د. أثير ناظم الجاسور
بعد انتهاء الانتخابات وتكشفت الأعداد بالاصوات والمقاعد ووفق ترتيب الفائزين مع تفاوت الأصوات وأيضا المقاعد إلا أن واقع ما بعد الانتخابات لم يحدد من الفائز بعد، وهذا يعكس ضرورة فهم اكثر من جانب الأول دستوري بتفسير المادة (٧٦) منه التي لاتزال حمالة أوجه وبين الرابح والخاسر ضاع تفسيرها والفيصل هنا تبقى المحكمة الاتحادية هي من تضع التفسير النهائي، بالرغم من أن الفهم الصحيح لها يكون للفائز وهذا من بديهيات المخرج الانتخابي إذا تعاملنا بشفافية معه، أما إذا كنا أمام معضلة من بداية العمل فهذا يحيلنا إلى التفسير الحاصل بالنسبة للاقوى ولمن يمتلك القرار النهائي بكل تجلياته، لكن من واقع التفسير الذي أصبح عرفاً سياسياً فالفائز أو المتحكم هو عدد المقاعد وما سيترتب عليها من رسم صورة تتناسب ومن يمتلك الكثرة العددية، بالتالي نحن أمام صراع سياسي جديد لا يطفئ نيرانه الا أن يكون للسلطة القضائية دور إذا كانت هناك النية من قبل القضاء فض هذا النزاع الدستوري حول هذه المادة، القضية الأخرى هناك مجموعة من التفاهمات التي ستحدث بين أصدقاء ومتخاصمين ومختلفين وهذا طبيعي في عالم السياسة لكن غير الطبيعي كم التنازلات التي ستقدم في سبيل تمرير مشروع واخر وفق الاملاءات الداخلية التي تفرضها الكتل الاقوى وخارجية وفق استراتيجيات مرسومة حتى قبل الانتخابات، القضية الثالثة هي مدى قدرة أو صمود قائمة السيد السوداني بوجود الاغراءات التي سيواجهها مرشحوه ومكاسب لا تُعد، والتجارب على مدار الدورات الانتخابية السابقة واضحة فيما يخص عملية تطويق الفائز وتحجيم قدراته فضلاً عن انهيار مُعد مسبقاً من قبل الخصوم، هذه سيناريوهات تجعل من الأعمار والتنمية بقيادة السيد السوداني بضرورة مراجعة وقراءة الواقع السياسي جيداً.
بلغة أكثر وضوحاً الإطار التنسيقي لن يسمح قدر الإمكان ببروز قيادة جديدة تكون قد خرجت من تحت عباءته لتتسيد المشهد السياسي، وتكون قد حازت على ثقة ولو نسبة مقبولة من قبل الشعب مما يُهدد تماسك الاطار، بالتالي ستعمل القوى المؤتلفة (الإطار التنسيقي) على التعامل مع الموقف داخل قبة البرلمان بحزم شديد فيما يخص تسمية رئيس الوزراء القادم واختياره هذا إن لم يكن قد تم اختياره مسبقاً، فالتجديد للسيد السوداني له تبعاته السياسية تشريعياً وتنفيذياً، فليست بالبساطة التي يتصورها البعض بالرغم من أن عملية تجديد الثقة لرئيس الوزراء بولاية ثانية تعطي قوى الاطار الفرصة في تحديد الأولويات وتتعدد خياراتها في الكثير من القضايا التي تم الاختلاف عليها مسبقاً، لكن هذا الحديث عن الشأن الداخلي لا يخلو من تدخلات وضغوطات إقليمية ودولية ترفض مجموعة من التغييرات الحاصلة بالنهاية سيلعب العامل الخارجي دور كبير في رسم معادلة سياسية جديدة في العراق تتناغم مع الوضع العالمي برمته، وهي بالضرورة ستكون الزاوية الحادة التي ستحدد معالم السياسة العراقية قادمة.
بالمحصلة سواء بقي تحالف السيد السوداني على وضعه الحالي أو تعرض لانسحابات واردة جداً، فإن واحدة من خطوط دفاعه الأكثر وضوحا أن يتهيأ إلى خلق معارضة سياسية داخل قبة البرلمان مرتبطة بالضرورة مع المعارضة التي ستتكون خارج البرلمان من الأحزاب والشخصيات السياسية فضلا عن دور المنظمات الاجتماعية، بالتالي سيكون لها دور في مراقبة عمل كل من السلطتين التشريعية والتنفيذية ووضع الحلول التي ومساندة مدخلات الشارع، في هذه الحالة سنكون أمام مرحلة جديدة من العمل السياسي المُراقب من خلال إعادة فكرة المعارضة التصحيحية التي تعمل على قراءة الواقع السياسي بشكل واضح ودراسته ومتابعته بعمق من أجل تعديل المسارات المؤسسية التي بالتأكيد ستعاني من اختلالات واضحة في الأداء والإجراءات، هذه المعارضة بفعلها السياسي ستسير وفق مستقيمين متناغمين الأول رسمي داخل البرلمان يؤدي مهامه السياسية والدستورية والثاني قيادة الشارع الذي يُشكل الضغط الأكبر سواء ناخبين الكتل الفائزة وكذلك الخاسرين والمقاطعين، مساحة التفكير بخلق جو معارض إيجابي يقوم ويحاسب ويعدل ويصحح تعد تجربة إيجابية أيضآ على اعتبار أن الجو السياسي العراقي طيلة السنوات الماضية لعبت المناكفات وسياسة التسقيط دور في عرقلة عمل السلطة التشريعية، بالمحصلة عمل المعارضة هنا سيكون أمام خيارات متعددة قد تتمتع بمساحة العمل السياسي والاجتماعي بمستويات عالية جداً تتيح له رسم خارطة سياسية عراقية مختلفة للاربع سنوات القادمة.










