TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: مطاردة "حرية التعبير"!!

العمود الثامن: مطاردة "حرية التعبير"!!

نشر في: 7 ديسمبر, 2025: 12:10 ص

 علي حسين

أبحث في الأخبار ومجادلات الساسة عن موضوع لعدد اليوم ، وربما عن فكرة أقنع بها القارئ المحاصر بقطع الطرق والأرزاق، وبالعيش في مدن مثل حقول الألغام، شعارها التمييز، ومنهجها الإقصاء، ودليلها السكون، وغايتها بطالة العقول والنفوس قبل بطالة الأبدان.
في كل يوم تواجه بهذا السؤال الأزلي: لماذا تكتب عن فلان وتستثني"علان"، لماذا أنتم معشر الكتاب تناصبون النائب"الشجاع"العداء فيما تغضّون الطرف عن نائب" آخر من غير طائفة؟! .
ماذا نكتب ياسادة في بلد يرفع سيف"دولة الاصلاح "في وجه حرية التعبير، ويعتبر الحديث عن الفساد والمفسدين رجساً من عمل الشيطان، في موسوعته الكبيرة لمحات اجتماعية من تاريخ العراق يروي علي الوردي نقلا عن مؤرخ تركي: أن صحفياً في إسطنبول وجد مقالاته كثيراً ما تمنع من قبل الرقابة، فذهب إلى مدير الرقابة يسأله عن الحدود التي يستطيع أن يكتب فيها من دون أن تُمنع مقالاته، فأجابه المدير بأريحية قائلاً:"تستطيع ياعزيزي أن تكتب في كل شيء"ولمّا أبدى الصحفي استغرابه من هذا الجواب، أخذ مدير الرقابة يوضّح له المقصود من عبارة"كل شيء" وقال له:"طبعاً! عن كل شيء سوى، الحكّام والحكومات الأجنبية الصديقة والثورة والاضطرابات والفوضى والحرية وحقوق الشعب والسياسة الخارجية والسياسة الداخلية والدين والتفكير الحر والسلطات وحريم السلطان والوطن والأمة والقومية والنواب والشيوخ والدستور والمؤامرات ومدحت باشا ونظمي بك والسلطان مراد والإصلاحات و موسم الجراد وبعض المواضيع الأخرى المتصلة إلى حد ما بهذه المواضيع".
يخبرنا "الإسطنبولي"الحائز على نوبل للآداب أورهان باموق انه بدأ حياته صحفيا، ضاربا بعرض الحائط بنصيحة والديه اللذين حذراه من السجن أو الموت مشردا في مهنة تقلق السلطات حتى الديمقراطية منها.. فكيف وأنت في إسطنبول التي تصحو كل صباح على خطاب جديد من خطابات الجنرالات ؟ ترك ال جانبا نصيحة ودرس الصحافة ليصبح مثل معلمه ماركيز، ثاني أكابر نوبل يدخل إلى عالم الرواية من بوابة السلطة الرابعة.. يكتب باموك بعد صمت 6 سنوات في جريدة حرييت التركية مهاجما الرئيس التركي أردوغان:"إن الأسوأ هو الخوف.. ألاحظ أن الجميع خائفون وهذا ليس طبيعيا حرية التعبير تدنت حتى أصبحت في الحضيض" ويضيف:"سياسيونا يدلون بتصريحات متهوّرة في وكأنهم يريدون إثارة شجار"
في فصل من فصول روايته " الكتاب الاسود " يروي باموق عن نصائح يقدمها أشهر ثلاثة من كتّاب الأعمدة إلى هذا كاتب عمود يومي والتي جاء فيها: "كاتب العمود ليس الحكيم إيسوب وليس مولانا الرومي، لا تكتب بحسب ذكاء القارئ بل بحسب ذكائك، لا تجلس إلى طاولة الكتابة قبل أن تجد جملتك الأولى.، اجعل قارئك يؤمن بأن هناك عقيدة صادقة لك..، لا تنس أنك شيطان وملاك ودجّال،لأن القرّاء يملّون من الطيب تماماً والسيئ تماماً، لا تنس أن عدم الفاهمين بقدر الفاهمين".

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

العمود الثامن: مطاردة "حرية التعبير"!!

 علي حسين أبحث في الأخبار ومجادلات الساسة عن موضوع لعدد اليوم ، وربما عن فكرة أقنع بها القارئ المحاصر بقطع الطرق والأرزاق، وبالعيش في مدن مثل حقول الألغام، شعارها التمييز، ومنهجها الإقصاء، ودليلها...
علي حسين

قناديل: حين استيقظ العراقي ولم يجد العالم

 لطفية الدليمي لعلّ بعض القرّاء مازالوا يذكرون أحد فصول كتاب اللغة الإنكليزية للصف السادس الإعدادي. تناول الفصل إيجازاً لقصّة كتبها (إج. جي. ويلز) في سبعينات القرن الماضي، عنوانها (النائم يستيقظ The Sleeper Awakes)....
لطفية الدليمي

قناطر: أنقذوا الثقافة من الأدعياء

طالب عبد العزيز منذ قرابة عقد من الزمن وأتحاد الادباء في البصرة يعاني من أزمة في اختيار مجلس إدارته، وهو بعلة لا يبدو التعافي منها قريباً، بسبب الاقتتال على المقاعد الخمسة الأولى التي تمثله....
طالب عبد العزيز

الانتخابات العراقية عام 2025: التحديات الداخلية في ظل ضغوط دولية متزايدة ..

كارول ماسالسكي ترجمة : عدوية الهلالي في يوم الثلاثاء، 11 تشرين الثاني 2025، أجرى العراق سادس انتخابات برلمانية ديمقراطية منذ سقوط صدام حسين عام 2003. وقد حققت القائمة الشيعية «ائتلاف الإعمار والتنمية»، بقيادة رئيس...
كارول ماسالسكي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram