متابعة / المدى
تواجه عدد من المحافظات العراقية تحديات مناخية متصاعدة نتيجة السيول المفاجئة مع بدء موسم الأمطار، في وقت تبرز فيه مناطق شمال البلاد وبعض المحافظات الشرقية بوصفها الأكثر عرضة لتشكل السيول.
وسجلت ناحية زرباطية الحدودية مع إيران في محافظة واسط حالة استنفار كامل لمختلف الدوائر الخدمية، فيما تحاول السلطات المحلية اتخاذ إجراءات استباقية للحد من الخسائر البشرية والمادية المحتملة.
ويشير خبراء في شؤون البيئة والطقس إلى أن السيول الأخيرة شكّلت فرصة لإعادة تنشيط بعض الأنهار، إلا أنها لم تكن كافية لتعويض الجفاف المستمر الذي تعاني منه الأهوار والمناطق الجنوبية. وفي هذا السياق، تقول مديرة ناحية زرباطية، براء فؤاد الزبيدي، إن الإجراءات المتخذة شملت تشكيل خلية أزمة لمواجهة الفيضانات والسيول القادمة من الجانب الإيراني، مع استنفار كامل لجميع الدوائر الخدمية. وتضيف الزبيدي في تصريح صحفي أن الفيضانات جرى توجيهها نحو الأنهار ضمن حدود الناحية، حيث تم استيعاب كميات المياه وتوزيعها على الأراضي الزراعية لتمكين الفلاحين والمزارعين من الاستفادة منها في سقي محاصيلهم، مؤكدة عدم وجود أي خطورة على السكان أو القرى المحلية.
وتوضح أن العمليات تضمنت تطهير الأنهار وكريها وفتح أنهر جانبية لإبعاد السيول عن المناطق السكنية والزراعية، مبينة أن كميات الأمطار القادمة من الجانب الإيراني كانت محدودة ولم تسبب أضراراً تُذكر.
وكانت وزارة الموارد المائية العراقية قد أكدت مؤخراً أن موجة الأمطار والسيول التي اجتاحت البلاد ستسهم في تعزيز الخزين المائي، وتغمر الأهوار، وتعمل على دفع اللسان الملحي في شط العرب، معتبرة هذه الموجة فرصة لتعويض مواسم الجفاف وقلة الإيرادات المائية. من جانبه، يقول الراصد الجوي من البصرة، أقصى جنوب البلاد، صادق عطية، لوكالة شفق نيوز، إن العراق سيشهد حالات جوية متفاوتة ومتتابعة خلال الشهر الحالي والشهر المقبل، نتيجة استمرار تذبذب الأنظمة الجوية المؤثرة على المنطقة. ووفقاً لعطية، فإن الغزارة المطرية وحدوث السيول لا يمكن الجزم بهما إلا قبل فترة قصيرة من تأثير الحالة الجوية، نظراً لأن التنبؤات البعيدة غالباً ما تكون شديدة التقلب من حيث التوزيع المكاني والتوقيت. ويتابع أن المناطق الشمالية، بما فيها السهول والمنحدرات والأودية، تُعد من أكثر المناطق عرضة لتشكل السيول خلال مواسم الأمطار، مشيراً إلى أن إنشاء بعض السدود على مجاري السيول بطريقة غير مدروسة أسهم في تفاقم المخاطر، متسبباً بانجرافات وخسائر بشرية ومادية في عدد من المناطق. ويشدد على أهمية التعامل العلمي مع مجاري السيول، ودراسة مشاريع السدود والحواجز المائية بعناية، لتقليل المخاطر المحتملة خلال الحالات المطرية المقبلة. بدوره، يقول الناشط البيئي في محافظة ميسان، مرتضى الجنوبي، إن السيول الأخيرة جاءت نتيجة أول مطرة في الموسم الشتوي، ووفرت جانباً إيجابياً بعد خمسة أشهر من الجفاف. ويرى الجنوبي، أن السيول أسهمت في إعادة الحياة إلى الأنهار المتفرعة من نهر دجلة، لكنها لم تكن كافية لإغمار الأهوار، معرباً عن أمله في أن توفر السيول المقبلة فرصة لإعادة إنعاش الأهوار الجنوبية وتعويض النقص في المخزون المائي. ويؤكد أن السيول الأخيرة أعادت النشاط البيئي لبعض المناطق الجافة، لافتاً إلى أن استمرار الاستفادة من هذه الظواهر الطبيعية يعتمد على الإدارة الفاعلة للموارد المائية، والتنسيق بين الجهات المحلية للحفاظ على المكاسب البيئية. ويشير مرصد «العراق الأخضر»، المتخصص في شؤون البيئة، إلى حاجة البلاد لأكثر من 100 مليار متر مكعب من المياه لإمكانية إعادة الخزين المائي إلى وضعه الطبيعي. وتشتد أزمة الجفاف في العراق بشكل غير مسبوق نتيجة قلة هطول الأمطار خلال السنوات الماضية بفعل التغير المناخي، إضافة إلى تراجع كميات المياه الواصلة عبر نهري دجلة والفرات، بسبب السياسات المائية لكل من إيران وتركيا، ولا سيما بناء السدود على المنابع وتحويل مسارات المياه، ما يهدد بوقوع كارثة إنسانية في البلاد.










