علاء المفرجي
رواية إيرانية نُشرت لأول مرة باللغة الفارسية عام 1969. تُعد هذه الرواية علامة فارقة في الأدب الإيراني الحديث، ويُنظر إليها باعتبارها أول رواية مؤلفة من قبل روائية إيرانية تُحقق انتشاراً واسعاً وتُرجمت إلى العديد من اللغات.
وتعد سيمين دانشور واحدة من أهم الكاتبات الإيرانيات في القرن العشرين، وتُعرف بأنها أول روائية إيرانية متميزة، كما عملت كأكاديمية وكاتبة قصص قصيرة ومترجمة. حققت الروائية شهرة واسعة وعُدّت عملها الأكثر تأثيراً.
تقع أحداث الرواية في شيراز خلال فترة الحرب العالمية الثانية، وبالتحديد في أثناء الاحتلال البريطاني لأجزاء من جنوب إيران. تروي القصة حياة عائلة من ملاك الأراضي تواجه الاضطرابات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي طالت المجتمع الإيراني في تلك الحقبة.
تجري أحداث هذه الرواية ، خلال الحرب العالمية الثانية في شيراز، " المدينة التي تنحني الملائكة كي تُقبّل تربتها " ؛ شيراز حافظ ، الشاعر الغنائي الأشهر. يُسحرنا الوصف الشاعري لجمال الطبيعة الأخاذة ، مواسم القطاف في القرى ، والجداول والبساتين ، وتُسكرنا روائح الزهور والورود ؛ الندى ما يزال يشع على ورق الشجر؛ زقزقة العصافير عند الفجر؛ رقة النساعوجمال أجسادهن وعذوبة أصواتهن . لكن الكاتبة لا تكتفي بالوصف والتغزل بل تعرض لنا شخصيات روائية نبيلة ، ومُحبة للخير، وتتعاطف مع الفلاحين الفقراء ، ومع السجناء والمرضى العقليين والرجال الثوريين والمتنوّرين ، وتدافع عن العدالة والحرية وكرامة الإنسان ، وتصف الطقوس الدينية والعادات الاجتماعية لأبناء بلادها ، وهي إذ تستقي من تراث بلادها الأدبي والشعري لا يفوتها أن تقتبس من حافظ ، وتستلهم من " شاه نامه "
بطلة الرواية زاري امرأة قوية وشخصية محورية، تتفاعل مع تحديات الحرب، الفقر، الخيانة، والهوية القومية. زوجها يوسف يحاول مقاومة الاحتلال البريطاني ورفض استسلامه لمطالبهم، مما يضع العائلة في مواجهة مباشرة مع القوى الخارجية.
الرواية لا تروي مجرد قصة عائلية، بل تتعامل مع مجموعة من المواضيع الأعمق، منها: الهوية الوطنية والمقاومة ضد الاحتلال، حيث تُظهر الرواية كيف يؤثر التدخل الأجنبي على المجتمع التقليدي والقيم المحلية. وكذلك دور المرأة، فعبر شخصية زاري، تستكشف دانِشور قوة ودور المرأة في مواجهة التحديات الاجتماعية والسياسية. وأيضا يحمل عنوان الرواية طقوس فارسية دلالة ثقافية على الموروثات الاجتماعية والطقوس التي تشكل جزءاً من الوعي الجماعي الإيراني.
تستفيد من التراث الفارسي (من الشعر والأمثال) لإضفاء عمق ثقافي وأسطوري على الرواية، مما يمنح العمل بعداً رمزياً يتجاوز مجرد القصة الذاتية. فطقوس فارسية هي أكثر من مجرد رواية، إنها وثيقة ثقافية واجتماعية عن إيران في فترة تاريخية مضطربة، تحمل في طياتها صدى الصراع بين التقليد والتغيير، والهوية الوطنية، ودور المرأة في المجتمع. لقد خلقت سيمين دانِشور من خلال هذا العمل إرثاً أدبياً يحتفظ بأهميته حتى اليوم، ويُدرس ويُقرأ في العديد من الثقافات خار.
الرواية سيمين دانشور (2012 - 1921) . في بداية مسيرتها عملت في الإذاعة والصحافة وبعدها شرعت تكتب القصة القصيرة والمقالة والرواية ، ومما يلفت انتباه القارئ والناقد هو تنوع شخصياتها واختيارها للأفكار وفهمها الكامل المتمكن للمجتمع الإيراني بوجوهه المتعددة وطبقاته الاجتماعية الفقيرة والثرية . ترجمت سيمين لتشيكوف وبرنارد شو وهوثورن ، ونالت الدكتوراه في الأدب الفارسي من جامعة الهدان . تزوجت من جلال آل أحمد، المثقف والكاتب الإيراني البارز. ولعبت دوراً مهماً في " جمعية الكتاب الإيرانيين " ، وكانت تقدّم الدعم المعنوي للكتاب والمفكرين المعارضين لحكم الشاه .
بيع من الرواية ما يزيد على نصف مليون نسخة وعُدّت عملاً كلاسيكياً صاغ أفكار وتطلّعات ووجهات نظر جيل كامل من الإيرانيين في حقبة زمنية تميزت بالغليان الاجتماعي والسياسي الكبيرين . وهي ليست رواية إيرانية مهمة فحسب بل أحد الأعمال الكلاسيكية العالمية ، وسبق أن تُرجمت إلى 17 لغة عالمية .وبعض القراء يعزون نجاح الرواية إلى كونها مكتوبة من وجهة نظر أنثوية فريدة ، بحيث تُتيح للقارئ أن يسافر بحرية بين العالم الصغيرة للأسرة والشبكة الأوسع للمجتمع . كما أنها تحتوي على حكايات وشذرات منسوجة ببراعة تُضيف لمُجمل الوصف .










