علي حسين
في خبر يؤكد اننا نعيش عصر الكوميديا السياسية ، قررت الهيئة القضائية للانتخابات استبعاد المرشح الفائز عن محافظة نينوى نجم الجبوري ، طبعا الهيئة وكالعادة لم تخبرنا ماهي الاسباب ، لكنها الهيئة نفسها كانت قد اصدرت في شهر آب الماضي بيانا سمحت فيه للجبوري بالاشتراك في الانتخابات . وما بين السماح والعودة الى الاجتثاث ، تكمن حكاية العملية السياسية في بلاد الرافدين
منذ سنين ونحن نعيش مع صولة قانون "المساءلة والعدالة"، وكان قبل هذا يسمى "الاجتثاث"، ولا يزال البعض ينادي باعتبار معظم العراقيين من "العهد المباد"! ويجب إبادتهم. وأن أمامهم طريقان ، إما الاجتثاث أو التسبيح بحمد الطبقة السياسية ، وعدم الاقتراب من البروفيسورة عالية نصيف .
اليوم يصرّ البعض على أن يمارس مع هذا الشعب المغلوب على امره لعبة ساخرة، مصراً على اعتبار المواطن فاقداً للذاكرة. ففي موقف حتى يصدق ان قرار الهيئة القضائية للانتخابات جاء لمصلحة المواطن الذي يجب عليه ان يصفق لاستبعاد الفائز بالانتخابات نجم الجبوري ... تخيل جنابك رجلاً عسكرياً تولى عدد من المناصب منها قائداً لعمليات تحرير نينوى، ومنذ سنوات تم تكليفه بمنصب المحافظ، إلا أن الهيئة بعد ان صحت من نومها اكتشفت أن نجم الجبوري مشمول بقانون الاجتثاث.. بماذا يذكرك هذا عزيزي القارئ؟، بقرارات قرقوشية كثيرة أصدرتها هذه الهيئة الموقرة ضد بعض الشخصيات، ثم شاهدنا هذه الشخصيات المجتثة تحصل على مناصب كبيرة وتجلس تتسامر مع أعضاء اللجنة.
ونحن نتابع صولات الاجتثاث ننظر جيداً إلى قائمة السياسيين ونكتشف أين تختبئ مأساتنا، ومن يحمل الأفكار الطائفية والإقصائية، وكيف أن العديد من سياسيي ما بعد 2003 ينطبق عليهم قانون الاجتثاث، ومثلما تطالبنا الجهات السياسية بعدم المساس والاقتراب من "الرموز الوطنية"، أطالب أنا العبد الفقير لله، بتطبيق المادة السادسة من قانون الاجتثاث على معظم الذين تسببوا بخراب العراق وتعطيله ، وهي المادة التي جاء فيها: "يطبّق القانون على جميع الأحزاب والكيانات والتنظيمات السياسية التي تنتهج أو تتبنى العنصرية أو الإرهاب أو التكفير أو التطهير الطائفي أو تحرّض عليه أو تمجّد له أو تتبنّى أفكاراً أو توجّهات تتعارض مع مبادئ الديمقراطية".
22 عاماً ومازلنا نبحث عن التوافق والمصالحة ، وذبت جهود وزير المصالحة الوطنية امر الخزاعي مانديلا العراق هباءً ، ما زال تأثير الطائفية والمحسوبية والانتهازية أقوى من الديمقراطية والحرية، ما زلنا ننتظر وزراء يخرجون "حصراً" من معاطف الأحزاب، ولا يهمّ أن يكون الوزير نزيها او مقتدرا .
ان هذه البلاد تحتاج الى حوار حقيقي يهدف إلى إغلاق ملف الماضي وفتح نوافذ جديدة للمستقبل، إلا أن ما نراه أمامنا من سلوكيات حكومية وسياسية تقول إننا ابعد ما نكون عن مفهوم التسامح والمصالحة .









