TOP

جريدة المدى > خاص بالمدى > زيادة تدفقات مياه دجلة وكارون تخفّض الملوحة في البصرة وتعزز استدامة الزراعة

زيادة تدفقات مياه دجلة وكارون تخفّض الملوحة في البصرة وتعزز استدامة الزراعة

نشر في: 22 ديسمبر, 2025: 12:03 ص

 البصرة / عمار عبد الخالق

 

شهد شط العرب وعدة مناطق في البصرة انخفاضاً ملحوظاً في مستويات الملوحة، بعد أن كانت المنطقة تعاني خلال الفترة الماضية من ارتفاع حاد أثّر بشكل سلبي على القطاع الزراعي واستدامة الموارد المائية، ويعود هذا التحسن بشكل رئيسي إلى زيادة تدفقات المياه العذبة من ناظم قلعة صالح، آخر حلقة تنظيمية على نهر دجلة، إلى جانب فتح بوابات نهر كارون الإيراني عبر سد الغاطس؛ ما ساهم في دفع كتل مياه عذبة باتجاه المصب وكسر موجة الملوحة القادمة من الخليج العربي.

وأوضح الخبير المائي جاسم الأسدي في حديثه لـ"المدى" أن منطقة القرنة شمال البصرة كانت مستويات الملوحة فيها قبل الأمطار تصل إلى 4000 جزء في المليون، بينما تراجعت لتصل إلى 1560 جزءاً في المليون؛ وهو مؤشر واضح على أثر تدفق المياه العذبة في خفض الملوحة.
وأضاف أن منطقة العشار سجلت انخفاضاً مماثلاً، إذ كانت مستويات الملوحة قبل الأمطار تصل إلى 25000 جزء في المليون، فيما بلغت 22000 جزء في المليون بعد زيادة السيولة. وفي شط العرب مقابل نهر كارون بمنطقة السيحان تراجعت مستويات الملوحة من 35000 جزء في المليون قبل الأمطار إلى 11600 جزء في المليون بعد فتح بوابات نهر كارون وتحرك المياه العذبة عبر سد الغاطس؛ ما يعكس فعالية الإجراءات المائية في تعزيز جريان النهر وتحسين نوعية المياه.
وأشار الأسدي إلى أن ناظم قلعة صالح يشكّل مركزاً رئيسياً لتوزيع المياه العذبة باتجاه شط العرب، وأن فتح أكثر من بوابة ساهم في تعزيز الجريان النهري ودفع المياه العذبة إلى المصب؛ ما أدى إلى خفض نسب الملوحة بشكل ملموس، مشيراً إلى أن فتح بوابات نهر كارون الإيراني بعد زيادة السيولة ساهم في توجيه جزء من المياه إلى شط العرب؛ ما عزز التحسن في مستويات الملوحة وأعطى مؤشرات إيجابية للقطاع الزراعي في المحافظة.
وأكد هيثم كاظم -أحد المزارعين في البصرة- في حديثه لـ"المدى" أن انخفاض الملوحة أسهم في تحسن نوعية المياه المستخدمة في الزراعة والحد من تدهور الأراضي، مشيراً إلى أن الملوحة المرتفعة سابقاً كانت تؤدي إلى تملّح التربة وجعلها غير صالحٍ للزراعة على المدى الطويل.
وأضاف أن انخفاض الملوحة جعل التربة أكثر خصوبة واستدامة، كما مكّن المزارعين من استعادة أراضٍ كانت قد هُجرت بسبب التملح، مؤكداً أن تدفقات المياه العذبة المستمرة تقلل الاعتماد على المياه الجوفية شديدة الملوحة؛ ما يتيح ممارسة الزراعة بشكل أكثر استدامة ويحد من استنزاف الموارد الطبيعية.
وأشار كاظم إلى أن صعوبة الزراعة بسبب الملوحة كانت سبباً رئيسياً في نزوح بعض العائلات من المناطق الريفية، وأن التحسن الحالي يعيد استقرار الأهالي ويزيد من فرص الإنتاج الزراعي في المناطق المتضررة.
وأكّد أن انخفاض الملوحة له آثار اجتماعية واقتصادية واسعة، إذ يسهم في تقليل الهجرة الداخلية ويعزز قدرة المزارعين على توفير فرص عمل محلية وتحسين مستوى المعيشة في القرى والبلدات المحاذية لشط العرب.
فيما أوضح علي شاهين -خبير مائي- في حديثه لـ"المدى": ويُظهر هذا التحسن أن التدفقات العذبة من دجلة وكارون ليست مهمة فقط لخفض الملوحة، بل تمثل عاملاً جوهرياً في استعادة البيئة الزراعية والحفاظ على الموارد المائية؛ ما يعزز استدامة الزراعة ويحد من تدهور الأراضي ويعيد الأهالي إلى ممارسة حياتهم بشكل طبيعي في المناطق الريفية.
وأشار إلى أن استمرار هذه التدفقات، إلى جانب التخطيط البيئي المستدام وإدارة الموارد المائية بشكل متوازن، يعد من العوامل الرئيسية لضمان استقرار النظام البيئي والزراعي في البصرة على المدى الطويل وتجنب آثار الملوحة الشديدة التي شهدتها المنطقة في السنوات الماضية.
وبيَّن أن تحسين مستويات الملوحة يسهم في حماية التنوع البيولوجي للنهر والأراضي المحيطة به، ويعزز قدرة المجتمعات المحلية على مواجهة التغيرات المناخية التي قد تزيد من التحديات المائية والزراعية، ويظل التحدي الأكبر هو الحفاظ على هذه التدفقات العذبة وتنسيقها بين الجهات المحلية والدولية لضمان استدامة الموارد المائية للقطاعين الزراعي والبيئي.
وأعرب علي ياسين -مسؤول في دائرة الموارد المائية بمحافظة البصرة- في حديثه لـ"المدى" عن أن انخفاض الملوحة يعد نتاج جهود تنسيقية شاملة بين الجهات المعنية لإدارة مياه دجلة وكارون، موضحاً أن الهدف ليس فقط خفض الملوحة بل أيضاً تعزيز الاستدامة البيئية والزراعية للمنطقة، مؤكداً أن استمرار مراقبة تدفقات المياه وفتح البوابات بشكل متوازن يساهم في حماية التربة والمياه وتحقيق الاستفادة القصوى من الموارد الطبيعية، إضافة إلى تعزيز الاستقرار الاجتماعي في المناطق الريفية.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

دعوات نزع السلاح تحت الاختبار: الفصائل «تسلّم السلاح إلى نفسها»!

دعوات نزع السلاح تحت الاختبار: الفصائل «تسلّم السلاح إلى نفسها»!

تحذيرات من الاكتفاء بتفكيك السلاح الثقيل والإبقاء على الخفيف لتخويف الداخل بغداد/ تميم الحسن تداخل ملف تسمية رئيس الوزراء المقبل، على نحو متسارع، مع قضية «نزع سلاح الفصائل»، وهي مسألة يراها سياسيون محفوفة بالشكوك،...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram