TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

نشر في: 4 ديسمبر, 2025: 12:48 ص

 علي حسين

في مثل هذه الأيام، وبالتحديد في الثاني من كانون الاول عام 1971، أعلن الشيخ زايد عن انبثاق اتحاد الامارات العربية، وعندما جلس الرجل البالغ آنذاك خمسين عاماً على كرسي رئاسة الدولة، كانت أول الكلمات التي اتخذها منهجاً لحكومته هي "لا قيمة للمال إذا لم يسخّر لخدمة الشعب". وكان يرى أن "الحاكم الذي يوضع في السلطة ليحمي مصالح الشعب، سيكون دون قيمة إذا عاش لنفسه، وسخّر ثروات البلاد لمصالحه الذاتية" .
بهذه العبارة بدأت نهضة دولة الإمارات، لتصبح بعد عقود قصيرة واحدة من أنجح اقتصاديات العالم، المواطن فيها يحصل على دخل سنوي متميز. كان الهدف الذي سعى حكام الامارات لأجله: تحقيق حياة أفضل للمواطنين والإسراع بمعدلات النمو عاماً بعد آخر.. في سنوات حكمه الأولى شعر الشيخ زايد أن إيصال الثروة والرفاهية للمواطنين قد يستغرق زمناً طويلاً، فكان أن قرر منح كل مواطن راتباً، وعندما لاحظ إحجام بعض العوائل عن إرسال أطفالهم إلى المدارس، أعلن عن منحة مالية لكل طالب وطالبة يذهبون بانتظام إلى المدرسة، لتصبح الإمارات بعد سنوات من رحيل مؤسسها على قائمة الدول الأولى في جودة التعليم إلى جانب اليابان وكوريا الجنوبية وسنغافورة وفنلندا.
على مدى سنوات حكمه التي تجاوزت الثلاثة عقود ورغم النهضة الكبيرة التي شهدتها الإمارات، ظل الشيخ زايد يردد : "ما زلنا في بداية الطريق"، فقد كان يؤمن أن ما حدث في الإمارات هو بداية الطريق لانطلاقات أكبر وانجح .
تخلصت الإمارات من فوضى المصطلحات السياسية الزائفة وشعاراتها الرنانة ، لتنشئ بدلاً منها الشركات والجامعات ومتاحف الفنون والمكتبات . تتحول الصحراء إلى مدن بشوارع تشع سعادة وأحلام متواصلة تُصبح بفضل حكمة المسؤولين عن ادارتها إلى حقائق وارقام تنافس ارقام ومباهج بلدان العالم المتطورة.
عندما تأسس اتحاد الامارات العربية كان العراق آنذاك ، يقدم خبراته إلى الجميع، وعقوله تسعى لتعمير البلدان، وبعد خمسة عقود تحولت الإمارات إلى ورشة للعمل، فيما لا يزال العراق حائراً في عدد الأحزاب وتوزيع مقاعد برلمانه " العتيد " بين الطوائف والخلاف على قوانين تثير الشقاق والنعرات الطائفية.
54عاما اثبتت فيها الامارات أن هناك طريقين للحكم : طريق تعيش فيه البلاد في ظل نظام طبيعي عادي ليس فيه شعارات وحروب، وطريق تتبدد فيه الثروات مثلما تتبدد فيه مصائر الناس ، وقد اختارت الامارات العيش في نظام يحترم الحياة .
الذين يقلبون صفحات السيرة المضيئة والمتميزة لباني اتحاد الامارات العربية ، سيدركون قضية جوهرية خلاصتها : لكي تبقى ذكرى الحاكم ساطعة في نفوس أبناء بلده عليه أن يحررهم من العوز والخوف من المجهول . وان يحجز لمواطنيه مكانا في المستقبل .وهذا ما فعله الراحل الشيخ زايد بتفوق .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram