ميسان / مهدي الساعدي
أعادت الموجة المطرية والسيول التي شهدتها محافظة ميسان نهاية الأسبوع الماضي الأمل بإحياء الأهوار والمناطق المتضررة من الجفاف، ولو بشكل جزئي، ولا سيما بعد أن أسهمت المياه الواردة في رفع مناسيب أنهار المحافظة، سواء عمود نهر دجلة أو الأنهار المتفرعة منه. كما أدت تلك المياه إلى تكوّن تجمعات مائية وبرك تمثل بيئة طبيعية لعودة الحياة إلى المناطق الجافة.
وأكدت وزارة الموارد المائية ذلك في بيان تناقلته وسائل إعلام عدة، واطلعت عليه صحيفة «المدى»، جاء فيه أن «موجة الأمطار والسيول التي تجتاح البلاد ستسهم في تعزيز الخزين المائي، وتغمر الأهوار، وتعمل على دفع اللسان الملحي في شط العرب».
وأكد ناشطون ومهتمون بالشأن البيئي والمائي في محافظة ميسان أن نسب المياه الواردة عبر السيول كانت جيدة وعالية، مع توقع استمرار ورودها لأكثر من يوم بسبب استمرار تساقط الأمطار على المرتفعات في الجانب الإيراني. وفي هذا السياق، قال المستكشف والناشط البيئي أحمد جاسم لصحيفة «المدى» إن «مناسيب المياه الواردة عن طريق السيول عالية، وستستمر لمدة يومين بعد نهاية الأمطار على الأقل، وفق التقديرات، بسبب تساقط الأمطار في الجانب الإيراني، وستستفيد منها مناطق محافظة ميسان».
وأضاف جاسم أن «استغلال هذه الكميات من خلال إنشاء خزانات للمياه والاستفادة من السيول قد يسهم في تجاوز أزمة الجفاف، خصوصًا في فصل الصيف، كما حدث في السنوات السابقة». وشدد على أن مياه السيول والأمطار، إلى جانب الحصة المائية، ستشكل معًا أهم روافد تغذية الأهوار الجافة بالمياه وإعادة الحياة إليها تدريجيًا، موضحًا أن «وصول مياه السيول إلى الأهوار سيبقيها مستقرة عند هذه المناسيب، إضافة إلى الحصة المائية الواردة من نهر دجلة عبر الأنهار المغذية، ما يشكل مناسيب لا بأس بها».
من جانب متصل، أشار ناشطون ومهتمون بشؤون المياه في ميسان إلى عدم استغلال نسب المياه العالية في إغمار مساحات الأهوار الجافة المتضررة من موسم الجفاف، مطالبين بتوجيه مياه السيول الواردة من الحدود والمرتفعات الشرقية للمحافظة نحو الأهوار، وعدم إطلاقها باتجاه نهر دجلة باعتبارها من حصة المحافظة.
وفي هذا الشأن، قال الناشط الأهواري مرتضى الجنوبي لصحيفة «المدى» إن «محافظة ميسان تلقت كميات كبيرة من المياه بسبب غزارة الأمطار، إضافة إلى سيول وردت عبر مسالك عدة، منها نهرا الطيب والدويريج، وأخرى من مناطق شمال المحافظة، خصوصًا ناحية علي الغربي، والتي تتجه نحو عمود نهر دجلة، في حين يفترض أن تكون من حصة ميسان وتوجه إلى أهوارها، مع الإبقاء على الحصة المائية لمحافظة البصرة دون أي تلاعب».
وفي السياق نفسه، أكد أكاديميون من أبناء المحافظة أن تصريف المياه بهذه الطريقة يؤدي إلى عدم استفادة الأهوار منها. وقال الأكاديمي سعد رسن لصحيفة «المدى» إن «تصريف مياه السيول الواردة من مهارب الشماشير وجلات نحو قضاء علي الغربي، ومن ثم إلى نهر دجلة عبر نهر أُنشئ سابقًا، يؤدي إلى ذهاب المياه باتجاه شط العرب والخليج العربي، في وقت لا تزال فيه الحصص المقررة من نهري المشرح والكحلاء على حالها، ولم تُفتح سدودهما بشكل كامل لتوجيه المياه نحو الأهوار».
وأضاف رسن أن «مياه السيول التي تصب مباشرة في أهوار السناف، ولا سيما الواردة عبر نهري الطيب والدويريج، تتجه إلى أهوار السودة ثم إلى هور الحويزة، قبل أن تعود إلى نهر دجلة عبر مهارب وأنهار تنقل المياه من الحويزة، خصوصًا عبر منفذي الكسارة والسويب».
ورغم أن كميات الأمطار والسيول الواردة إلى المحافظة لا تكفي لإغمار مساحات الأهوار الجافة بالكامل، أسوة ببقية سدود العراق، وفق ما أشار إليه مرصد العراق الأخضر في بيان اطلعت عليه صحيفة «المدى»، والذي أوضح أن «ملء السدود لا يعتمد فقط على هطول الأمطار المباشر، بل على عوامل عدة، منها تدفق الأنهار، والتبخر، والإطلاقات المائية للري والكهرباء، إضافة إلى السدود التركية والإيرانية»، فإن هذه الكميات تمثل بصيص أمل لسكان المناطق المتضررة.
وفي هذا الإطار، قال أحمد جاسم إن «وصول المياه، حتى وإن كانت بنسب قليلة، سيحافظ على الأهوار وشكلها وتنوعها الإحيائي، ويُبقي السكان في مناطقهم، إذ إن تساقط الأمطار وورود السيول يدفع كثيرين من سكان الأهوار إلى التراجع عن قرار الهجرة إلى مناطق أخرى».
كما أشارت مواقع إعلامية محلية إلى أن الموجة المطرية وما رافقها من جريان السيول أنعشت آمال سكان الأهوار، وأسهمت في تكوين برك ومستنقعات أعادت الحياة إلى أجزاء منها، بانتظار موجات مطرية جديدة.









