د. بهاء محمود علوان
مهد عصر التنوير في ألمانيا الطريق أمام المرأة للدخول في المجال الثقافي، وأنتج هذا العصر العديد من الكاتبات المشهود لهن على الصعيد الأدبي. وجاءت الانطلاقة الحقيقية للمرأة في العصر الرومانسي الذي تلي عصر التنوير. وخلال العصر الرومانسي الذي أمتدَ (1795-1848)، كان يُنظر إلى دور المرأة في المجتمع على نحو أكثر تقدمية. وقد مكّنت هذهِ النظرة إلى المرأة العديد من نساء الطبقة العليا من المشاركة في الحياة الثقافية على قدم المساواة مع الرجال. ولأول مرة لم تعد الكاتبات يُعتبرن غريبات على المجتمع الثقافي، بل أصبحن أنفسهن محور اهتمامٍ كبير ومركزاً بائناً للعديد من الأنشطة والفعاليات الثقافية والأدبية. ومن أبرز النساء اللاتي كان لهن دوراً كبيراً في الساحة الثقافية في ألمانية هي الكاتبة الكبيرة (كارولين شيلينك). كانت هذهِ الكاتبة الكبيرة تتمتع بشخصية بارزة ونتاجٍ كبير. تزوجت كارولين شيلينك في البداية من الكاتب والباحث الأدبي (أوغست فيلهلم شليغل)، ثم من الفيلسوف فيلهلم فون شيلينك. حتى في زواجها الأول، استطاعت أن تُظهر موهبتها فقد نشرت مع زوجها الأول ترجمة شاملة لأعمال الكاتب الكبير وليام شكسبير. وعلاوة على ذلك فقد أسست حلقة رومانسية في مدينة (يينا) الألمانية، وضمت العديد من الموسيقيين والفلاسفة وكتابًا ورسامين معروفين. كما كان للصالون الذي أنشأته الكاتبة البرلينية (راحيل فارنهاغن فون إنسي) ملتقىً للتبادل الفكري الرومانسي. وأصبح كلا المكانين مرادفًا لثقافة الصالون التي ميزت العصر الرومانسي. علاوة على ذلك، تُعتبر رسائل (فارنهاغن)، المنشورة في عام 1834، وثائق تاريخية قيّمة للفكر الرومانسي، ولحركة التحرر المبكرة في ألمانيا كذلك. ومن الشخصيات البارزة الأخرى في المشهد الرومانسي النسائي (دوروثيا شليغل). ابنة الفيلسوف (موسى مندلسون)، التي تزوجت الشاعر والفيلسوف الثقافي (فريدريش شليغل)، الذي كان زوجها الثاني، وعاشت معه في مدينة (يينا) وكذلك في (باريس).
أما الكاتبة (فلورنتين) فقد نشرت روايتها الأولى في عام 1801، وتُعتبر من أبرز أعمال الرومانسية في ألمانيا وفي أوروبا قاطبةً. ومن الشخصيات النسائية البارزة الأخرى في الرومانسية (بيتين فون أرنيم)، التي برزت في عالم الأدب بعد وفاة زوجها، الكاتب الرومانسي أخيم فون أرنيم. ومن الجدير بالذكر أنها كانت أختاً للكاتب الكبير كليمنس برينتانو.
وفي عام 1840 أقامت الكاتبة (بيتين فون أرنيم) نصبًا أدبيًا لزميلتها الكاتبة وصديقتها (كارولين فون غوندرود)، مع سيرة ذاتية لاقت استحسانًا واسعًا. كانت غوندرود نفسها تنتمي إلى الدائرة النسائية الرومانسية، ونشرت ديوانها الكئيب (قصائد وخيالات) عام 1804، واعتُبرت من أبرز المواهب الأدبية - حتى انتحرت عام 1806 بسبب قصة حب تعيسة.
كارولين شيلينك رائدة الرومانسية الألمانية

نشر في: 8 ديسمبر, 2025: 12:14 ص








