الكتاب: رسائل روزا لوكسمبروغكتابة: روزا  لوكسمبروغترجمة: نجاح الجبيليعند وصولها إلى منطقة "وايت تشابل" في إنكلترا عام 1907 وجدتها روزا لوكسمبورغ المناضلة الاشتراكية من أصل بولندي "مظلمة قذرة". جاءت روزا التي كانت في السادسة والثلاثين إلى لندن من برلين كي تحضر مؤتمر حزب العمل الديمقراطي الاجتماعي الروسي (والذي سرعان ما أصبح باسم الحزب الشيوعي السوفيتي). وكان من بين المندوبين لينين وتروتسكي والقائد المستقبلي صاحب الشاربين اللذين يشبهان شاربي حيوان الفظ المدعو ستالين.
ومثلها مثل تروتسكي فإن لوكسمبورغ كانت مثالاً لليهودي العلماني الجديد لأوروبا. كان والدها تاجر خشب ويعد نفسه متمثلاَ ضمن الأغلبية الكاثوليكية. كانت لوكسمبورغ تعد يهوديتها غير مهمة. وهي لم تهتم بالسخرية والأحزان المسلطة على شركائها في الدين في المناطق الروسية. فقد وجهت النقد لصديقتها "ماتليدا فورم" عام 1917 قائلة:" ماذا تريدين من موضوع "المعاناة الخاصة لليهود"؟. فأنا فقط أهتم كثيراً بالسود المساكين في أفريقيا". ومع ذلك فمن خلال الحكم على المجموعة الجديدة من الرسائل فإن اليهودية والأمثال الأخلاقية القوية في الحرية والبقاء كانت مؤثرة بها. السخرية والدعابة وحب معرفة "أسلافها" ميزات تراها في نفسها. كتبت هذه الرسائل بالألمانية والبولندية والفرنسية والروسية في سنوات 1891-1919 وهي تشرق المعرفة الواسعة (إضافة إلى اللسان اللاذع أحياناً). وأثناء سجنها في برلين بسبب أفكارها المعادية للعسكرتارية قرأت غوته وسرفاتنس وأصيبت بالعجب من "مزاج الجني المؤذي المازح في مسرحية "حلم ليلة منتصف صيف". والرسائل مفعمة أيضا بالأوصاف الدقيقة للطبيعة من النحل إلى "النباتات ذات الألف ورقة التي بحجم القزم".  ومثلها مثل العديد من اليهود العلمانيين فقد رحبت بثورة 1917 ضد حكم آل رومانوف. فقد كتبت إلى صديق من الحزب الاشتراكي الديمقراطي من زنزانتها:"إن أحداث روسيا مدهشة ومأساوية". في الوقت نفسه فقد خشيت من احتمال حكم البولشفيك ودانت العنف الذي مارسه لينين وتروتسكي ضد الناس الذين وقفوا ضد الثورة. إن استعمال البلاشفة للارهاب في نظر لوكسمبورغ هو تعبير عن "الضعف" السياسي واختفاء الأبراء أربكها بصورة كبيرة. في كانون الثاني 1919،وبالضد من رأيها الأفضل، منحت دعمها إلى الانتفاضة الشيوعية في برلين. وكان التحالف السبارتكي اليساري- الذي أسسته- يأمل في إعادة نجاح ثورة أكتوبر وقد تم سحقه بقسوة من قبل "الفرايكورب" الموالي لهتلر. ضربت روزا بالهروات إلى أن فارقت الحياة من قبل القوميين وألقيت جثتها في قناة "لاندفير" بين ما يسمى شرق برلين وغربها. وكانت في السابعة والأربعين من عمرها. أشار أحد الأشخاص قائلاً:" العاهر القديمة تسبح الآن". ولم يبادر أي شخص في التحري في جريمة قتل "روزا الحمراء".في الثلاثينات وضع ستالين اسمها في القائمة السوداء إذ سخر من عقيدتها البورجوازية التي سماها "اللوكسمبورغية". وقد أعيد الاعتبار لها بعد عام 1956 حين شجب خروشوف بصورة علنية ستالين. وأحد أشهر شعاراتها "الحرية هي أيضاً حرية أولئك الذين يفكرون على نحو مختلف" قد تم رفعه من قبل الطلاب المحتجين في ألمانيا الشرقية في عام 1988 قبل سقوط جدار برلين بعام واحد. وفي العام نفسه قامت مارغريته فون تروتا بإخراج فيلم عنها بعنوان "روزا لوكسمبورغ".إن إصرار روزا على العدالة الاجتماعية هو وثيق الصلة الآن بالأزمة المالية العالمية. ويبحث عملها النظري الرئيس "تراكم رأس المال" في مواجهة إغراء السوق. ولكونها ديمقراطية عميقة فقد كرهت روزا ما يدعى "العقلية الألمانية" وسمعة الفضولية وترى دورها في جعل ألمانيا مثل روسيا. كانت دقيقة في الإجابة على رسائلها وأرسلت المئات من الرسائل الخطية إلى الأصدقاء والعشاق والزملاء وكان بعضها طويلاً. إن حاجتها للكتابة كانت شديدة وكتبت وكأنها تفكر بصوت عال فكانت الكلمات تنهمر. كتبت معتذرة إلى صديق صحفي عام 1898:" فليغفر لي الرب على قصيدة النثر هذه ذات النوعية الرديئة!".في حياتها الشخصية عرضت حساسية الطبقة الوسطى خلافاً لسياستها القتالية. إن منظر النساء على الدراجات الهوائية وجدته "غير سار جمالياً" وأحجمت عن الظهور. ولكونها مقاتلة وخطيبة أكثر منها إحصائية عديمة الحيوية فقد ناصرت قصية عمال مناجم الفحم في بولندا وألمانيا وصناع الأحذية والخياطين والعمال المؤقتين. إن اشتراكيتها تعلو فوق كل الأيديولوجية الرفاقية التي تجد في طلب خطاب الظلم. إن هذه الرسائل تعكس القلق الشخصي من الخيانة والخطر السياسي. وكانت معرضة لخطر رصاصة الاغتيال حين تكلمت في جمهور مكون من 5000 شخص.    صدور رسائل روزا يتطابق مع الذكرى المئة والأربعين لمولد روزا في آذار 1871. وهي تقترب من الطريقة التي تتحدث بها هذه المرأة الرائعة لناسها المحبين وأصدقائها. وربما للمرة الأولى في إنكلترا تبرز روزا بمجملها من ظلال الستالينية والسير الذاتية السابقة. إنه سجل رائع مدهش جاء في حينه بشكل مؤثر.