ذي قار / حسين العامل
في اليوم العالمي لمكافحة الإيدز، كشفت مصادر طبية في محافظة ذي قار عن تزايد حالات الإصابة بمرض العوز المناعي المكتسب، معربة عن خشيتها من تسجيل معدلات أعلى في المستقبل، وداعية إلى متابعة الأماكن المحتمل انتشار الفايروس فيها، والالتزام بفحص الوافدين إلى البلاد، ولا سيما القادمين من الدول الموبوءة.
وتشير الأرقام المعلنة إلى ارتفاع خطير في عدد الإصابات بمرض العوز المناعي المكتسب في المحافظة. فبعد أن كانت البيانات الرسمية لدائرة الصحة تشير إلى تسجيل حالة واحدة عام 1986، ارتفع العدد إلى نحو 200 إصابة عام 2024، بحسب ما أعلنه رئيس مجلس المحافظة عبد الباقي العمري خلال العام المذكور، وهو ما استدعى آنذاك عقد اجتماع طارئ ضم المجلس ودائرة الصحة والقيادات الأمنية لبحث ملف المرض.
وقال خبير الأمراض الوبائية الدكتور حيدر حنتوش في حديثه لـ«المدى» إن «حالات الإصابة بمرض العوز المناعي لا تزال تشكل مخاطر صحية وهي في تزايد مضطرد»، معرباً عن خشيته من ارتفاع معدلات الإصابات في المستقبل. ودعا إلى الابتعاد عن السلوكيات الخاطئة التي قد تتسبب بالعدوى، مشدداً على «أهمية الفحص الطوعي، بما أن اكتشاف المرض مبكراً يساعد على معالجته بعقاقير متوفرة وذات نتائج مضمونة».
وعن أبرز مصادر العدوى، بيّن حنتوش أن «ممارسة الجنس مع مصاب بالمرض تشكل أحد أبرز طرق انتقال الإيدز، وكذلك الوشم بالإبر والحجامة»، مشيراً إلى احتمالية انتقال العدوى عبر استخدام أدوات غير معقمة في عيادات الأسنان.
وتطرق أحد المهتمين بملف مكافحة الإيدز إلى أثر السفر إلى الدول الموبوءة في زيادة الإصابات، إضافة إلى التساهل في إجراءات فحص الوافدين، وارتياد دور البغاء وزواج المتعة. وأشار إلى أن «الإصابة تحدث عبر الاتصال الجنسي ومسببات أخرى لا تقل خطورة»، عازياً ارتفاع المعدلات إلى ضعف الوعي بطرق انتقال المرض، وانفتاح العراق على البلدان الأخرى، وكثرة السفر من دون مراعاة الوقاية اللازمة. وأكد أن «المرض ينتقل عبر نقل الدم والمباشرة الجنسية»، في حين ذكر إمكانية انتقاله عبر اللعاب، رغم أن انتقال فايروس الإيدز بهذه الطريقة غير مُثبت علمياً وفق المعايير الطبية.
ومن جانبه، قال عضو مجلس محافظة ذي قار أحمد الخفاجي في حديث سابق لـ«المدى» إن «نقص المناعة المكتسبة من الأمراض الخطيرة لعدة أسباب، من بينها انتشاره الصامت؛ إذ قد يكون المصاب حاملاً للفايروس من دون أعراض لمدة تصل إلى عشر سنوات، ويكون خلالها مصدراً للعدوى». وعدّ انتشار المرض «خطراً كبيراً على صحة المجتمع».
وأكد الخفاجي أهمية متابعة الأماكن الموبوءة في اتساع رقعة الإصابة، مشدداً على ضرورة مراقبة الأماكن المحتمل انتشار الفايروس فيها مثل دور البغاء والأماكن المشبوهة، ومراكز المساج والحلاقة والتجميل والحجامة والوشم، إلى جانب اتخاذ الاحتياطات الصحية في عمليات نقل الدم.
وكان مجلس محافظة ذي قار قد أعلن في منتصف شباط 2024 عن تشكيل لجان مشتركة تضم ممثلين عن الحكومة المحلية والمؤسسات الصحية والأمنية للحد من ارتفاع معدلات الإصابة، مشيراً آنذاك إلى وجود ما بين 150 و200 مصاب في المحافظة. وفي سياق متصل، أفاد مدير عام دائرة صحة ذي قار الأسبق عبد الحسين الجابري في مطلع أيار 2019 بأن «الإصابات المسجلة بمرض العوز المناعي كانت حالة واحدة عام 1986 وحالة واحدة عام 2016، ثم ارتفعت إلى إصابتين عام 2017، وإلى أربع إصابات في 2018، وبلغت ست إصابات عام 2019».
ويُحتفل باليوم العالمي للإيدز في الأول من كانون الأول من كل عام، وهو مناسبة دولية لرفع الوعي وإحياء ذكرى الملايين الذين فقدوا أرواحهم بسبب المرض، والاحتفاء بما تحقق من زيادة الوصول إلى العلاج والوقاية، مع التذكير بالوعد العالمي بإنهاء الإيدز كتهديد للصحة العامة بحلول عام 2030.
وكانت لجنة الصحة والبيئة في مجلس ذي قار السابق قد أكدت في 5 أيار 2019 ارتفاع معدلات الإصابة خلال عامي 2018 – 2019، عازية ذلك إلى العمالة الوافدة وعدم الالتزام بفحص العراقيين العائدين من الخارج، فيما كشفت دائرة الصحة عن ارتفاع الحالات المسجلة من حالة واحدة عام 1986 إلى ست حالات عام 2019.
وتعود أولى الإصابات في العراق إلى كارثة العقار الفرنسي «عامل التخثر» المخصص لمرضى الهيموفيليا عام 1986، إذ أصيب 190 مريضاً بالإيدز بحسب إحصاءات وزارة الصحة، ونقل بعضهم المرض لآخرين ليصل العدد إلى أكثر من 300 مصاب، توفي معظمهم في السنوات اللاحقة.










