علاء المفرجي
سيرته
فيصل السامر، وأسمه الكامل فيصل جري مري نعمة مرزوق السامر، مؤرخ وكاتب وأديب، ومؤلف عراقي ووزير عراقي سابق. من عشيرة «السامر» الساكنة في المدينة إحدى نواحي البصرة، ولد في يوم 11 كانون الثاني 1922، وأكمل دراسته الابتدائية والمتوسطة فيها، وكان من المتفوقين في امتحان (البكالوريا) إذ التحق في كلية الملك فيصل ببغداد، وكانت آنذاك (مدرسة ثانوية خاصة للمتفوقين والموهوبين)؛ وبعد تخرجه أوفد إلى مصر فانتسب إلى كلية الآداب بجامعة القاهرة على البكالوريوس (1947)، الماجستير (1950)، وكانت رسالته بعنوان «حركة الزنج».
بعد عودته إلى البصرة عمل فيصل السامر بعد حصوله على البكالوريوس والماجستير مدرساًَ في دار المعلمين الابتدائية، وفي ثانوية البصرة، ثم انتقل ليصبح مدرساً لمادة التأريخ الإسلامي في دار المعلمين العالية (كلية التربية حالياً) ببغداد.
نشأته وتكوينه
وفي سنة 1953 أكمل الدكتوراه من الجامعة ذاتها وكانت رسالته بعنوان: "الدولة الحمدانية في الموصل وحلب" عمل أستاذاً ورئيساً لقسم التأريخ بكلية الآداب / جامعة بغداد مطلع السبعينات من القرن العشرين... وقد حظي بحب طلبته وزملائه، فكان بحق علماً من أعلام العراق المعاصرين، وصاحب منهج واضح في كتابة التأريخ، تتلمذ على يديه أجيال كثيرة، وتعلمت منه الصدق، والتسامح، والمحبة، والتواضع، والبساطة، وحب فعل الخير مع من يستحق ومن لا يستحق... كان الدكتور فيصل مؤرخاً، وأستاذاً جامعياً، وسياسياً، وباحثاً متميزاً، له حضور متميز على الساحة الثقافية العراقية المعاصرة.
كما كان لإسهاماته في مجال منهج البحث في الدرس والفكر التأريخيين في العراق منذ الخمسينات من القرن العشرين أثر كبير في رفعة شأن المدرسة التأريخية العراقية المعاصرة. اتجه إلى العمل السياسي وكان يسارياً وتقدمياً في تفكيره وتوجيهه، وليس ثمة دلائل على انتماءه إلى الحزب الشيوعي، على الرغم من أنه أحد مؤسسي مجلة «الثقافة الجديدة» التي صدر عددها الأول في تشرين الأول 1953. في بداية الخمسينيات ـ أيضاً ـ أسهم بفاعلية في حركة السلم التي انطلقت آنذاك، وحضر مؤتمرها السري الأول عام 1954، وفي العام نفسه أصبح مرشح الجبهة الوطنية الانتخابية عن البصرة إلى البرلمان، لكن موافقة المناوئة للحكم الملكي أدت إلى أن يفصل من الخدمة الحكومية مع عدد من زملائه ولم يكتف النظام السياسي السائد آنذاك بفصله بل ألحقه وزملائه بالخدمة العسكرية الإلزامية وأدخل دورة ضباط الاحتياط العاشرة التي خصصت للمفصولين سنة 1955، وبعد تسريحه اضطر للسفر إلى الكويت للتدريس في بعض معاهدها التعليمية ولم يعد إلى العراق إلا بعد قيام ثورة تموز 1958، إذ أصبح الدكتور السامر، من الشخصيات المهمة بعد الثورة، فتسلم مناصب عديدة منها (مدير التعليم العام) في وزارة التربية (المعارف)، وهو من الداعين لتأسيس نقابة لهم، ولما تشكلت أول نقابة بعد 14 تموز 1958، صار أول رئيس لها.
