تقول ديانا لونا من مؤسسة فريدريش إيبرت. وتوضح أن الدول التي تقدم لواشنطن «خدمات» في ملفّي الهجرة والأمن، مثل غواتيمالا والسلفادور والإكوادور، إلى جانب الدول ذات التوجّه السياسي المشابه مثل الأرجنتين، تحظى بامتيازات واضحة.
وترى لونا أن الاتفاقيات الأخيرة ستعزز مكانة هذه الدول كشركاء استراتيجيين لواشنطن في ظل صعود الصين. وتقول إن ما جرى مع الأرجنتين «يمثل أول خطوة ملموسة بعد الالتزام المالي لإدارة ترامب»، موضحة أن الاتفاقيات الجديدة «تعزز الاستثمارات في قطاع الأدوية وتوجّه رسالة للأسواق بأن الاستثمار في الأرجنتين مجدٍ»، وهو عنصر محوري لرئيس يعتمد على الاستثمارات الأجنبية مثل خافير ميلي.
وتُعد الأرجنتين حالة معقدة بسبب احتمال تضارب قواعد التجارة الأمريكية الجديدة مع التزاماتها داخل «ميركوسور»، ما قد يدفعها للاختيار بين المسارين.
ويحذر خبراء من أن مثل هذا السيناريو ستكون له تداعيات على البرازيل وسلاسة التجارة داخل التكتل. ويشمل التأثير المباشر لاتفاق الأرجنتين مع الولايات المتحدة احتمال خسارة المنتجات البرازيلية لحصتها السوقية، بفعل دخول السلع الأمريكية الأرخص إلى السوق الأرجنتينية، كما أوضحت مارسيلا فرانزوني من جامعة Ibmec لمجلة «فالور».
أما الأوروبيون، وفق ديانا لونا، فهم مسؤولون عن تأخرهم في حسم الاتفاق، نتيجة إصرارهم على تقديم طلبات إضافية في مفاوضات التجارة الحرة. وفي المقابل تبدو الاتفاقيات الأمريكية الثنائية أكثر جاذبية لأنها تمنح نتائج سريعة وملموسة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

مقالات ذات صلة

سرقة بيانات أكثر من 16 مليون شخص بهجوم إلكتروني على وزارة الداخلية الفرنسية

سرقة بيانات أكثر من 16 مليون شخص بهجوم إلكتروني على وزارة الداخلية الفرنسية

متابعة/ المدى أعلن قراصنة إلكترونيون في فرنسا عن سرقة بيانات أكثر من 16.4 مليون شخص جراء هجوم على أنظمة وزارة الداخلية، وفقا لصحيفة "لو فيغارو" نقلا عن بيان نشر على منتدى "بريتش فورومز". وأقر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram