متابعة / المدى
أعاد الهجوم الذي استهدف أحد مقار الأمم المتحدة في مدينة كادوقلي بولاية جنوب كردفان، بواسطة طائرة مسيّرة، تسليط الضوء على هشاشة الوضع الأمني في السودان، وعلى التحديات الجسيمة التي تواجه أي مساعٍ للتهدئة أو إطلاق مسار سياسي مستدام.
وأسفر الحادث عن مقتل 6 من قوات حفظ السلام الدولية وإصابة 8 آخرين، ما دفع الأمم المتحدة إلى المطالبة بتحقيق عاجل ومستقل، مع التشديد على ضرورة محاسبة المسؤولين وضمان حماية موظفيها وجنودها، في وقت تتبادل فيه أطراف الصراع الاتهامات وتنفي المسؤولية. ويأتي الهجوم في سياق تصعيد ميداني متواصل تشهده ولاية جنوب كردفان، حيث تتقاطع العمليات العسكرية مع أزمة إنسانية متفاقمة وحركات نزوح واسعة، توصف بأنها من الأكبر منذ اندلاع الحرب. وفي ظل نفي قوات الدعم السريع مسؤوليتها عن الهجوم، واتهامها الجيش السوداني بترويج ادعاءات «عارية عن الصحة»، تتكرس حالة من الغموض وانعدام الثقة، بما ينعكس مباشرة على فرص التهدئة.
وأكد شريف محمد عثمان، الأمين السياسي لحزب المؤتمر السوداني، في تصريح صحفي، أن الحادث الأخير في مدينة كادوقلي ليس الأول من نوعه، بل يمثل استمرارًا لنمط متكرر من الاعتداءات على المدنيين والمنظمات الإنسانية.
وأوضح عثمان أن هذه الاعتداءات تستهدف المنظمات الدولية والمحلية، بما فيها قوافل المساعدات الإنسانية، مع توجيه أصابع الاتهام بين الأطراف المتصارعة ونفيها المستمر لمسؤوليتها عن حماية المدنيين. وأشار إلى أن الهجوم أدى إلى مقتل 6 أفراد من قوات حفظ السلام، معتبرًا أن هذه الحوادث تكشف عن غياب واضح للمسؤولية تجاه المدنيين وقوافل المساعدات، وأن أطراف الحرب تركز أسلحتها على المدنيين بشكل مباشر، مستهدفة كذلك فرق العمل الإنساني.
وسلط عثمان الضوء على تفاقم الأزمة الإنسانية في السودان، مشيرًا إلى وجود ملايين المحتاجين للغذاء وموجات نزوح داخلي واسعة. وأوضح أن الحرب امتدت إلى مدينتي كادوقلي والدلنج، اللتين تشهدان كثافة سكانية كبيرة نتيجة النزوح من مناطق مختلفة، مؤكدًا أن المدنيين في هذه المدن يعانون بشكل مباشر من آثار الصراع. وشدد على أن استمرار الهجمات على المدنيين وقوافل المساعدات الإنسانية يعكس إخفاقًا كبيرًا في حمايتهم، معتبرًا أن هذه الأزمة تتطلب اهتمامًا عاجلًا من المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان.
وتطرق عثمان إلى الانسحاب الأخير للقوات المسلحة من منطقة هجليج الحدودية، مؤكدًا أن قوات الدعم السريع دخلت المنطقة لتأمينها بالتعاون مع حكومة جنوب السودان. واعتبر أن هذا الانسحاب يوضح أولويات القوات المسلحة، التي تحمي مصالحها الاقتصادية والموارد النفطية، بدل التركيز على حماية المدنيين وضمان استقرار البلاد. وأشار إلى أن مثل هذه التحركات تكرس شعور السودانيين بالإحباط والخيانة، خاصة مع تكرار رفض الأطراف المعنية الدخول في مفاوضات جادة تهدف إلى حماية حياة المدنيين.
وختم عثمان حديثه بالدعوة إلى ممارسة ضغوط دولية جادة على القوات المسلحة، ومحاصرة المجموعات المتطرفة، مثل تنظيم الحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني، التي قال إنها تلعب دورًا رئيسيًا في عرقلة أي تفاوض جاد. وأوضح أن هذه الضغوط يجب أن تشمل تحركات الأموال والعناصر القيادية لهذه التنظيمات، سواء داخل السودان أو في دول المنطقة وأعضاء الرباعية، محذرًا من أن عدم اتخاذ هذه الإجراءات سيجعل فرص إنهاء الحرب ضئيلة، في ظل استمرار استهداف المدنيين، واعتبر أن الحرب الحالية موجهة بشكل كامل ضد الشعب السوداني.