وفي سنة 1959 اختاره القائد العام للقوات المسلحة ورئيس الوزراء عبد الكريم قاسم، وزيراً للإرشاد (الإعلام)... وخلال الحقبة الوزارية أسس وكالة الأنباء العراقية، والفرقة السمفونية، ودار الأوبرا.
في عام 1961 استقال الدكتور فيصل السامر من منصبه الوزاري وقبل منصب سفير العراق في إندونيسيا وبعد انقلاب 8 شباط 1963، ذهب إلى (تشيكوسلوفاكيا) حيث عمل أستاذاً في أكاديمية العلوم في براغ. حينها أسقطت الحكومة العراقية آنذاك جنسيته العراقية وجواز السفر عنه، لقد عرضت عليه الحكومة التشيكية جنسيتها له ولأسرته، فاعتذر عن قبولها. وفي عام 1967، سمحت له الحكومة العراقية بالعودة إلى العراق، فاستعاد الجنسية العراقية. وفي تموز 1968 عاد إلى العراق والتحق بأعضاء هيئة التدريس بكلية التربية، ثم أعيد إلى قسم التأريخ بكلية الآداب ليعمل أستاذاً، وقد انتخبه زملائه رئيساً للقسم، وبقي كذلك سنوات، ثم تفرغ للبحث العلمي والتدريسي والإشراف على طلبة الدراسات العليا، تميز إنتاجه العلمي شكلا ومضمونا.
قامة عراقية..
يقول القاضي والباحث د. هادي حسن عليوي: صادق، متسامح.. يحب فعل الخير.. أخلاق رفيعة.. مثقف ذو معرفة واسعة.. مربي فاضل.. ورب أسرة ناجح.. وسياسي نقي.. ووطني مخلص غيور.. عالم في مجال اختصاصه.. متميز بصفات العلماء وتواضعهم.. مع جرأة في فهم التراث.. وقدرة عالية على الانفتاح والتعامل بوعي مع المرحلة التي عاشها.. نزيه حتى آخر رمق فيه. كان علمياً وموضوعيا لدرجة أن الدكتور حسين محفوظ قال: كان السامر احد أعضاء لجنة مناقشة طالب دكتوراه في التاريخ.. وهذا الطالب من أعضاء حزب السلطة.. وقد أبلغت لجنة المناقشة رسمياً بمنح هذا الطالب درجة الامتياز.. إلا أن الدكتور السامر رفض منح الطالب تلك الدرجة لعدم استحقاق هذا الطالب لها.
ـ منذ بدء مضايقة النظام السابق للشيوعيين والديمقراطيين ثانية منذ أواسط السبعينيات جرى التشديد على الدكتور السامر ومصادرة مؤلفاته من السوق لاسيما كتاب (ثورة الزنج) متهمين إياه بالشيوعية!! ـ عندما بدأت الدعوة لإعادة كتابة التاريخ.. التي رصد لها صدام ملايين الدولارات.. وسخر لها كل الإمكانيات.. رفض السامر بشدة إعادة كتابة التاريخ.. وقال بشكل علني: "في كل العهود وعبر التاريخ يلغي الحكام تاريخ من سبقهم وينسبون انجازات الغير إليهم.. لذا التاريخ مشوش.. لم يعجب كلام السامر هذا خير الله طلفاح خال صدام.. الذي كان يعد نفسه مؤرخاً ليخرج عبر شاشة تلفزيون بغداد معلنا: (أنا لا اتفق مع رأي السامر)!!
السامر مؤرخا
نقل عنه رأيه في التاريخ والمؤرخين وقال: "أن المؤرخ.. لا يكون مجرد راوية أمين لأحداث الماضي فقط.. فهذا واجب من واجباته فحسب.. أن الواجب الأكثر أهمية وأصالة في أن يكون المؤرخ طرفاً نشيطاً في تفسير أحداث عصره تفسيراً واعياً.. (وفي رأيه أيضاً): إذا كان من واجب المؤرخ أن يكون بين القوى المنظمة للحياة الحاضرة والمساعدة على دفعها إلى الأمام.. فإن مؤرخينا مدعوون إلى أن يسلطوا الضوء على الحلقات المضيئة والعلامات الدالة على حيوية الحضارة العربية كي نجعل التاريخ حافزاً من حوافز نضالنا ونهوضنا الحديث".
لقد كان هَمْ السامر هو أن يطلع القاصي والداني على منجزات العرب والمسلمين في حقول الحضارة والثقافة والآداب والفنون.. وكثيراً من هذه المنجزات ذات علاقة مباشرة بحمية المسلمين في نشر دينهم في كل بقعة يستطيعون الوصول إليها باعتبار ذلك جزءاً من رسالة الإسلام.. كما أن تلك المنجزات.. برأي الدكتور السامر.. ارتبطت بهدفٍ ثانٍ هو النشاط الاقتصادي الذي رافق توسع الدولة العربية الإسلامية.. وامتداد أقاليمها.. فمع أن التاجر العربي كان يسعى للحصول على الربح.. إلاّ أنه لم يألُ جُهداً في نقل عقيدته وإيصالها إلى جميع أولئك الذين يقدر له أن يتعرف عليهم في رحلاته في الأقاليم التي يذهب إليها.
منهج السامر
يقول السامر: إن المؤرخ لا يكون مجرد راوية أمين لأحداث الماضي فقط.. فهذا واجب من واجباته فحسب.. إن الواجب الأكثر أهمية وأصالة أن يكون المؤرخ طرفا نشيطا في تفسير أحداث عصره تفسيرا واعيا.. وفي رأيه أيضا: "إذا كان من واجب المؤرخ أن يكون بين القوى المنظمة للحياة الحاضرة والمساعدة على دفعها الى الأمام.. فان مؤرخينا مدعوون إلى أن يسلطوا الضوء على الحلقات المضيئة والعلامات الدالة على حيوية الحضارة العربية كي نجعل التاريخ حافزا من حوافز نضالنا ونهوضنا الحديث.
رأي السامر بهذا الشأن.. ارتبطت بهدفين: الأول: في نشر دينهم في كل بقعة يستطيعون الوصول إليها.. باعتبار ذلك جزءاً من رسالة الإسلام. الثاني: هو النشاط الاقتصادي الذي رافق توسع الدولة الإسلامية وامتداد أقاليمها.
السامر وزيرا
لنجاحه في المهمات التي أنيطت به وانجازاته وبصماته في الوظائف التي تقلدها ولسيرته العلمية والاخلاقية المرموقة وشهرته المبكرة كمؤرخ بارع؛ اختاره الزعيم عبدالكريم قاسم وزيرا للإرشاد بتاريخ 13-7-1959، بعد استقالة وزيرها الاسبق القومي محمد صديق شنشل، وقام خلال هذه المرحلة من استيزاره بسلسلة من الانجازات والبصمات المشهودة حيث شهد عهد وزارته تطوير برامج وتلفزيون جمهورية العراق، وتأسيس وكالة الانباء العراقية، وكذلك تأسيس الفرقة السمفونية ودار الاوبرا .وقدم استقالته من الوزارة في الثالث عشر من مايس سنة 1961م .
انقلاب شباط الاسود
عند حصول انقلاب شباط الاسود فجر الثامن من شباط 1963 كان الدكتور السامر وزيرا مفوضا في وزارة الخارجية العراقية في اندونيسيا وماليزيا ،ولما تناهت اليه اخبار القمع والقتل المجاني لفصائل اليسار واركان الحكومة القاسمية وفصولها المروعة من قبل عصابات الحرس القومي، اختار السامر اللجوء السياسي في عاصمة جيكوسلوفاكيا براغ وعمل هناك استاذا في جامعتها وحصل هناك على عدة اوسمة تقديرية لكفاءته العلمية، وشكل مع مجموعة من الناشطين السياسيين والمثقفين العراقيين لجنة الدفاع عن الشعب العراقي ضد الفاشست من حكومة الحرس القومي وكان معه في تلك اللجنة مجموعة من الشخصيات العراقية منها الشاعر الجواهري والوزيرة الاولى نزيهة الدليمي والفنان محمود صبري وغيرهم.
نشاطه السياسي
شارك السامر في النشاطات السياسية، وكان ليبراليا يساريا ولم يتحزب يوما وكان ضد النظام الملكي،وفي العام 1954 أعلن تأييده للجبهة الوطنية الانتخابية ورشح عن الديمقراطيين فيها وتعاون بشكل كبير مع الحزب الوطني الديمقراطي، الذي كان رأسه كامل الجادرجي، وفي العام 1955 فصل من الوظيفة، ومنذ وقت مبكر نشط في حركة المعلمين والدعوة لتأسيس نقابة خاصة بالمعلمين والتي تأسست بعد ثورة 14 تموز 1958 وأصبح أول رئيس للمعلمين، وفي 17 تموز 1959 أجرى الزعيم عبد الكريم قاسم تعديلا وزاريا على وزارته بإدخال وزراء ذوي توجه ديمقراطي تقدمي، وهم : فيصل السامر - وزيرا للإرشاد، وعوني يوسف - وزيرا للأشغال والإسكان، وعبد اللطيف الشواف - وزيرا للتجارة، ونزيهة الدليمي - وزيرة للبلديات، وفي عهد فيصل السامر، تطورت وزارة الإرشاد، وتوسعت فقد أنشأ الوزير السامر وكالة الأنباء العراقية (واع)، كما تم تأسيس الفرقة السيمفونية العراقية، وفي أيار العام 1961 استقال السامر من الوزارة فعين وزيرا مفوضا للعراق في اندونيسيا وماليزيا على التوالي... وبعد انقلاب 8 شباط 1963 عاد فيصل السامر ليعين مدرسا في كلية التربية بجامعة بغداد.
المدرسة التاريخية العراقية
يقول المؤرخ إبراهيم العلاف: في 14-12-1982 اي في مثل هذا اليوم وقبل (43) سنة توفي المؤرخ العراقي والوزير والكاتب الاستاذ الدكتور فيصل السامر رحمه الله . وكنتُ كتبت عنه في موسوعتي (موسوعة المؤرخين العراقيين المعاصرين) وقلت :"مؤرخ ، ومرب عراقي ، أستاذ جامعي ، وسياسي ، وباحث متميز ، كان له ، رحمه الله ، حضوراً متميزاً على الساحة الثقافية العراقية المعاصرة .كما كان لاسهاماته في مجال تطوير الدرس والفكر التاريخيين في العراق منذ الخمسينات من القرن الماضي اثر كبير في رفعة شأن المدرسة التاريخية العراقية المعاصرة ، عرفته عن كثب حينما كان أستاذاً ورئيساً لقسم التاريخ بكلية الآداب / جامعة بغداد مطلع السبعينات من القرن العشرين .. وقد حظي بحب طلبته وزملائه ، فكان بحق عَلَماً من أعلام العراق المعاصر ، وصاحب منهج واضح في كتابة التاريخ ، تتلمذت على يديه أجيال كثيرة ، وتعلمت منه الصدق ، والتسامح ، والمحببة ، والتواضع ، والبساطة ،وحب فعل الخير مع من يستحق ومن لا يستحق .. أتذكر بأنني كتبت عرضاً لكتابه الموسوم : " الأصول التاريخية للحضارة العربية الاسلامية في الشرق الأقصى " والذي صدر في أواخر سنة 1977 في جريدة الجمهورية ( 9 كانون الأول 1977 ) ، وعندما قرأه حرص على تقديم الشكر لي ، وحثني على مواصلة هذا النهج في الكتابة واتفق معه حينذاك أستاذي الآخر المرحوم الدكتور عبد القادر أحمد اليوسف .
ما قاله حسين علي محفوظ:
الرواد الاوائل، هم السابقون الاولون، هم الاباء، كانوا جبالا للمعرفة، وأبّحر العلم، كانوا اركان دور العلم، وأساس بيوت الحكمة، كانوا عماد المعرفة، وعمد التعلم والتعليم، قل فيهم ما تشاء، وهم ابدا دائما زينة ما يقول فيهم القائلون، كانوا سماء مدرارا، كانوا روضا معطاء، كانوا سراجا وهاجا، كانوا شموسا شارقات، والشمس تستغني عن التعريف، ولا يحتاج النهار الى دليل، كل شيء عندنا من عندهم، تلقينا منهم ما عندنا من معارف وعلوم وآداب وفنون، وصنائع وصناعات. كان الاخ المرحوم فيصل السامر، من الطراز الاول، من الجيل الراحل، الذي لم يبق منه الا حسين علي محفوظ وعدة قليلة، لا يجاوز تعدادهم الاصابع، فئة قليلة تحمل اثقال السنين، هذا قعيد البيت، وذاك جليس الدار، وذاك اسير العجز والمرض والكبر والشيخوخة والضعف والمشيب.
وحين يعود الى الراحل السامر يستذكره ويستذكر افكارا ومواقف وحكايات تفصح عن نفسها، كأنه يدعو الى مقارنتها بالحاضر، يقول: (كان فيصل مؤرخا بارزا، تعتز به البصرة، ويعتز به العراق، ويعتز به المواطن العربي، ويعتز به العالم، كان استاذا مخلصا، برا بالطلبة، وفى للاختصاص، دارسا ومدرسا وعالمل ومعلما، كان في قسم التاريخ بكلية الاداب طالب اجنبي، اُعجبنا جميعا برسالته الضخمة، التي زينها بالصور والوثائق المهمة، منا نميل ان يمنح درجة الامتياز، الا السامر، سألته رحمه الله فقال: ان الامتياز يمنح لرسالة تخلو من ايما نقص، ولا يقال فيها لو زيد ولو نقص ولو بدل، وكنت انبهه على اشياء ايام وزارته، كان يستمع لها، كان السامر ndash;رحمة الله عليه ndash; انموذج الدقة والالتزام والاتقان والضبط، ونظرة الى اصحابه ومعارفه واصدقائه توضح ضروبا من آفاقه واعراقه)، ويتوقف محفوظ ليشير الى شيء مهم (هذا، ولابد ان اشير هنا اني ابتدأت في عام 1950م باقتراح الذكريات الالفية والمئوية واليوبيلية، وقدمت في 1960 اقتراح (تقويم الخالدين) من المشاهير والاعلام والكبار، اهتم رحمه الله بالاقتراه، واولاه مزيد العناية ولكن، كان في الوزارة، من ما نريد ومن يجهل هذه الاشياء).
ويستطرد محفوظ في الاستذكار موضحا صورة مهمة من اهتمام الراحل ويشير اليها منهجا ودرسا: (تنوعت مناهج التاريخ، وتعددت مدارس المؤرخين، واختلفت الكتب والمدونات، وظلت عبارة (مرآة الزمان) التعريف الاقرب للتاريخ، وبقيت كتب التاريخ تدور حول الملوك والامراء والقادة، وظلت الامم والشعوب والناس تحت ظلال الحكام، على ان في بعض التواريخ اشارات خفيفة احيانا الى هؤلاء والى العامة في بعض الاحايين، كان المرحوم السامر من القلة التي اهتمت بالناس في التاريخ، وفي اطروحته التي عالجت الزنج من احوال المجتمع ما يعد التفاتا الى الناس وخروجا على المقلدة من المؤرخين، واذا خالفنا السامر في بعض ما ذهب اليه، واذا ما عارضناه في بعض ماأتى به، فأن الاختلاف كان يصحبه وفاق واعتناق وصداقة ومحبة ومودة واحترام).
