TOP

جريدة المدى > عربي و دولي > تفاقم الحرب في السودان: تصاعد الهجمات على المدنيين وعمليات الإغاثة يهدد بكارثة إنسانية

تفاقم الحرب في السودان: تصاعد الهجمات على المدنيين وعمليات الإغاثة يهدد بكارثة إنسانية

نشر في: 9 ديسمبر, 2025: 12:01 ص

 متابعة / المدى

تتسارع الديناميات العسكرية في السودان وسط تبادل الاتهامات بين الجيش وقوات الدعم السريع، فيما تمتد آثار الصراع لتضرب عمق الوضع الإنساني في دارفور وكردفان ومناطق أخرى. وبينما يسعى كل طرف إلى تحقيق مكاسب ميدانية، تتوسّع دائرة الانتهاكات التي تطال المدنيين وعمليات الإغاثة، في مسار يعكس انزلاقاً متزايداً نحو استخدام الغذاء والأمن الإنساني كأدوات ضغط في الحرب.
ورفعت الولايات المتحدة، ممثَّلة بمستشار الرئيس الأميركي للشؤون الأفريقية والعربية مسعد بولس، من حدّة خطابها، مدينةً القصف المتكرر الذي يستهدف قوافل المساعدات والعاملين الإنسانيين، ومحملةً أطراف الصراع مسؤولية نمط ممنهج بات يتكرر ست مرات منذ مطلع العام. وتؤكد واشنطن أن تجويع المدنيين واستخدام الغذاء كسلاح حرب باتا واقعاً مقلقاً، وأن الاعتداءات على العاملين في الإغاثة «لا يمكن تبريرها تحت أي ظرف».
في مقابل الإدانة الأميركية، تتواصل الاتهامات الميدانية بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع. وأعلنت الأخيرة أن الجيش استهدف قافلة مساعدات في شمال كردفان باستخدام مسيّرة تركية الصنع، كانت تنقل نحو 40 طناً من المواد الغذائية، ووصفت الهجوم بأنه «جريمة حرب» وتعطيل مباشر لعمليات الإغاثة.
في المقابل، أفاد مسؤول محلي لوكالة «فرانس برس» بأن منطقة روكو في جنوب كردفان تعرضت لثلاثة هجمات بواسطة مسيّرة تابعة للدعم السريع: الأولى فوق روضة أطفال، والثانية أصابت مستشفى، والثالثة وقعت أثناء انتشال الأهالي لأطفال من الموقع المستهدف. وفي بيان لاحق، اتهمت قوات الدعم السريع الجيش بتعمد استهداف المدنيين وتعطيل العمل الإنساني في شمال وجنوب كردفان، وفي جبرة الشيخ ومعبر أدري الإنساني في غرب دارفور، مستخدمةً مسيّرات تركية من طراز «أكانجي» و«بيرقدار». ويؤدي تكرار استخدام المسيّرات في بيئات مدنية إلى رفع مستوى المخاطر، ويشير إلى انتقال الصراع من مواجهة عسكرية تقليدية إلى نمط عملياتي أقل انضباطاً، تتقلص فيه الخطوط الفاصلة بين الأهداف العسكرية والإنسانية. وفي مداخلة عبر برنامج متلفز، قدّم الكاتب والباحث السياسي السوداني فايز السليك قراءة لطبيعة الانتهاكات، معتبراً أن الحروب الحديثة لم تعد تعتمد على السلاح التقليدي وحده، بل تطورت لتشمل الاغتصاب والتجويع والحصار ومنع الخدمات الأساسية. وأشار إلى أن استهداف المدنيين والبنى التحتية ليس جديداً في تاريخ الجيش السوداني، مستحضراً أنماطاً مشابهة منذ حرب جنوب السودان وجبال النوبة في ثمانينيات القرن الماضي.
ووفقاً للسليك، فإن الإدانة الأميركية لا تستهدف طرفاً واحداً، بل تؤكد أن الانتهاكات تأتي من الجانبين، وأن الحرب اكتسبت «وجوهاً جديدة» تقوم على ضرب الإنسان قبل الأرض. كما أوضح أن الولايات المتحدة، باعتبارها أحد أكبر داعمي العمل الإنساني عالمياً وخصوصاً في السودان، ترى أن الإدانات لم تعد كافية، وأن المرحلة تتطلب خطوات عملية لكبح الانتهاكات ووقف القتال. ويشير السليك إلى أن استخدام التجويع لا يقتصر على ضرب القوافل أو استهدافها بالطائرات المسيرة، بل يمتد إلى الإجراءات البيروقراطية التي تعطل وصول المساعدات. وذكر أن سلطة بورتسودان سبق أن اعتبرت اثنين من موظفي برنامج الأغذية العالمي «غير مرغوب فيهما»، وتم طردهما في ذروة أزمة إنسانية كانت تشهدها مدينة الفاشر. وتشمل أدوات التعطيل – وفق السليك – منع التأشيرات، وإعاقة مرور القوافل، وحجب الوصول إلى المناطق المتضررة. وفي الوقت نفسه، يتطلب الوضع توفير ممرات آمنة والسماح بدخول الإغاثة دون قيود وضمان حرية تنقل المدنيين.
ويلفت السليك إلى أن حجم الضغط الدولي يبقى أقل بكثير مما تتطلبه جسامة الانتهاكات. ويشير إلى أن تجويع المدنيين أصبح سلاحاً واسع الاستخدام، وامتد إلى مناطق الوسط مثل الجزيرة والخرطوم وسنار، حيث مُنعت الإغاثة وقُطعت خدمات الكهرباء والمياه والإنترنت، ما زاد من عزلة المجتمعات المتضررة وعرقل جهود الإنقاذ. أما دارفور، فهي مركز الثقل العسكري الأكبر حالياً، وتشهد – وفق السليك – جانباً من أخطر الممارسات، بما فيها خطاب ذو نزعات عنصرية تجاه السكان المحليين. وتزيد هذه الخلفيات من هشاشة الوضع وتعمق الطابع غير الأخلاقي للصراع، فيما يبقى المجتمع الدولي – بحسب وصفه – أقل بكثير من مستوى الفعل المطلوب لمواجهة «أكبر مأساة إنسانية في العالم اليوم». ويرى السليك أن توصيف الأزمة وحده لا يصنع فارقاً ما لم يترافق مع أدوات ضغط فعالة. ويشير إلى ضرورة «تغيير قواعد اللعبة»، خصوصاً وأن التجويع، وفق القانون الدولي ومجلس الأمن، يُعدّ جريمة، ويتطلب ذلك الانتقال من مرحلة الرصد إلى مرحلة الفعل، بما يشمل الضغط لوقف القتال وضمان وصول المساعدات الإنسانية.
ويعكس المشهد السوداني الراهن تحوّلاً خطيراً في طبيعة الحرب، حيث تتجاوز العمليات العسكرية الأهداف القتالية التقليدية نحو استهداف مباشر للبنى المدنية والإنسانية. وتكرار ضرب القوافل ومنع الإغاثة واستخدام المسيّرات في بيئات مكتظة بالسكان، كلها مؤشرات على مسار تصعيدي ينذر بمرحلة أكثر صعوبة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

مقالات ذات صلة

ترامب ينتقد زيلينسكي لتجاهله خطته للسلام مع روسيا

ترامب ينتقد زيلينسكي لتجاهله خطته للسلام مع روسيا

 ترجمة: المدى بعد ثلاثة أيام من مفاوضات جرت بين مسؤولين أوكرانيين وأميركيين قرب ميامي، تحدث الرئيس الأميركي دونالد ترامب بتوجيه انتقاد للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يتهمه فيه بتجاهل مقترح السلام الذي أعدَّه لإنهاء...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram