 ترجمة/ المدى

في أحدث مسعى للرئيس الأميركي دونالد ترامب لإيجاد حل للحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا قبل حلول أعياد الميلاد، يتوجه مبعوثه الخاص ستيف ويتكوف اليوم الأحد الى المانيا للقاء الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وقادة اوربيين من ابرزهم رئيس الوزراء البريطاني السير كير ستارمر ، والرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون والمستشار الألماني فريدريش ميرتس.
ويأتي تأكيد اجتماع ويتكوف – زيلينسكي بعد أيام من تسليم أوكرانيا للولايات المتحدة نسختها المعدلة من خطة سلام مكونة من 20 نقطة، وهي أحدث صيغة لمقترح ظهر لأول مرة في أواخر تشرين الثاني / نوفمبر ، وأثار موجة من التحرك الدبلوماسي.
وتبقى مسألة مصير الأراضي في شرق أوكرانيا واحدة من أعقد القضايا في المفاوضات، إذ ترفض كييف التنازل عن الأراضي التي احتُلت بشكل غير قانوني، بينما تكرر موسكو عزمها السيطرة على إقليم دونباس بالكامل بالقوة، ما لم تنسحب أوكرانيا.
وقد أبدى زيلينسكي تشككًا حيال أحدث مقترح للبيت الأبيض بشأن حل مسألة الأراضي، والذي يقضي بانسحاب الجيش الأوكراني من المنطقة وتحويلها إلى "منطقة اقتصادية خاصة".
وقال الرئيس الأوكراني للصحفيين إن الشروط الأميركية المقترحة تنص على تعهد الكرملين بعدم التقدم إلى المناطق التي تنسحب منها القوات الأوكرانية، مع تحويل الأراضي الواقعة بين المناطق الخاضعة للسيطرة الروسية في دونباس وخطوط الدفاع الأوكرانية إلى منطقة منزوعة السلاح فعليًا.
ويبدو أن المقترح محاولة لحل مسألة الملكية القانونية للأراضي عبر إنشاء وضع جديد لها، إلا أن زيلينسكي شكك علنًا فيه، قائلًا: "ما الذي سيمنع [روسيا] من التقدم؟ أو من التسلل متخفية بزي مدنيين؟"
وقالت أوكرانيا وحلفاؤها الأوروبيون علنًا إن المحادثات التي تقودها الولايات المتحدة كانت مثمرة، و أشادوا بالتقدم المحرز في إدخال تعديلات على خطة اعتُبرت على نطاق واسع منحازة لروسيا عند ظهورها الأول.
لكن في الأسابيع الأخيرة ظهرت مؤشرات على أن ترامب بدأ يفقد صبره تجاه زيلينسكي وداعميه في أوروبا.
وفي مقابلة لاذعة مع مجلة بوليتيكو هذا الأسبوع، وصف الرئيس الأميركي القادة الأوروبيين بأنهم "ضعفاء"، وجدّد دعواته إلى إجراء انتخابات في أوكرانيا.
وقال زيلينسكي إن الانتخابات يمكن أن تُجرى خلال 90 يومًا إذا وفّرت الولايات المتحدة وأوروبا الضمانات الأمنية اللازمة. وقد جرى تعليق الانتخابات منذ فرض الأحكام العرفية عندما أطلقت روسيا غزوها الشامل في شباط/فبراير 2022.
ومع استمرار الدفع الدبلوماسي من البيت الأبيض، ينصبّ اهتمام أوروبا على كيفية دعم أوكرانيا في حال التوصل إلى اتفاق سلام، مع استمرار المحادثات بشأن الضمانات الأمنية والتمويل.
وتواجه الحكومة الأوكرانية وضعًا ماليًا بالغ الصعوبة، إذ تحتاج إلى تأمين مبلغ إضافي قدره 135.7 مليار يورو (119 مليار جنيه إسترليني؛ 159 مليار دولار) خلال العامين المقبلين.
ويوم الجمعة، اتفقت حكومات الاتحاد الأوروبي على تجميد نحو 210 مليارات يورو (185 مليار جنيه إسترليني؛ 247 مليار دولار) من الأصول الروسية المحتجزة في أوروبا إلى أجل غير مسمى.
ويُؤمل أن يمهّد هذا الاتفاق الطريق لإقراض هذه الأموال لأوكرانيا في حال التوصل إلى اتفاق خلال قمة للاتحاد الأوروبي الأسبوع المقبل، ما يوفر لكييف دعمًا ماليًا لجيشها ولجهود إعادة إعمار المناطق التي دُمّرت بعد قرابة أربع سنوات من الحرب الشاملة.
وقد أدان الكرملين هذه الخطوة واعتبرها سرقة، فيما أعلن البنك المركزي الروسي أنه سيقاضي شركة «يوروكلير» البلجيكية، وهي الجهة التي تحتفظ بمعظم الأصول الروسية المجمّدة منذ الغزو.
ولا يزال المسؤولون يتفاوضون حول الهيكل الدقيق للاتفاق الخاص بإعادة توظيف الأصول الروسية لصالح أوكرانيا، في حين تبدي الحكومة البلجيكية تشككًا خاصًا بسبب تعرضها القانوني المباشر كونها الحاضن الرئيسي لتلك الأصول.
وفي سياق آخر، أفادت تقارير بأن أحدث نسخة من خطة السلام المتداولة تتصور انضمام أوكرانيا السريع إلى الاتحاد الأوروبي.
وقالت صحيفة فايننشال تايمز إن بروكسل تدعم انضمام أوكرانيا السريع إلى التكتل، وهي فكرة اقترحتها كييف في أحدث مسودة قدّمتها إلى واشنطن.
وقد تقدمت أوكرانيا رسميًا بطلب الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي بعد أيام من غزو عام 2022، لكنها، رغم الوعود بتسريع العملية، لا تزال على بعد عدة سنوات من العضوية.
وبحسب ما نقلته وكالة فرانس برس عن مسؤول رفيع لم يُسمَّ، فإن الخطة تنص على أن تصبح أوكرانيا عضوًا في الاتحاد الأوروبي اعتبارًا من كانون الثاني/يناير 2027، فيما لم يتضح ما إذا كانت واشنطن قد وافقت على هذا البند من المسودة.
من جانب آخر، قالت الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الامنية في الاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، ان أي اتفاق سلام لإنهاء حرب روسيا وأوكرانيا لن يدوم الا إذا قدمت موسكو تنازلات حقيقية، بما في ذلك تقليص حجم قواتها المسلحة وميزانيتها العسكرية المتنامية.
وفي مقابلة مع صحيفة كورييري ديلا سيرا الإيطالية نُشرت يوم الجمعة، حذّرت كايا كالاس، مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، من أنه من دون تنازلات جوهرية من موسكو، فإن أوروبا تخاطر بمواجهة نزاعات جديدة في أماكن أخرى.
وقالت كالاس: "مشكلة السلام هي روسيا"، مضيفة: "حتى لو حصلت أوكرانيا على ضمانات أمنية، ومن دون تنازلات من الجانب الروسي، سنشهد حروباً أخرى، ربما ليس في أوكرانيا، ولكن في أماكن أخرى".
وتأتي تصريحاتها في وقت يواصل فيه مسؤولون أميركيون صياغة مقترح سلام يهدف إلى إنهاء أكثر نزاع دموي في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية — وهو مقترح يجب أن يكون مقبولاً لكل من كييف وموسكو.
وقالت كالاس إن كييف وحلفاؤها "يرحبون بالتأكيد بالزخم الذي تُظهره الإدارة الأميركية باتجاه السلام»، لكنها حذرت من أن روسيا تفتقر إلى” إرادة حقيقية للسلام".
وأكدت أن تحقيق سلام مستدام يتطلب ضمان «ألا تهاجم روسيا مرة أخرى»، مضيفة أن ذلك يستلزم تنازلات واضحة من موسكو.
وقالت: "نحن بحاجة إلى تنازلات من روسيا، سواء كان ذلك عبر تقليص حجم جيشها أو كبح ميزانيتها العسكرية".
وقد رفعت موسكو بشكل كبير ميزانيتها العسكرية في السنوات الأخيرة، حيث حوّلت موارد ضخمة إلى قطاع الصناعات الدفاعية من أجل دعم حربها في أوكرانيا.
في المقابل، حافظت العديد من الدول الأوروبية تاريخياً على ميزانيات دفاعية أصغر، معتمدة بشكل كبير على واشنطن في إطار المنظومة الأمنية التي نشأت بعد الحرب العالمية الثانية.
إلا أن الحرب في أوكرانيا، التي تقترب الآن من عامها الرابع، دفعت إلى تحول حاد، حيث باتت دول الاتحاد الأوروبي تزيد إنفاقها العسكري وتعزز قدراتها الدفاعية الذاتية.
عن صحف ووكالات عالمية