ترجمة: المدى
بعد ثلاثة أيام من مفاوضات جرت بين مسؤولين أوكرانيين وأميركيين قرب ميامي، تحدث الرئيس الأميركي دونالد ترامب بتوجيه انتقاد للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يتهمه فيه بتجاهل مقترح السلام الذي أعدَّه لإنهاء الحرب مع روسيا، مشيراً إلى أنه “ليس مستعداً” لتوقيع اتفاق سلام، وأن الزعيم الأوكراني هو من يعرقل تقدم المحادثات.
وقال ترامب، في تصريحات للصحفيين الأحد قبل مشاركته في حفل تكريم مركز كينيدي، إن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي غير مستعد لتوقيع مقترح سلام مدعوم من الولايات المتحدة يهدف إلى إنهاء الحرب مع روسيا، مؤكداً بالقول: “أنا محبط قليلاً لأن الرئيس زيلينسكي لن يقرأ المقترح بعد، وكان ذلك قبل بضع ساعات فقط. فريقه يحب المقترح، لكنه لم يقرأه بعد”. وقال ترامب إنه تحدث مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ومع زيلينسكي، ولكنه يشعر بقليل من خيبة الأمل من الرئيس الأوكراني.
وأضاف ترامب: “أعتقد أن روسيا موافقة عليه، لكنني لست متأكداً بشأن زيلينسكي. فريقه يحبه، لكنه ليس مستعداً”.
يشار إلى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لم يُعرب علناً عن موافقته على خطة البيت الأبيض. بل على العكس، قال بوتين الأسبوع الماضي إن بعض جوانب مقترح ترامب غير قابلة للتنفيذ، رغم أن المسودة الأصلية كانت تَصُبّ إلى حد كبير في مصلحة موسكو.
تعليقات الرئيس الأميركي جاءت بعد أن أنهى المفاوضون الأميركيون والأوكرانيون ثلاثة أيام من المحادثات يوم السبت.
كان لترامب علاقة متقلبة مع زيلينسكي منذ عودته إلى البيت الأبيض لولاية ثانية، حيث أصر على أن الحرب كانت هدراً لأموال دافعي الضرائب الأميركيين. كما دعا ترامب مراراً الأوكرانيين إلى التنازل عن أراضٍ لروسيا من أجل إنهاء الصراع الذي يقترب الآن من عامه الرابع، والذي يقول إنه تسبب في سقوط عدد كبير جداً من الضحايا. من جانبه، قال زيلينسكي يوم السبت إنه أجرى «مكالمة هاتفية جوهرية» مع المسؤولين الأميركيين المشاركين في المحادثات مع الوفد الأوكراني في ولاية فلوريدا. وأضاف أنه تلقّى تحديثاً عبر الهاتف من المسؤولين الأميركيين والأوكرانيين المشاركين في المفاوضات.
وكتب زيلينسكي على وسائل التواصل الاجتماعي: “أوكرانيا مصممة على مواصلة العمل بحسن نية مع الجانب الأميركي من أجل تحقيق السلام فعلياً.”
وجاء انتقاد ترامب لزيلينسكي في وقت رحّبت فيه روسيا يوم الأحد باستراتيجية الأمن القومي الجديدة لإدارة ترامب، وذلك في تصريحات للمتحدث باسم الكرملين نشرتها وكالة تاس الروسية.
وقال دميتري بيسكوف إن الوثيقة الاستراتيجية المحدّثة، التي توضح المصالح الأساسية للسياسة الخارجية للإدارة الأميركية، تتماشى إلى حد كبير مع رؤية موسكو.
وأضاف: “هناك تصريحات تدعو إلى نبذ المواجهة وتأييد الحوار وبناء علاقات جيدة”. معرباً عن أمل روسيا في أن يؤدي ذلك إلى “مزيد من التعاون البنّاء مع واشنطن بشأن التسوية في أوكرانيا”.
الوثيقة التي أصدرها البيت الأبيض يوم الجمعة قالت إن الولايات المتحدة ترغب في تحسين علاقتها مع روسيا بعد سنوات من معاملة موسكو كدولة منبوذة عالمياً، وإن إنهاء الحرب هو مصلحة أساسية للولايات المتحدة من أجل «إعادة إرساء الاستقرار الاستراتيجي مع روسيا”.
من جانب آخر، يعقد الرئيس الأوكراني زيلينسكي اجتماعات مع أبرز حلفائه الأوروبيين في لندن الاثنين 8 ديسمبر/كانون الأول، بعد أن اتهمه ترامب بعدم قراءة أحدث مقترح للسلام.
وقال زيلينسكي في خطابه الليلي الذي تم تسجيله على متن قطار مساء الأحد 7 كانون الأول: “نبدأ الآن أسبوعاً دبلوماسياً جديداً، ستكون هناك مشاورات مع القادة الأوروبيين. وقبل كل شيء، سيكون التركيز على القضايا الأمنية، ودعم قدرتنا على الصمود، وحزم الدعم لدفاعنا.”
ومن المقرر في لندن أن يلتقي زيلينسكي كلاً من رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والمستشار الألماني فريدريش ميرتس، وهم أبرز الداعمين لأوكرانيا في أوروبا.
وجاءت محادثات لندن بعد ثلاثة أيام من المفاوضات بين مسؤولين أوكرانيين وأميركيين قرب ميامي. وقد انتهت تلك المناقشات بنبرة إيجابية، لكنها لم تثمر عن أي اختراق واضح.
وتضغط إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب على كييف لقبول مقترح سلام قال كثيرون من منتقديه إنه يصب بشكل كبير في مصلحة روسيا.
وبعد مفاوضات ميامي، قال زيلينسكي إنه تحدث مع ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر. وقال: “المبعوثون الأميركيون على دراية بالمواقف الأساسية لأوكرانيا، وكان الحوار بنّاءً لكنه لم يكن سهلاً”. وأضاف زيلينسكي: “أتوقع منهم معلومات مفصلة حول كل ما قيل للمبعوثين الأميركيين في موسكو، وحول التفاصيل الدقيقة التي يستعد الأميركيون لتعديلها في المفاوضات معنا ومع الروس”.
مشيراً إلى كبيري المفاوضين الأوكرانيين، رستم عمروف وأندريه هناتوف، اللذين مثّلا أوكرانيا في مفاوضات ميامي.
وفي حديثه يوم السبت في منتدى ريغان الوطني للدفاع، قال مبعوث ترامب إلى أوكرانيا عن ولايته المنتهية، كيث كيلوغ، إن الجهود لإنهاء الحرب “باتت في آخر عشرة أمتار”.
وأوضح أن التوصل إلى اتفاق يعتمد على قضيتين معلّقتين، هما “الأراضي، وبشكل أساسي منطقة دونباس”، ومحطة زابوريجيا للطاقة النووية.
وقال مسؤولون إن قادة المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا سيشاركون في اجتماع مع زيلينسكي في لندن يوم الاثنين.
وتقول كييف وحلفاؤها الغربيون إن روسيا تحاول شل شبكة الكهرباء الأوكرانية وحرمان المدنيين من التدفئة والضوء والمياه الجارية للشتاء الرابع على التوالي، فيما يصفه المسؤولون الأوكرانيون بـ “تحويل البرد إلى سلاح”.
وذكرت وزارة الطاقة الأوكرانية أن الضربات أصابت منشآت طاقة في عدة مناطق، وقطعت الكهرباء عن ملايين السكان في أوديسا وتشيرنيهيف وكييف وخاركيف ودنيبروبتروفسك وميكولايف. وتم تطبيق جداول لقطع الكهرباء في مختلف أنحاء البلاد.
من منظور أوروبي، يأتي هذا التحول في توقيت حرج، كما تقول شبكة “سي إن إن” الأميركية، لافتة إلى أن الولايات المتحدة تقود محادثات السلام المتعلقة بأوكرانيا في الوقت ذاته الذي تتخذ فيه موقفاً أكثر تشدداً تجاه أوروبا، مما يثير مخاوف من تأثير هذا التحول على المفاوضات. وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن القادة الأوروبيين “سيقيّمون الوضع والمفاوضات الجارية في إطار الوساطة الأميركية”.
وكتب ماكرون على منصة “إكس”: “أجريت محادثة مع زيلينسكي. أعلمته بأن مناقشاتي الدولية الأخيرة، لا سيما في الصين، أتاحت التوضيح بشأن تسوية الحرب في أوكرانيا”.
وأكد أن زيلينسكي والمستشار الألماني فريدريش ميرتس ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر “سيواصلون التنسيق” يوم الاثنين في لندن، وذلك في ضوء المفاوضات الأخيرة بين كييف والولايات المتحدة حول التسوية.
عن صحف ووكالات عالمية









