TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > بين الولاية الثانية والمعارضة

بين الولاية الثانية والمعارضة

نشر في: 8 ديسمبر, 2025: 12:10 ص

د. أثير ناظم الجاسور

بعد انتهاء الانتخابات وتكشفت الأعداد بالاصوات والمقاعد ووفق ترتيب الفائزين مع تفاوت الأصوات وأيضا المقاعد إلا أن واقع ما بعد الانتخابات لم يحدد من الفائز بعد، وهذا يعكس ضرورة فهم اكثر من جانب الأول دستوري بتفسير المادة (٧٦) منه التي لاتزال حمالة أوجه وبين الرابح والخاسر ضاع تفسيرها والفيصل هنا تبقى المحكمة الاتحادية هي من تضع التفسير النهائي، بالرغم من أن الفهم الصحيح لها يكون للفائز وهذا من بديهيات المخرج الانتخابي إذا تعاملنا بشفافية معه، أما إذا كنا أمام معضلة من بداية العمل فهذا يحيلنا إلى التفسير الحاصل بالنسبة للاقوى ولمن يمتلك القرار النهائي بكل تجلياته، لكن من واقع التفسير الذي أصبح عرفاً سياسياً فالفائز أو المتحكم هو عدد المقاعد وما سيترتب عليها من رسم صورة تتناسب ومن يمتلك الكثرة العددية، بالتالي نحن أمام صراع سياسي جديد لا يطفئ نيرانه الا أن يكون للسلطة القضائية دور إذا كانت هناك النية من قبل القضاء فض هذا النزاع الدستوري حول هذه المادة، القضية الأخرى هناك مجموعة من التفاهمات التي ستحدث بين أصدقاء ومتخاصمين ومختلفين وهذا طبيعي في عالم السياسة لكن غير الطبيعي كم التنازلات التي ستقدم في سبيل تمرير مشروع واخر وفق الاملاءات الداخلية التي تفرضها الكتل الاقوى وخارجية وفق استراتيجيات مرسومة حتى قبل الانتخابات، القضية الثالثة هي مدى قدرة أو صمود قائمة السيد السوداني بوجود الاغراءات التي سيواجهها مرشحوه ومكاسب لا تُعد، والتجارب على مدار الدورات الانتخابية السابقة واضحة فيما يخص عملية تطويق الفائز وتحجيم قدراته فضلاً عن انهيار مُعد مسبقاً من قبل الخصوم، هذه سيناريوهات تجعل من الأعمار والتنمية بقيادة السيد السوداني بضرورة مراجعة وقراءة الواقع السياسي جيداً.
بلغة أكثر وضوحاً الإطار التنسيقي لن يسمح قدر الإمكان ببروز قيادة جديدة تكون قد خرجت من تحت عباءته لتتسيد المشهد السياسي، وتكون قد حازت على ثقة ولو نسبة مقبولة من قبل الشعب مما يُهدد تماسك الاطار، بالتالي ستعمل القوى المؤتلفة (الإطار التنسيقي) على التعامل مع الموقف داخل قبة البرلمان بحزم شديد فيما يخص تسمية رئيس الوزراء القادم واختياره هذا إن لم يكن قد تم اختياره مسبقاً، فالتجديد للسيد السوداني له تبعاته السياسية تشريعياً وتنفيذياً، فليست بالبساطة التي يتصورها البعض بالرغم من أن عملية تجديد الثقة لرئيس الوزراء بولاية ثانية تعطي قوى الاطار الفرصة في تحديد الأولويات وتتعدد خياراتها في الكثير من القضايا التي تم الاختلاف عليها مسبقاً، لكن هذا الحديث عن الشأن الداخلي لا يخلو من تدخلات وضغوطات إقليمية ودولية ترفض مجموعة من التغييرات الحاصلة بالنهاية سيلعب العامل الخارجي دور كبير في رسم معادلة سياسية جديدة في العراق تتناغم مع الوضع العالمي برمته، وهي بالضرورة ستكون الزاوية الحادة التي ستحدد معالم السياسة العراقية قادمة.
بالمحصلة سواء بقي تحالف السيد السوداني على وضعه الحالي أو تعرض لانسحابات واردة جداً، فإن واحدة من خطوط دفاعه الأكثر وضوحا أن يتهيأ إلى خلق معارضة سياسية داخل قبة البرلمان مرتبطة بالضرورة مع المعارضة التي ستتكون خارج البرلمان من الأحزاب والشخصيات السياسية فضلا عن دور المنظمات الاجتماعية، بالتالي سيكون لها دور في مراقبة عمل كل من السلطتين التشريعية والتنفيذية ووضع الحلول التي ومساندة مدخلات الشارع، في هذه الحالة سنكون أمام مرحلة جديدة من العمل السياسي المُراقب من خلال إعادة فكرة المعارضة التصحيحية التي تعمل على قراءة الواقع السياسي بشكل واضح ودراسته ومتابعته بعمق من أجل تعديل المسارات المؤسسية التي بالتأكيد ستعاني من اختلالات واضحة في الأداء والإجراءات، هذه المعارضة بفعلها السياسي ستسير وفق مستقيمين متناغمين الأول رسمي داخل البرلمان يؤدي مهامه السياسية والدستورية والثاني قيادة الشارع الذي يُشكل الضغط الأكبر سواء ناخبين الكتل الفائزة وكذلك الخاسرين والمقاطعين، مساحة التفكير بخلق جو معارض إيجابي يقوم ويحاسب ويعدل ويصحح تعد تجربة إيجابية أيضآ على اعتبار أن الجو السياسي العراقي طيلة السنوات الماضية لعبت المناكفات وسياسة التسقيط دور في عرقلة عمل السلطة التشريعية، بالمحصلة عمل المعارضة هنا سيكون أمام خيارات متعددة قد تتمتع بمساحة العمل السياسي والاجتماعي بمستويات عالية جداً تتيح له رسم خارطة سياسية عراقية مختلفة للاربع سنوات القادمة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

التلوث البيئي في العراق على المحك: "المخاطر والتداعيات"

العمود الثامن: سياسيو الغرف المغلقة

 علي حسين في السبعينيات سحرنا صوت مطرب ضرير اسمه الشيخ امام يغني قصائد شاعر العامية المصري احمد فؤاد نجم ولازالت هذه الاغاني تشكل جزءا من الذاكرة الوطنية للمثقفين العرب، كما أنها تعد وثيقة...
علي حسين

زيارة البابا لتركيا: مكاسب أردوغان السياسية وفرص العراق الضائعة

سعد سلوم بدأ البابا ليو الرابع عشر أول رحلة خارجية له منذ انتخابه بزيارة تركيا، في خطوة رمزية ودبلوماسية تهدف إلى تعزيز الحوار بين المسلمين والمسيحيين، وتعزيز التعاون مع الطوائف المسيحية المختلفة. جاءت الزيارة...
سعد سلّوم

السردية النيوليبرالية للحكم في العراق

احمد حسن تجربة الحكم في العراق ما بعد عام 2003 صارت تتكشف يوميا مأساة انتقال نموذج مؤسسات الدولة التي كانت تتغذى على فكرة العمومية والتشاركية ومركزية الخدمات إلى كيان سياسي هزيل وضيف يتماهى مع...
احمد حسن

الموسيقى والغناء… ذاكرة الشعوب وصوت تطوّرها

عصام الياسري تُعدّ الموسيقى واحدة من أقدم اللغات التي ابتكرها الإنسان للتعبير عن ذاته وعن الجماعة التي ينتمي إليها. فمنذ فجر التاريخ، كانت الإيقاعات الأولى تصاحب طقوس الحياة: في العمل، في الاحتفالات، في الحروب،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram