TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

نشر في: 14 ديسمبر, 2025: 12:06 ص

 علي حسين

كان العراقي عصمت كتاني وهو يقف وسط قاعة الجمعية العامة للأمم المتحدة، يشعرك بأنك ترى شيئا من تاريخ وخصائص العراق.. كان رجل الآفاق في الدبلوماسية وفي السياسة، حارساً لمصالح البلاد، وحين أصبح السيد الأول في الجمعية العامة للأمم المتحدة ظل شجاعاً في الدفاع عن قضايا العرب، لم ينحز الى قوميته الكردية، لكنه انحاز بشدة إلى عراقيته ، حتى قال عنه الأخضر الابراهيمي يرثيه "لم اجد دبلوماسيا ألمع وأكثر حضورا منه"، كان هذا زمن عمل فيه ساسته من اجل مصلحة الاوطان والناس لامن اجل مصالحهم..
قبل أكثر من نصف قرن رأى هذا السياسي الذي نحتاج الى نموذجه اليوم، أن العراق بحاجة إلى الخبراء واصحاب المرؤة الوطنية ، فقد رأى هذا الدبلومسي الكبيرالذي عاش أكثر من سبعين عاماً، أن الاوطان لا تنبى بالاحقاد والضغائن ، وإنما بمد يد العون للجميع . وبناء الأمم يحتاج رجال وسياسات ومواقف ورؤية.
لماذا أتذكر الدبلوماسي العراقي الكبير عصمت كتاني الآن؟ أتذكره والعراق يدخل اوسع أبواب الامم المتحدة ، حيث يتسلم العراقي برهم صالح ارفع منصب اممي بعد منصب الامين العام واعني به منصب المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، في خطوة تمثل خروجاً واضحاً عن التقليد المتبع منذ عقود والذي يميل إلى إسناد هذا المنصب لشخصيات من خارج بلدان الشرق الاوسط . حدث تاريخي عراقي لا سابقة له ، فقد تعودنا، على أن الحدث المهم هو الحدث الصاخب الذي يتبارى فيه ساستنا من اجل كراسي السلطة ، ونسينا أن الحدث الأهم والأبقى والأهم، في تاريخ البلدان ، هو الاعتماد على سياسي همه الاول البناء والعمران والتقدم والمشاركة ، وتحصين العراق ضد الأخطار والمغامرات.
تعودنا دائما على الاخبار التي تتابع مسيرة ساسة يرفضون ان يأخذوا بيد العراق الى ضفة الامان والرفاهية ، فهم مصرون على تغييبه، فيما نجدهم في المحافل يعلنون ولاءهم لشتى انواع الخارج ، هذه المرة كان الخبر الاهم يرتبط بالعراق اولاً واخيراً ، وبمسيرة سياسية تحرص على ان تقدم للعالم النموذج الارقى للسياسي العراقي ، مسؤول على شاكلة عصمت كتاني وحسين جميل وعدنان الباجه جي ، لم يظهر اسمه في أي خلل سياسي من الاختلالات التي ضربت العراق طوال اكثر من نصف قرن ، سياسي بصرف النظر عن طائفته وقوميته ، يؤمن بأنه ممثل حقيقي لكل العراقيين .
ما حدث في تعيين برهم صالح هو انتصار روحي معنوي للعراقيين جميعا ، أما النصر الحقيقي، فهو أن يرتقي العراقيون إلى النظر الى مصلحتهم الحقيقية في اختيار طبقة سياسية ترد عنهم بلاء التفرقة وخراب المشاحنات الطائفية . مرة أخرى يتألق العراق بفوز برهم صالح بالمنصب السامي ، ليقدم للعالم نموذج لسياسي عراقي يحمل الصدق والرضا ، وبلا مساحيق سياسية مصطنعة .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: سياسيو الغرف المغلقة

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

السردية النيوليبرالية للحكم في العراق

العمود الثامن: عاد نجم الجبوري .. استبعد نجم الجبوري !!

العراق إلى أين ؟؟

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

 علي حسين دائما ما يطرح على جنابي الضعيف سؤال : هل هو مع النظام السياسي الجديد، أم جنابك تحن الى الماضي ؟ ودائما ما اجد نفسي اردد : أنا مع العراقيين بجميع اطيافهم...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان البحر الاحمر فسيفساء تتجاور فيها التجارب

 علاء المفرجي في دورته الخامسة، يتخذ مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي شعار «في حب السينما» منهجًا له، في سعيه لإبراز هذا الشغف الكبير والقيمة العليا التي تعكسها كل تفصيلة وكل خطوة من خطواته...
علاء المفرجي

لمناسبة يومها العالمي.. اللغة العربية.. جمال وبلاغة وبيان

د. قاسم حسين صالح مفارقة تنفرد بها الأمة العربية، هي ان الأدب العربي بدأ بالشعر أولا ثم النثر، وبه اختلفت عن الأمم التي عاصرتها: اليونانية، الفارسية، الرومانية، الهندية، والصينية.. ما يعني ان الشعر كان...
د.قاسم حسين صالح

لماذا نحتاج الى معارض الكتاب في زمن الذكاء الاصطناعي؟

جورج منصور في عالمٍ يتسارع فيه كلُّ شيء، ويكاد الإنسان أن ينسى نفسه تحت وطأة الضجيج الرقمي والركض اليومي، يظلُّ (معرض العراق الدولي للكتاب)، بنسخته السادسة، واحداً من آخر القلاع التي تذكّرنا بأن المعرفة...
جورج منصور
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram