اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > ألكسي إيفانوف يعود إلى منابت الأدب الروسي

ألكسي إيفانوف يعود إلى منابت الأدب الروسي

نشر في: 27 مارس, 2011: 07:20 م

د.نجوى فؤاد علياكتسحت موجة العولمة في بداية التسعينيات وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي الساحة الأدبية الروسية وأصبح الإبداع يخضع لعوامل السوق التجارية وليس لممارسة الوظيفة الأساسية للأدب في تجسيد مشاكل المجتمع . ونشرت بملايين النسخ أعمال داشكوفا ومارينينا وبولياكوفا ودانتسوفا واوستينوفا ، وهي روايات "نسائية" أو بوليسية ذات اتجاه سيكولوجي هدفها المطالعة السهلة. فالإنسان العادي في المجتمع المعاصر المشغول بالانترنت والفيس بوك لم يعد قادرا على قراءة أعمال تولستوي ودوستويفسكي وتشيخوف وغيرهم من أدباء روسيا العظام ،
 وهو يعود من مكان عمله منهكا ومتوتر الأعصاب ويبحث عن التسلية ونسيان الهموم  إما في مشاهدة الأفلام المتسلسلة او البوليسية او في قراءة الروايات الرخيصة للكتاب الجدد الذين أصبحوا من الأثرياء بين ليلة وضحاها. أما الأعمال الروائية الكلاسيكية الروسية فهي من نصيب النخبة المثقفة المهتمة بالأدب الأصيل.لكن الأدب الجاد ما زال عميق الجذور في الثقافة الروسية ، وتنشر بين حين وآخر أعمالاً لكتاب يحاولون مسايرة " الموضة الأدبية" ، لكن مع التمسك بتقاليد الأدب الروسي الأصيلة. وفي الفترة الأخيرة ظهر فجأة الكاتب ألكسي إيفانوف بعد نشره عدة روايات منها " ذهب التمرد" و" قلب بارما" و" بلودو ومودو"و" خزانة مال العصابة المخضبة بالدم " و" معلم الجغرافية السكير" و"سفر التأريخ من عهد يوحنا" و" عصب روسيا". علما ان الكاتب مولع بالغوص في أعماق التأريخ الروسي لكشف السمات المميزة للشعب الروسي الذي جعلته يختلف عن بقية شعوب أوروبا بالرغم من وجوده في أراضي هذه القارة. واعتبر النقاد روايته " ذهب التمرد" من أفضل الروايات الروسية في القرن الحادي والعشرين وكتبها روائي " لا يخشى الإيمان بوجود جهنم والجنة". وبالرغم من انها تنسب إلى أدب المغامرات فإنها مترعة بوصف دقيق لخوالج النفس الإنسانية في ظروف غير عادية يواجه فيها الإنسان الموت ويقتحم الأهوال دون ان يبالي بالعواقب. أما روايته " سفر التأريخ من عهد يوحنا" فأنها تتناول مرحلة عصيبة في تأريخ روسيا في عهد القيصر إيفان الرهيب وإقامة نظام الرعب، حيث مارس اعوان القيصر ممن يسمون "اوبريتشنيكي"  صنوف الطغيان بحق كل من يشتبه بعدم ولائه إلى الحاكم المستبد فيعدم مع جميع أفراد أسرته ويحرق بيته وتسلب ممتلكاته دون وازع قانوني او اخلاقي. ويركز المؤلف في روايته على المواجهة بين القيصر والمطران فيليب رفيق طفولته الذي استدعاه من دير سولوفيتسكي البعيد في أقاصي شمال روسيا لكي يتولى منصب رئيس الكنيسة الارثوذكسية الروسية في اعقاب هروب رئيسها السابق الذي لم يصبر على الظلم والتعسف ضد الناس الأبرياء ولاذ بأحد الأديرة في سيبيريا بعيدا عن سطوة إيفان الرهيب. ويقابل المؤلف قسوة ووحشية القيصر وساديته بالورع والتقوى والدعوة الى التوبة والتضحية بالذات في سبيل خلاص الناس. وكانت النتيجة ان القيصر أمر بإيداع المطران فيليب في السجن حيث جرى خنقه من قبل رئيس الشرطة السرية ماليوتا سكوراتوف. وقد جذبت هذه الرواية اهتمام السينمائيين فأخرجت في عام 2007 على الشاشة بعنوان " القيصر". وحقق الفيلم نجاحا كبيرا. ولكن ألكسي إيفانوف لم يتناول في أعماله الروائية المواضيع التأريخية فقط، فقد تناول أيضاً الأوضاع الاجتماعية المعقدة في روسيا الجديدة بعد زوال النظام السوفيتي. فالعلاقات الرأسمالية كشفت الكثير من عيوب المجتمع كالفساد والانحلال الخلقي والجريمة. وفي رواية " خزانة مال العصابة المخضبة بالدم" يكشف ضعف النفس البشرية الميالة إلى الكسب الحرام التي تجعل قانون الغابة هو السائد في المجتمع. وكعادته يصقل إيفانوف شخوصه في الرواية كما يصقل الجوهري الألماس ويجسدها في إبعادها الايجابية والسلبية كافة. ويحقق النجاح ويبقى في نهاية المطاف من يواصل دربه حتى النهاية ، ولو انه يشارك الآخرين مصائرهم. وهذه الرواية تعتبر نموذجاً لأدب إيفانوف الذي يصور المجتمع الروسي اليوم حيث زالت الحدود بين شخصية الفرد الباحث عن المنافع الذاتية ووجوب العيش وفق ما يمليه عليه "ضميره"، وغالباً ما يقوده الصراع بين هذين البعدين إلى اختلال العقل او اللجوء إلى الدير حيث يجد الهدوء النفسي.وتكشف رواية إيفانوف "معلم الجغرافية السكير" الذي باع نموذج الكرة الأرضية المدرسي لشراء قنينة فودكا تأثر الكاتب العميق بتقاليد الأدب اللاسيكي الروسي، ففي وصفه الشخصيات والأحداث نجد صدى لأعمال جوجول ودوستويفسكي وتشيخوف. فهذا المعلم يجد في قنينة الفودكا ملاذا له من مشاكله المعيشية في بيت الزوجية وفي العلاقات مع الأصدقاء وفي المدرسة مع الإدارة وبقية المعلمين. وتخلى المعلم بيسر عن زوجته إلى صديقه عندما لاحظ بدء علاقة بينهما. وقد أزال منذ التحاقه للعمل بالمدرسة جميع الحواجز بينه وبين تلامذته الأحداث .. وكان يعاملهم كأنداد له بل ويدخن السجاير معهم وحتى يشرب الفودكا معهم فوق سطح بيته. وقد كسب حب التلامذة أيضاً لولعه في الخروج الى الطبيعة في رحلات نهرية فوق طوافة. ويظهر الكاتب لدى وصف إحدى هذه الرحلات ومصاعبها تنوع النماذج البشرية والعلاقات الاجتماعية منذ سن اليفاع والصراع بين الخير والشر في نفوس الصغار، وتمسك المعلم بقيم

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

في استفتاء موسيقي تنافسي سنوي حصلت إسطوانة “أصابع بابلية” للمؤلف الموسيقي وعازف العود العراقي أحمد مختار على مرتبة ضمن العشر الأوائل في بريطانيا وأميركا، حيث قام راديو “أف أم للموسيقى الكلاسيكية” الذي يبث من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram