المدى/عمار عبد الخالق
شرع موظفو مطار البصرة الدولي، اليوم الثلاثاء، في إضراب مفتوح احتجاجاً على تأخر تنفيذ مطالبهم المشروعة، مؤكدين أنهم سيستمرون في إضرابهم حتى تحقيق كامل حقوقهم المالية والوظيفية. ويطالب الموظفون بإعادة ربط جميع المطارات العراقية بالشركة العامة لخدمات الملاحة الجوية وصرف مستحقاتهم المالية المتأخرة بأثر رجعي، معتبرين أن هذه الحقوق شرط أساسي لاستقرار عملهم وضمان بيئة عمل آمنة وفعالة.
وحذر الموظفون الجهات المعنية من أي تبعات قد تنجم عن استمرار الإضراب، مؤكدين أن خطواتهم تهدف إلى حماية حقوقهم الوظيفية وتحسين ظروف العمل داخل المطارات العراقية. وفي الوقت ذاته، يترقب المواطنون والأطراف الرسمية مدى تجاوب السلطات وإعادة الحركة الجوية إلى طبيعتها.
وفي السياق ذاته، أعرب عدد من المسافرين عن قلقهم من توقف بعض الرحلات وتأجيلها، مشيرين إلى أن استمرار الإضراب لفترة طويلة قد يؤثر على خطط السفر ويزيد من الضغوط على القطاع المدني والخدمات المرتبطة بالمطار.
وأكد الكابتن حسين شاكر، ممثل المتظاهرين من موظفي مطار البصرة الدولي، في حديثه لـ(لمدى) أن فصل المطارات عن شركة الملاحة الجوية في الشهر الثاني من العام الحالي أدى إلى قطع الحوافز المالية الشهرية للموظفين، واصفاً القرار بـ “المجحف”.
وأضاف شاكر أن “جميع أقسام مطار البصرة تأثرت بشكل واضح نتيجة نقص التخصيصات المالية، وقد وصل الوضع إلى حد تهديد الموظفين بإيقاف العمل بسبب تدني أوضاعهم المالية، التي تشمل العلاوات والترفيعات.”
وأشار إلى أن “الحاجة أصبحت ملحة لدرجة أن الموظفين اضطروا إلى تغطية بعض نفقات المطار من حساباتهم الشخصية، بما في ذلك تأمين مادة البنزين لسيارات الإطفاء والإسعاف التي تعمل على مدار الساعة لضمان سير العمليات على المدارج، مبيناً أن إيرادات المطار لا تقل عن 16 مليار دينار في الشهر الواحد.”
وأوضح شاكر أن توقف سيارات الإطفاء والإسعاف عن العمل بسبب نقص الوقود سيهدد سلامة المدارج والطائرات، ويجعل أي حالة طارئة أكثر خطورة وقد تؤدي إلى حوادث، لا قدر الله. كما أن توقف الخدمات اللوجستية والتشغيلية سيضر بالمعدات والأجهزة داخل المطار، ويؤدي إلى خسائر مالية كبيرة، ويضع سمعة المطار على المحك، ويزيد من استياء المسافرين الذين يعانون أصلاً من تأخر الرحلات وغياب المعلومات الدقيقة حول مواعيدها.
من جانبه، أوضح الموظف ياسين علي في حديثه لـ(المدى) أن استمرار الأزمة المالية وتأخر صرف المستحقات يجعل الموظفين غير قادرين على الاستمرار في العمل بشكل طبيعي، مما يضاعف خطر توقف كامل للمطار، وبالتالي فإن الحل العاجل لصرف المستحقات المالية وتوفير الموارد الأساسية هو السبيل الوحيد لضمان استقرار العمل وحماية سلامة المسافرين والطائرات على حد سواء.
وأكد علي أن الحوافز والأرباح والعلاوات هي أساس معيشتهم الشهرية، وأنهم لا يعتمدون على الراتب الأساسي فقط، مشيراً إلى أن غياب هذه المستحقات على مدى الأشهر الماضية جعل حياة الموظفين صعبة للغاية، إذ أصبحوا مضطرين لتقليص نفقاتهم وتأجيل بعض الالتزامات الضرورية، مما أثر على جودة حياتهم وقدرتهم على تلبية متطلبات أسرهم.
وأضاف أن استمرار تأخر صرف هذه المستحقات يزيد الضغط النفسي والمعنوي على الجميع، ويؤدي إلى شعور بالإحباط واليأس لدى الموظفين الذين ظلوا ملتزمين بالعمل رغم الظروف الصعبة، مؤكداً أن هذا الوضع لا يهدد حياة الموظفين فقط، بل يمتد تأثيره إلى الخدمات المقدمة للمسافرين، حيث أصبح سير العمل متعثراً، والموظفون عاجزون عن تقديم الخدمات بنفس الكفاءة السابقة نتيجة ضعف الدعم المالي.
وتعد أزمة الموظفين في مطار البصرة جزءاً من تحديات أوسع تواجهها المطارات العراقية منذ سنوات، خصوصاً بعد فصل بعض المطارات عن الشركة العامة لخدمات الملاحة الجوية وتحويل إدارتها إلى شركات ومؤسسات مستقلة، وهو ما أدى إلى ضعف التمويل وتأخر صرف الحوافز المالية للموظفين في عدد من المطارات.
وبحسب تقارير سابقة، فإن قطاع الطيران المدني في العراق يعاني من قصور في التمويل وتدني مستوى الخدمات، خصوصاً في مطارات المحافظات الجنوبية والشرقية، حيث يعتمد الموظفون بشكل كبير على الحوافز الإضافية لتغطية نفقاتهم الشهرية. وأدى ضعف التمويل إلى تأخر صرف الرواتب، ونقص الوقود، وتأخر الصيانة، ما أثر على جودة الخدمات المقدمة للمسافرين.
كما أن الموظفين يواجهون ضغوطاً إضافية نتيجة الأوضاع الأمنية غير المستقرة في بعض المناطق، والتحديات اللوجستية المرتبطة بالحفاظ على سلامة الطائرات والبنية التحتية للمطارات. وتشير التقارير إلى أن الموظفين كانوا مضطرين أحياناً لتغطية بعض النفقات التشغيلية من حساباتهم الخاصة لضمان استمرار العمل، وهو ما يعكس حجم الأزمة المالية التي يعانيها القطاع.
وتشير بيانات رسمية إلى أن مطار البصرة الدولي يعد واحداً من أكبر المطارات في جنوب العراق، ويستقبل عشرات الرحلات اليومية المحلية والدولية، ويعتمد عليه آلاف المسافرين والسائحين ورجال الأعمال. كما أن المطار يلعب دوراً استراتيجياً في دعم الحركة الاقتصادية والتجارية في المحافظة، وهو ما يجعل استقرار عمله ضرورياً للحفاظ على سمعة العراق في قطاع الطيران المدني.
وقد دعا عدد من نشطاء الطيران المدني والحقوقيين الحكومة العراقية إلى التدخل الفوري لإنهاء الأزمة، وصرف المستحقات المتأخرة للموظفين، وتحسين أوضاعهم الوظيفية، بما يضمن استمرار العمل في المطارات وتقديم الخدمات بكفاءة عالية. وأكدوا أن تجاهل هذه المطالب قد يؤدي إلى تفاقم الأزمة وتأثيرها على آلاف المسافرين والاقتصاد المحلي. كما أن استمرار الإضراب يضع الجهات الرسمية أمام تحدٍ مباشر، يتطلب حلولاً سريعة وفعالة، بما في ذلك إعادة النظر في سياسات فصل المطارات عن الشركة العامة لخدمات الملاحة الجوية، وضمان تمويل ثابت ومستمر لكافة العمليات التشغيلية وصرف المستحقات المتأخرة للموظفين.
ويأتي هذا الإضراب في ظل مطالبات سابقة للموظفين بتحسين أوضاعهم الوظيفية ومعالجة التجاوزات الإدارية والمالية التي يشكون منها منذ سنوات، وهو ما يجعل الوضع الحالي اختباراً لقدرة الجهات الرسمية على الاستجابة لمطالب القطاع المدني الحيوي وضمان استمرارية الخدمات الأساسية للمواطنين والمسافرين.










