 ترجمة المدى

قالت منظمة “مراسلون بلا حدود” يوم الثلاثاء إن إسرائيل مسؤولة عمّا يقرب من نصف عدد الصحفيين الذين قُتلوا هذا العام حول العالم، حيث قُتل 29 صحفياً فلسطينياً بنيران قواتها في غزة. وفي تقريرها السنوي، أوضحت المنظمة، ومقرها باريس، أن إجمالي عدد الصحفيين الذين قُتلوا بلغ 67 صحفياً حول العالم هذا العام، مقارنة بـ67 صحفياً في عام 2024.
وأشارت المنظمة إلى أن القوات الإسرائيلية كانت مسؤولة عن 43% من هذا الإجمالي، مما يجعلها “العدو الأكبر للصحفيين”، بحسب التقرير الذي رصد الوفيات خلال فترة 12 شهراً منذ ديسمبر/كانون الأول 2024.
وأوضحت المنظمة، في تقرير لها، أن 79% من الضحايا سقطوا برصاص جيوش نظامية أو جماعات مسلحة (37 صحفياً)، أو اغتالتهم عصابات الجريمة المنظمة (16 صحفياً).
وكان الهجوم الأكثر دموية هو ضربة “ثنائية” استهدفت مستشفى في جنوب غزة في 25 أغسطس/آب، وأسفرت عن مقتل خمسة صحفيين، بينهم اثنان من المساهمين في وكالتي رويترز وأسوشيتد برس.
وبالمجمل، ومنذ بدء الأعمال القتالية في غزة في أكتوبر 2023، لقي نحو 220 صحفياً حتفهم، ما يجعل إسرائيل أكبر قاتل للصحفيين في العالم للعام الثالث على التوالي، حسب بيانات “مراسلون بلا حدود”. وما يزال الصحفيون الأجانب غير قادرين على دخول غزة — إلا في جولات منظمة وتحت رقابة مشددة من الجيش الإسرائيلي — رغم مطالبات مؤسسات إعلامية ومنظمات تدافع عن حرية الصحافة بالسماح بالوصول.
وأكدت المنظمة أن هؤلاء لم يموتوا صدفة، بل استُهدفوا بسبب نشاطهم المهني. وأشار المدير العام لمنظمة مراسلون بلا حدود تيبو بروتان إلى أن سبب تصاعد استهداف الصحفيين يعود إلى الإفلات من العقاب. وأضاف بروتان أن إخفاق المنظمات الدولية التي لم تعد قادرة على فرض القانون المتعلق بحماية الصحفيين في سياق الصراعات المسلحة إنما هو نتاج تراجع منسوب الشجاعة لدى الحكومات.
وقال بروتان: “تحوّل الصحفيون تدريجياً من شهود مميزين على الأحداث التاريخية إلى ضحايا جانبيين وشهود مزعجين وأوراق للمساومة وبيادق في خضم ألعاب دبلوماسية، بل إلى أشخاص من الضروري تصفيتهم”.

غزة الأكثر دموية على الصحفيين في العالم
ووفقاً لتقرير مراسلون بلا حدود، كان قطاع غزة الأكثر دموية، إذ قُتل فيه نحو 43% من الصحفيين الذين سقطوا عالمياً خلال عام 2025، تحت نيران جيش الاحتلال الإسرائيلي، الذي قتل منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023 أكثر من 220 صحفياً، بينهم 65 أثناء ممارسة عملهم. وكان الرئيس السابق للاتحاد الدولي للصحفيين فيليب لوروث أكد أن استهداف إسرائيل الممنهج للصحفيين في قطاع غزة يشكّل جريمة مزدوجة ضد الإنسانية وضد حرية التعبير، مشيراً إلى أن الصحفيين يعتبرون مدنيين ويجب حمايتهم، وأنهم يقومون بدور الشهود على ما يحصل في القطاع في حين تفرض إسرائيل رقابة قوية على عملهم. وفي أماكن أخرى من تقرير المنظمة السنوي، ذكرت المجموعة أن عام 2025 كان أكثر الأعوام دموية في المكسيك منذ ثلاث سنوات على الأقل، مع مقتل تسعة صحفيين هناك، رغم وعود الرئيسة اليسارية كلوديا شاينباوم بالمساعدة في حمايتهم. حيث احتلت المكسيك المرتبة الثانية عالمياً في خطورة العمل الصحفي، بعدما شهدت مقتل 9 صحفيين في 2025، وهو العام الأكثر دموية في البلاد منذ 3 سنوات، وسط تصاعد نفوذ عصابات الجريمة المنظمة في أميركا اللاتينية، التي شكّلت مسرحاً لـ24% من جرائم اغتيال الصحفيين عالمياً.
وفي أوكرانيا، واصل الجيش الروسي استهداف المراسلين المحليين والدوليين، حيث قُتل ثلاثة صحفيين، بينما شهد السودان مقتل أربعة صحفيين هذا العام، اثنان منهم بعد اختطافهما على يد قوات الدعم السريع.
ورغم ذلك، فإن إجمالي عدد الوفيات العام الماضي لا يزال أقل بكثير من الذروة التي بلغت 142 صحفياً في عام 2012، والتي ارتبطت بشكل كبير بالحرب الأهلية السورية، كما أنه أقل من المتوسط السنوي البالغ نحو 80 وفاة منذ عام 2003.

الاحتجاز القسري للصحفيين
ويتضمن التقرير السنوي أيضاً إحصاءات عن عدد الصحفيين المسجونين حول العالم بسبب عملهم، حيث جاءت الصين (121)، وروسيا (48)، وميانمار (47) كأكثر الدول قمعاً، بحسب أرقام المنظمة.
حيث يقبع 503 صحفيين في السجون حول العالم حتى الأول من ديسمبر/كانون الأول 2025، تتصدرهم الصين بـ121 معتقلاً، تليها روسيا (48) وبورما (47)، بينما تحتجز موسكو أكبر عدد من الصحفيين الأجانب (26 أوكرانياً) وفق تقرير مراسلون بلا حدود.
وفي السجون الإسرائيلية، لا يزال 20 صحفياً فلسطينياً خلف القضبان. وقال تقرير المنظمة: “تعد إسرائيل ثاني دولة على جدول الترتيب للبلدان الأكثر احتجازاً للصحفيين الأجانب، حيث لا يزال 20 صحفياً فلسطينياً قابعين في السجون الإسرائيلية بحسب المعطيات المتوفرة بحلول الأول من ديسمبر/كانون الأول 2025، ومن بينهم 16 تم اعتقالهم خلال العامين الماضيين في كل من غزة والضفة الغربية”.
وأضاف التقرير أنه لا يزال 135 صحفياً في عداد المفقودين في 37 دولة. وتشير المنظمة إلى أن 72% من حالات الاختفاء تتركز في الشرق الأوسط وأميركا اللاتينية. وحذرت منظمة “مراسلون بلا حدود” من أن الإفلات من العقاب وتراجع إرادة الحكومات في حماية الصحفيين حوّلهم من شهود على الأحداث إلى أهداف للتصفية، مؤكدة أن “الصحفيين لا يموتون، بل يُقتلون”.
ويظل عدد الوفيات الإجمالي للعام الماضي أقل بكثير من ذروة 142 صحفياً قُتلوا في عام 2012، والتي ارتبطت إلى حد كبير بالحرب الأهلية السورية، وأقل من المتوسط منذ عام 2003 والبالغ حوالي 80 صحفياً سنوياً.
عن صحف ووكالات عالمية