ترجمة عدنان علي
يمثل هذا التجنيد صادرات جديدة خطيرة لبنغلاديش، وتحولاً محيراً في النزعة المسلحة بجنوب آسيا. أخبر فيصل حسين عائلته أنه وجد عملاً في دبي. في الواقع، كان الشاب البالغ من العمر 22 عاماً، والمنحدر من ماداريبور، التي تبعد حوالي 100 كيلومتر جنوب العاصمة البنغلاديشية دكا، يقاتل في صفوف حركة طالبان باكستان (TTP)، وهي جماعة مسلحة محظورة تشن تمرداً ضد الدولة الباكستانية بهدف فرض تفسيرها الخاص للشريعة الإسلامية.
في 26 سبتمبر/أيلول 2025، قتلت قوات الأمن الباكستانية حسين خلال عملية في منطقة كاراك، بإقليم خيبر بختونخوا. تعرف عليه شقيقه، أرمان، من صور الجثث التي انتشرت في وسائل الإعلام.
يُعد حسين واحداً من أربعة بنغلاديشيين على الأقل تأكد مقتلهم أثناء قتالهم في صفوف حركة طالبان باكستان، التي تُطلق عليها الدولة الباكستانية اسم "فتنة الخوارج". أضافت وحدة مكافحة الإرهاب والجريمة العابرة للحدود في بنغلاديش أن نحو عشرين مواطنًا بنغلاديشيًا آخرين موجودون حاليًا في باكستان، يقاتلون في صفوف حركة طالبان باكستان وغيرها من المنظمات المسلحة، وهو اتجاه يقول الخبراء إنه ظهر لأول مرة عام 2023 وأثار قلق السلطات في دكا. وقد ظهرت صورة غير مؤرخة للشاب البنغلاديشي فيصل حسين بعد نبأ مقتله في عملية أمنية ضد مسلحين في باكستان. ولا يزال مصير راتان دهالي، البالغ من العمر 29 عامًا، غامضًا. ففي أوائل نوفمبر، أبلغت وحدة مكافحة الإرهاب والجريمة العابرة للحدود عائلته بمقتله في عملية 26 سبتمبر. ولكن في الأول من ديسمبر، ظهر مقطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي البنغلاديشية، يُظهر شخصًا يُعتقد أنه دهالي ويدّعي أنه على قيد الحياة.
تحدث راتان دالي آخر مرة مع عائلته في 11 أبريل/نيسان 2024، يوم عيد الفطر. أجرى مكالمة فيديو مع والدته، وتبادل معها التهاني بالعيد، وأخبرها أنه في دلهي وسيسافر قريبًا إلى دبي. تقول سيلينا بيغوم، والدة راتان، وهي تبكي: "كانت تلك آخر محادثة بيننا. لم أتحدث إلى ابني بعدها أبدًا". يُذكر أن راتان دالي، البالغ من العمر 29 عامًا، من منطقة جوبالجانج في جنوب غرب بنغلاديش، قُتل في باكستان هذا العام.
في مارس/آذار 2024، أخبر حسين والده برغبته في السفر إلى دبي. لكن عائلته رفضت لعدم قدرتهم على تحمل تكاليف السفر. بعد أيام قليلة، أخبرهم حسين أنه وجد طريقة للسفر. قال لهم: "سيصطحبني أحد إخوتي الأكبر ويتكفل بجميع النفقات. بعد وصولي إلى دبي، سأسدد له المبلغ من راتبي". عندما كان حسين على وشك مغادرة منزله إلى دبي، سأله شقيقه الأكبر أرمان عما إذا كان قد حصل على تأشيرة. فأجاب فيصل بأن تأشيرته ستكون من الهند.
في الواقع، سافر الرجلان إلى الهند عبر ميناء بينابول البري - أكبر ميناء بري في بنغلاديش، ويُستخدم للاستيراد والتصدير من وإلى الهند - قبل أن يمكثا في كلكتا ودلهي لعدة أيام. "أظهر تحقيقنا أن راتان [دالي] وفيصل [حسين] دخلا الهند عبر ميناء بينابول البري في 27 مارس/آذار 2024. ومن هناك، سافرا بطريقة غير شرعية إلى باكستان عبر أفغانستان، حيث انضما إلى حركة طالبان باكستان". أما الشاب زبير، فقد سلك طريقًا مختلفًا. ذهب أولًا إلى المملكة العربية السعودية في نوفمبر/تشرين الثاني 2024 لأداء العمرة. وبعد إتمامها، لم يعد إلى بنغلاديش. دخل زبير باكستان عبر القنوات القانونية من المملكة العربية السعودية. تقول والدته، علياء أختر: "بعد أداء العمرة، قال زبير إنه لن يعود إلى بنغلاديش في الوقت الحالي، لأنه مشغول بنشر رسالة الله".
يقول المحللون إنّ مُجنّدي الجماعات المسلحة غالبًا ما يستهدفون الشباب من المناطق الريفية، الذين يبحثون عن عمل في الخارج أو يعانون من ضائقة مالية. ويضيفون: "إنّ أبناء الطبقة المتوسطة الدنيا هم الأكثر عرضةً للتأثر، ولذلك يسهل إقناعهم بوعود المال". ويقول الدكتور توحيد الحق، عالم الجريمة والأستاذ المشارك في جامعة دكا، إنّ انخراط الشباب البنغلاديشي في المنظمات المسلحة يتزايد في السنوات الأخيرة. ويضيف: "إنهم يمارسون هذه الأنشطة الآن عبر الإنترنت، حيث يواجهون مخاطر أقل". ويقول حسن المحمود، الذي يُغطي أخبار التمرد في بنغلاديش منذ سنوات، إنّ هذا التوجه نحو ذهاب البنغلاديشيين إلى باكستان للانضمام إلى المنظمات المسلحة بدأ في عام 2023. ويضيف: "إنهم يحاولون باستمرار تجنيد الوافدين الجدد من خلال تحريف الدين". إنّ حالة عدم اليقين هذه قد تُحدد ملامح هذه المرحلة الجديدة من التمرد: عائلات تُترك في حالة من الضياع، وشباب يختفون عبر الحدود، وتهديد يعمل في الخفاء الرقمي، بعيدًا عن متناول أجهزة إنفاذ القانون المحلية.