حركة الزنج
صدور كتاب (ثورة الزنج) في خمسينات القرن الماضي لمؤلفه الدكتور فيصل السامر يعدّ منعطفاً كبيراً في كتابة التاريخ الاسلامي، إذ قدّم السامر دراسة منصفة لحركة لم ينصفها المؤرخون بعد، وكان يبدو صعباً انصافها لأن قروناً من التاريخ (الرسمي) تواطأت على ادانتها، وقالت فيها ما لم يقل الإمام مالك في الخمرة. أجل امتدت يد بارعة إلى الأكداس المتراكمة من وثائق (الادانة) لحركة الزنج فغربلها، وكما تنمو الحياة نمت الحقائق التي خشينا يوماً أن تكون قد ضاعت إلى الأبد فإذا به يضع كل شيء في نصابه ويعطي لله ما لله وما لقيصر لقيصر.
وفي بحث كهذا يكشف صاحبه القناع عن الحقيقة يتوجس المرء أن يندفع الباحث في تعصب مضاد، والحق ان فيصل السامر في كتابه هذا شخّص محاسن الحركة وعيوبها مسرودة بأمانة علمية محمودة وبموضوعية وحيادية يندر أن نجدها عند بعض المؤرخين.
مؤلفاته وبحوثه
ومن إصدارات السامر كتاب نشر سنة 1948 بعنوان: «صوت التأريخ» وضم الكتاب مضوعات عن أثينا والديمقراطية، والإسلام، والحركة البروتستانتية، والثورة الفرنسية، فضلاً عن رسالتيه الماجستير (ثورة الزنج) التي طبعت أكثر من مرة أولها ببغداد سنة 1954 وآخرها ببيروت سنة 1971 وللدكتوراه (الدولة الحمدانية في الموصل وحلب)، وقد طبعت مرتين الأولى في بغداد سنة 1953 والثانية في القاهرة سنة 1970، ويقع الكتاب في جزأين وأهم إنجازاته العلمية فضلاً عن ذلك هي:
الاصول التأريخية للحضارة العربية الإسلامية في الشرق الاقصى، بغداد، 1977. العرب والحضارة الأوربية، بغداد 1977. وهو الكتاب الأول من سلسلة كتب الموسوعة الصغيرة. ابن الاثير، بغداد، 1983. ثورة الزنج 1977. ثانياً ـ البحوث المنشورة
ومن بحوثه المنشورة: موقفنا من المدينة الغربية، الكويت، 1959. السفارات العربية إلى الصين في العصور الوسطى الإسلامية، بغداد، 1971. ملاحظات في الأوزان والمكاييل وأهميتها، بغداد 1971. التسامح الديني والعنصري في التأريخ العربي الإسلامي، بغداد 1972. الفكر العربي في مواجهة الفكر الغربي، بغداد، 1972. حركة التجديد الديني والعلماني في إندونيسيا، بغداد، 1972.
خواطر وذكريات عن طه حسين، بغداد، 1974. الأهمية الاجتماعية والاقتصادية للمكاييل والأوزان الإسلامية، باريس، 1975.
جوانب جديدة من حياة الملك فيصل الأول، باريس، 1976. اليهود لعراقيين، لمحات تأريخية، بغداد، 1977. مواد الكتابة عند العرب، تونس، 1979. العراق، اكستر، 1981. نهضة التجارة العربية في العصور الوسطى، بغداد، 1981. الحياة الحزبية في الوطن العربي بعد الحرب العالية الثانية، بغداد، 1978.










