المدى/ متابعة
تشهد سوريا تصاعداً ملحوظاً في النشاطات المسلحة والهجمات الإجرامية التي تستهدف القوات الأمنية والجيش، في وقت تحاول فيه السلطات احتواء موجة جديدة من العنف والانفلات الأمني، فيما تشير التقارير إلى استمرار تهديد خلايا نائمة تابعة لتنظيم داعش في مناطق متفرقة من البلاد.
أعلنت السلطات الأمنية السورية، عن إلقاء القبض على "خلية إجرامية" خطيرة نفذت سلسلة هجمات دامية على الطرق الخارجية بريف إدلب وحلب، مستهدفة دوريات أمن الطرق والضابطة الجمركية.
ونقلت وكالة الأنباء السورية (سانا) عن مصدر أمني قوله إن "الأجهزة المختصة تمكنت من اعتقال أفراد الخلية التي هاجمت دورية لأمن الطرق على طريق دمشق – حلب الدولي قرب مدينة معرة النعمان بريف إدلب الجنوبي قبل يومين"، مبيناً أن "الهجوم الغادر أسفر عن استشهاد أربعة عناصر من الدورية".
وأضاف المصدر أن التحقيقات الأولية أثبتت أن هذه الخلية هي نفسها التي استهدفت سيارة تابعة للضابطة الجمركية في ريف حلب الجنوبي في الثالث من الشهر الجاري، وهو الهجوم الذي أسفر عن استشهاد عنصرين. وأكد المصدر أن العمليات الأمنية تأتي في وقت تشهد فيه محاور ريف إدلب الجنوبي وريف حلب نشاطاً متصاعداً لخلايا نائمة لداعش، التي تحاول استغلال الطبيعة الجغرافية الوعرة والمناطق القريبة من خطوط التماس لشن عمليات "خطف وضرب" ضد التعزيزات الحكومية والمراكز الحيوية.
في سياق متصل، انفجرت سيارة من نوع "بيك آب"، تابعة لوزارة الدفاع السورية، في وسط مدينة البوكمال شرق دير الزور، ما أسفر عن وقوع قتلى وجرحى، دون توفر حصيلة دقيقة حتى لحظة إعداد هذا التقرير. وأشارت مصادر محلية إلى أن السيارة المستهدفة تعود إلى مسؤول عمليات في الفرقة 86، مما دفع الأجهزة الأمنية إلى رفع مستوى الاستنفار وتأمين محيط الحادث.
تأتي هذه الانفجارات وسط تحذيرات سابقة من أن التنظيمات المسلحة، ولا سيما داعش، لم تتوقف عن محاولات تنفيذ هجمات في المناطق الشرقية والشمالية، مستغلة الازدحام السكاني والفوضى الأمنية لتوجيه ضربات سريعة وخاطفة.
وتشير تقارير محلية إلى أن عناصر التنظيم يستخدمون سيارات مفخخة وعبوات ناسفة لاستهداف مراكز الجيش والشرطة، بالإضافة إلى محاولات اغتيال مسؤولي الأمن والعسكريين.
ويؤكد خبراء أمنيون أن طبيعة الأرض وعراقتها في ريف إدلب وحلب تجعل من الصعب السيطرة الكاملة على هذه المناطق، ما يمنح التنظيمات الإرهابية فرصة للبقاء كخلايا نائمة، قادرة على التحرك عند كل فرصة سانحة. ويشير هؤلاء إلى أن وجود شبكات محلية متعاونة مع التنظيمات، سواء عبر التسلل أو المراقبة، يعقد مهمة الأجهزة الأمنية في رصد هذه الخلايا وإحباط مخططاتها قبل تنفيذها.
من جهتها، كثفت الحكومة السورية حملات التفتيش والمداهمات في المناطق الساخنة، وأسست نقاط تفتيش إضافية على الطرق الدولية والمحلية، في محاولة للحد من عمليات التهريب والتسلل، خاصة على المحاور الممتدة بين إدلب وحلب وريف دير الزور. ورغم هذه الإجراءات، فإن الخروقات الأمنية والهجمات المستمرة تشير إلى أن التحديات كبيرة، وأن السيطرة على الوضع الأمني تتطلب جهداً أكبر وتعاوناً استخباراتياً مع الجهات المحلية والدولية.
ويعكس تصاعد هذه الحوادث الأمنية حالة من هشاشة الوضع الأمني في سوريا، وتحديات تواجه السلطات في حماية المدنيين وتعزيز استقرار المناطق المتضررة من النزاع. كما يسلط الضوء على قدرة التنظيمات الإرهابية على استغلال أي ثغرة، سواء في الحراسة أو السيطرة الميدانية، لتنفيذ هجماتها، ما يستدعي تكثيف الجهود للحد من العنف وتأمين خطوط التماس الحساسة.
في ضوء هذه التطورات، يبقى المراقبون والمتابعون للشأن السوري متوجسين من أي تصعيد جديد قد يؤدي إلى موجة عنف أوسع، خصوصاً في ظل استمرار النزاعات الإقليمية وتراجع القدرات الأمنية في بعض المناطق. ويتوقع أن تركز السلطات على تعزيز دور الاستخبارات والعمليات الميدانية، مع محاولة تحييد تأثير الخلايا النائمة، للحد من الخسائر البشرية والمادية، والحفاظ على استقرار المناطق الأكثر تضرراً.









