TOP

جريدة المدى > عام > رحيل أماني فوزي حبشي.. توثيق العلاقة بين الإيطالية والعربيّة

رحيل أماني فوزي حبشي.. توثيق العلاقة بين الإيطالية والعربيّة

نشر في: 15 ديسمبر, 2025: 12:10 ص

متابعة المدى

عن عمر ناهز السابعة والخمسين عاماً، رحلت المترجمة والأكاديمية المصرية أماني فوزي حبشي، إحدى أبرز الأسماء في ترجمة الأدب الإيطالي إلى العربية، أمس الثلاثاء، بعد مسيرة امتدّت قرابة خمسة وعشرين عاماً أسهمت خلالها في نقل عدد من التجارب السردية الإيطالية إلى العربية..قدّمت الراحلة مشروعاً ترجمياً يقوم أساساً على الأدب الإيطالي المعاصر.

ولدت أماني حبشي في مصر، وتخصّصت في اللغة الإيطالية في كلية الألسن بجامعة عين شمس، حيث نالت الماجستير في الترجمة، ومن ثم الدكتوراة في الأدب الإيطالي عن أطروحة بحثية حول مسرح العالم الإيطالي الكلاسيكي.
لكنّ أهم ما يميّز مسيرتها هو شغفها العميق بالترجمة ليس كـ «مهنة نقل كلمات»، بل كـ «جسر حضاري» بين ثقافتين، كما أعربت هي بنفسها في أكثر من لقاء: الترجمة «حياة جديدة» للنص الأصلي حين يُنقل إلى لغة أخرى.
وخلال ربع القرن تقريبًا، ترجمَت أماني حبشي عددًا كبيرًا من الروايات والكتابات الإيطالية ـ من الكلاسيكية إلى المعاصرة ـ ما وسّع خريطة الأدب الإيطالي في العالم العربي.
ومن أعمالها: ثلاثية «أسلافنا» للكاتب الإيطالي إيتالو كالفينو — وترجمت عن الكتالاني/ الإيطالي إلى العربية — التي شملت: «الفسكونت المشطور»، و«البارون ساكن الأشجار»، و«فارس بلا وجود».
ورواية «بندول فوكو» للروائي والفيلسوف الإيطالي أومبرتو إيكو — التي تُعد من الأعمال المعقدة على مستوى السرد والفلسفة — وقد نجحت في نقل تركيبته المعرفية الدقيقة إلى العربية.
كما ترجمت أماني حبشي أعمالا معاصِرة لكتاب إيطاليين مثل باولو كونيتي، ودومينيكو ستارنونه، وسوزانا تامارو، وأليساندرو باريكو وغيرها؛ ما أتاح للقارئ العربي الاطلاع على تنوّع الأدب الإيطالي من تاريخي إلى حديث، من فلسفي إلى يومي.
وبالإضافة إلى الرواية، ترجمَت كتبًا في الفكر، والتاريخ، والمسرح، ما عكس رؤيتها الترجميّة الواسعة التي لا تقتصر على «الترفيه الأدبي»، بل تمتد إلى المعرفة الإنسانية والفكرية.
ولم تكن ترجمات أماني حبشي عشوائية، بل بدت نتيجة مشروع ثقافي واعٍ يقدم ترجمات ذات جودة عالية، ونقل روح النصّ لا شكله فقط، مع مراعاة الدقة اللغوية، والخلفيّة الثقافية، وحساسية قارئ اللغة العربية.
وكانت أماني حبشي ترى في الترجمة مسؤولية مزدوجة تجاه النص الأصلي، وتجاه القارئ العربي. ففي حديث لها، قالت: إن الترجمة ـ حين تُنجز بإخلاص ـ تمنح النص الأصلي «حياة جديدة» في ثقافة أخرى.
ولذلك كانت تختار بعناية كبيرة أعمالها ليس فقط من أجل الشهرة أو المبيعات، بل من أجل إثراء المكتبة العربية بنصوص ذات قيمة فكرية وأدبية عالية، وأحيانًا تقديم أسماء إيطالية معاصرة غير معروفة، لتوسيع آفاق القارئ العربي.
وقد شكّلت ترجماتُها ـ في نظر العديد من النقاد والقراء ـ «ضمانة للجودة» حين ترى اسمها مترجمًا لكتاب، تعرف مسبقًا أن الترجمة لن تكون سطحية، بل دقيقة، حيّة، ومحترمة للنص.
وقد أثار نبأ وفاة أماني فوزي حبشي حزنا عميقا في الأوساط الأدبية، حيث نعاها عدد من الكُتّاب والمثقفين بكلمات مؤثرة، مُعبرين عن الامتنان لما قدّمته من أعمال أعادت ربط القارئ العربي بالعالم الثقافي الإيطالي.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

ندرة النقد التشكيلي...تشكيليون: لا يحظى النقد والتذوق الفني بالأولوية ضمن المناهج التعليمية

موسيقى الاحد: موتسارت الاعجوبة

من منسيات النقد الأدبي في العراق

ثرثرات الاحتجاج .. خيانات عصريّة

طقوس فارسية .. علامة فارقة في الأدب الإيراني

مقالات ذات صلة

من منسيات النقد الأدبي في العراق
عام

من منسيات النقد الأدبي في العراق

د. نادية هناوي القسم الثاني يوجب التاريخ النقدي الوقوف عند كتاب عبد القادر حسن أمين ( القصص في الأدب العراقي الحديث) والتأشير على الدور الريادي الذي به نهض هذا الباحث بنقد القصة أكاديميا، واضعا...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram