اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > وماتت غريس.. صعوبة البوح بفقدان الأحبّة

وماتت غريس.. صعوبة البوح بفقدان الأحبّة

نشر في: 28 مارس, 2011: 05:54 م

إيمان قاسم ذيبانأب وحيد تنتابه لحظات الانهيار عندما يعلم بمصير زوجته التي توفيت في العراق وبات هاجسه نقل هذا الخبر إلى ابنتيه الحبيبتين.يعمل ستانلي فيليب، وهو مواطن عادي ووطني متحمس، في مجلة لتصميم الأقمشة في إحدى مدن الولايات المتحدة الأميركية، في الوقت الذي تشارك فيه زوجته بالعمل العسكري ضد إحدى الخلايا الإرهابية المتوطنة عند ضفتي نهر الفرات في العراق.
وكان لوفاتها الأثر الكبير في قلب مجرى الأحداث. فقد تغيرت حياة الزوج البسيط كلها إلى أوقات استثنائية. وبمرور الزمن، أضناه الحزن وقهرت قواه، فالتزم الصمت ومنع نفسه عن الكلام.. وبات غير قادر على إعلان خبر وفاتها إلى ابنتيه الصغيرتين مقترحاً عليهما السفر إلى متنزههما المفضل والجذاب في فلوريدا. وهي سفرة غير متوقعة جعلته وجهاً لوجه مع آلامه ومعاناته، على أمل إيجاد الوقت المناسب والكلمات المناسبة ليخبرهما بهذه الحقيقة المؤلمة. في حين أمده صوت زوجته في مسجل الهاتف بعزاء ضئيل وتسلية لا قيمة لها بينما بقي يبحث عن أسلوب ما لتقاسم هذا الحزن الجديد مع الآخرين. ولم يُحسن الممثل (جون غوساك) مواراة مشاعره الذاتية في هذا الفيلم المؤثر الذي نجح في انتزاع الدموع من عيون الآباء، مُديناً الالتزام الأميركي تجاه العراق. وعبر عن الوسائل المتاحة لإبرام مثل هذا الالتزام، إلا أن الإفراط في تفخيم العبارات أماط اللثام عن هذه الدراما الجديدة والمعاصرة  وبشكلٍ متناقض للكشف عن حقيقة مدى قوة الدولة الاميركية. وتعزى أسرار تصوير الفيلم إلى أمرين هما: أصل المشروع ومن ثم الأسباب الروحية. ويتعلق الأمر الأول بمخرج الفيلم (جيمس س ستروس) الذي روى لنا كيف واتته فكرة الفيلم قائلاً: "أدين ببواكير هذا السيناريو الجميل إلى الذكريات الشخصية القديمة للغاية ولبرنامج حديث، عرض مؤخراً، يلتقي بأسر الجنود الذين لقوا حتفهم في العراق. ولطالما سألت نفسي كلما رأيت هؤلاء كيف يمكن لمنظومة القيم لديهم أن تستمر مع فقدان شخص عزيز عليهم؟". في حين تنطبق الأسباب الروحية على الممثل (جون غوساك) الذي أراد وقبل كل شيء المشاركة في مغامرة هذا الفيلم لأسباب سياسية. فقد وجد بطل الفيلم ومنتجه في آن واحد، في هذا العمل، مشهداً فاضحاً للحاجز الإعلامي الذي وضعته إدارة الرئيس بوش حول وفاة الجنود الأمريكان في العراق. وصرح قائلاً: "يُعد التضليل الإعلامي وترك الجنود وحدهم من الأمور المشينة ومن الأعمال السياسية (الجبانة) التي لم أرَ مثيلاً لها في حياتي". كما يعتمد فيلمنا المثير للفضول وتزامناً على رسمٍ لمسارٍ طويل وبشكلٍ ذاتي يجعلنا على إطلاع بمضمونه الدرامي وبقسوة نبأ الموت المعلن للطفلين. وعبر عن دراما اختفاء الوالدة (الجندية) بكثير من الانفعال والدقة ليجعل حزن ومصاب الزوج أكثر عذاباً وتأثيراً. وزادت وسائل التسلية، التي أنهك نفسه في طلبها، من شعوره بالحسرة. وبعبارة أخرى، يمكننا القول أن الشخوص الثلاث (الزوج وطفلتيه) هم الذين حافظوا على الفيلم المليء بابتسامات تقرح القلب عبر هذه السفرة المصورة بدقة وبحقيقة بسيطة ومؤثرة، سفرة لم تتوقف عن التعمق في الحزن والانفعال بفضل موهبة غوساك الذي وصف لنا أباً محطماً، تفتك به الكثير من الهموم. كما نقل خبر موت (غريس) بحب وعاطفة جياشة مع وجود ممثلين كوميديين خلقوا أجواء مغايرة. ويمكننا القول أن ستروس ترك في هذا الفيلم بصمته الأولى وراء الكاميرا. وقدم المخرج الشاب، الذي تناول موضوع العراق مع كثير من النضج المثير للدهشة، تأملاً عميقاً للعذاب النفسي لحظة انهيار هؤلاء الذين يبقون بعد فراق الأحبة. كما جسد ستروس هذا العمل بشكلٍ صائب ودقيق بعد كتابته سيناريو الفيلم وإخراجه في آنٍ واحد وبقدرة جريئة ونظرة حادة. وابتعد، وهو متشبث بيوميات شخصية وحميمة، عن أي موقف مناصر لمناهضة الحرب. وطرح المخرج بوصفه تلميذاً لسقراط جملة من الأسئلة: كيف نعلن لأطفالنا رحيل شخص قريب علينا؟ وأنى نبقى مخلصين لمنظومة قيمنا في الوقت ذاته؟ وكيف سنواجه المقبل بعد هذا المصاب؟        رغم كل ذلك، تجنب (وماتت غريس) أي معالجة بصرية واعتمد بالكامل على الفن وعلى أداء الممثلين. كما نجح في فرض نفسه بوصفه إحدى المسرحيات الكبيرة في السينما الأميركية المستقلة. وفي نقد آخر أعده موقع (إيفين) الالكتروني، يُعرف فيلم غريس على أنه موضوع مُثير للبكاء ومحزن ومجرد من أي حبكة درامية. لا بل ويمثل مختصراً لجملتين. ويتمحور حول ثلاث شخصيات اثنان منهم لا يتجاوز الثالثة عشرة، يجلسون في متنزه ساحرٍ وجذاب. ويُعد هذا المكان نقطة لانطلاق الفيلم. ونجد في بدايته تحدياً كبيراً لمخرج شاب معروف للتو بكتابته السيناريو الرائع لفيلم (لوينزوم جيم). ومال مخرجنا، مع ذلك، إلى الابتعاد عن عقبات الميلودراما ووصف بأسلوبٍ وثائقي نوعاً ما، انتظاراً لا يقاوم لأسر الجنود المشاركين في حرب العراق، ليبرهن الفيلم على قدرة ابتكارية واختراعية بلا تشققات أو تصدعات على غرار الرسائل التي تركها (ستانلي فيليب) لزوجته المتوفاة. ومن ناحية أخرى، شارك غوساك، وبجهودٍ استثنائية، في إنجاح هذا العمل تماماً مثل (غلينيت ايستوود) الذي وقع على النسخة الأصلية لموسيقى الفيلم. وكا

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

في استفتاء موسيقي تنافسي سنوي حصلت إسطوانة “أصابع بابلية” للمؤلف الموسيقي وعازف العود العراقي أحمد مختار على مرتبة ضمن العشر الأوائل في بريطانيا وأميركا، حيث قام راديو “أف أم للموسيقى الكلاسيكية” الذي يبث من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram