علاء المفرجي
القاص عبد الستار ناصر ، ولد في محلة الطاطران ببغداد في العام 1947، ودرس فيها نشر عدداً من القصص القصيرة في وقت مبكر من مسيرته الإبداعية، قبل أن يصدر كتابه الأول (لا تسرق الورد رجاءً) الذي تلاه بمؤلفات عديدة
تسنم عدة مناصب في الصحافة العراقية، منها مدير تحرير مجلة التراث الشعبي.
سجن في العام 1975 بسبب نشر قصته (سيدنا الخليفة) عاماً كاملاً، فيما بعد عاد وكتب للحرب، ودخل في معترك السياسة العراقية، فنشر «قصص بثياب المعركة» ورواية «الشمس عراقية»، إلا أنه بعد خروجه من العراق في العام 1999 قدم أكثر من اعتذار للأدب والمواطن العراقي بسبب كتاباته، وحاول أن يدون هذا الاعتذار بعدة كتب مهمة صدرت بعد العام 2000.
خلال هذه الفترة ترجمت العديد من أعماله للانكليزية والروسية والألمانية وغيرها من اللغات.
سافر إلى عمان عام 1999 بسبب الأوضاع التي مرت بها بغداد واستقر مع زوجته الكاتبة والروائية هدية حسين في عمان، إلى أن سافر بعد ذلك إلى كندا. تعرض ناصر لانتكاسات صحية كثيرة، كان أكثرها تأثيراً فيه عندما تعرض لجلطة قلبية في العام 2010 ، وهي ما جعلت من حالته في تراجع مستمر حتى وفاته في أحد مستشفيات تورنتو.
مؤلفاته
أصدر أكثر من 50 كتاباً في القصة والرواية والنقد، وعن سر النتاج الغزير يقول: "لا سرّ في ذلك، كنت أضحك احياناً حين أسمع أحد الكتاب يقول بإصرار أن ( الأدب كل حياتي ) ، لكنني مؤمن الآن بأنه أصبح كذلك بالنسبة إليّ. أصبحت الكتابة حياتي فعلاً، حتى انني تخليت عن أمور كثيرة من أجل الأدب، أمور لا يتخلى عنها سواي مهما كانت قيمة الأدب ، ومن عناوين هذه الكتب. من مؤلفاته بين القصة والرواية:
- لا تسرق الورد رجاءً، ، الرغبة في وقت متأخر 1968، - الحب رمياً بالرصاص، نساء من مطر، أوراق امرأة عاشقة، أوراق رجل عاشق، أوراق رجل مات حياً، بقية ليل، الهجرة نحو الأمس، سوق الوراقين، مقهى الشاهبندر، الشماعية، بعد خراب البصرة 2000، الكواش 2000، حياتي في قصصي 2001، أبو الريش 2002، سوق السراي 2002، باب القشلة 2003، حمار على جبل 2004، صندوق الأخطاء 2004، الحكواتي 2006، على فراش الموز 2006، نصف الأحزان ، قشور الباذنجان ، الهجرة نحو الأمس، الطاطران، شارع المتنبي ، السيدة التي دخلت
براءة الطفولة
في حوار معه " قال عن جملته ( كل ما أملكه هو إنني رأيت): "رأيت أشياء كثيرة لأن هناك المحلة القديمة (محلة الطاطران) وكنا نعيش في بيت كبير جداً ومكتظ بالمستأجرين، وكانت براءة الطفولة قد انمحت في ذلك البيت..حقيقة كانت هنالك أشياء لا ينبغي لطفل في السابعة أو الثامنة من العمر أن يراها! أو يعيشها، كانت هناك موبقات مخيفة تركتني أمام مصير مجهول انتهى بالكتابة، والحمد لله كان من الممكن لشخص آخر أن يمضي تماماً إلى حياة مختلفة ربما تكون متصفة بحالة من الحالات اللا إنسانية، كان مهيئا لطفل بهذه الأشياء التي يراها أن يتحول إلى مجرم ! أو ربما إلى شخص قليل الأدب وقليل الأخلاق، ولكن الكتابة التي جاءتني مبكراً والقراءات التي جاءتني مبكراً اعتقد الآن هي التي أنقذتني وأعادت لي براءتي.. صحيح أنا لست بريئاً بالمعنى النهائي ولكن على الأقل تخلصت من أشياء كبيرة كانت لربما تلتصق بي من ذلك البيت الشاسع، الكثير الغرف، والكثير من المستأجرين على اختلاف أنواعهم حتى من بينهم أناس على جانب من الإجرام !! ولكن البيت كنا نسكن فيه وكنا مرغمين أن نعيش في ذلك المكان بسبب الفقر الذي كان سائداً في الأربعينات والخمسينات".
رواية الطاطران
* كتب في روايته الطاطران عن نفسه وغربته : ( صوت أجش يصرخ في رأسي : يكفي أيها الأبله، يكفي هذا الندم السخيف، جئت من بغداد من زقاق لا يعرفه أحد، وأنت لا تملك أي شيئ، وها أنت فعلت الكثير، أكثر مما تظن..نساء من أجمل ما خلق الله، وخمور من أعتق سراديب روما، وليال ما كان أجدادك ليحلموا بها، أوربا كلها بين يديك ).
وجاء أيضا في (الطاطران): "انتهت الحرب العالمية الثانية منذ عامين، وفي السابع من حزيران رأيتني أسقط من رحم أمي على كومة من الدموع والغبار والثياب الرثّة، ما كنت أملك الشجاعة يومها للرجوع نحو أحشاء المرأة التي رمتني إلى مصيري، اكتفيت بالصراخ طوال الليل حتى أسكتني ثديها القوي... كنت أول طفل جميل ينزل إلى زقاق "الطاطران" ذاك الدغل العجيب من النساء والأخطاء، من الطين بعض بيوته ومن العيوب معاً، على جدرانه وفي مدى ساعة، قد "يسقط" هذا الزعيم وقد "يعيش"! ذلك أن الأحزاب تغازل قادتها بالطباشير، أو تنبش أجدادهم، بالطباشير أيضاً. الطاطران لا يزيد طوله على تسعين متراً، وعرضه ثلاثة أمتار، زوايا بيوته وبطونها تدخل في بعضها، وسطوح البيوت أرض حرّة، ليس ثمة أسرار، الفقر أفضل من يكسر أسرار البيوت. يتشعّب الطاطران ملتوياً من "أبي سيفين" هو الزقاق الأب تتفرّع منه أزقة أخرى، يربط شارع "الوصي" بشارع "الشيخ عمر" كما يربط عوائل الأزقة بالقصابين والعطارين وباعة الطرشي، حتى منزل فتّاح الفال "الشيخ عمر أبو الطوق" الذي اشتهر بين النساء على أنه يختار ما تريد الحوامل، ذكراً تشاء أم أنثى، وإذا ما جاء الجنين عكس نبوءته سيقول فوراً: إن تلك المرأة لم تفعل كما أوصاها...".
سيدنا الخليفة
في مقالة بعنوان (عبد الستار ناصر: القاص الثائر.. (سيدنا الخليفة) أنموذجا) كتب "أحمد عواد الخزاعي": "سيدنا الخليفة.. قصة قصيرة نشرها القاص عبد الستار ناصر عام 1975، مستخدما فيها الرمزية التي اقتصرت على العنوان فقط، وأما ما طرحه الكاتب في ثناياها فما هو إلا صرخة رفض مدوية وجرس إنذار للمجتمع العراقي بأن ما يحدث هو بداية مرحلة سياسية جديدة في العراق، ستسود فيها العشيرة والعائلة والحكم الفردي على جميع مفاصل الدولة العراقية وسَيُرهن العراق بثرواته وشعبه وحضارته لهذه المنظومة الحاكمة (أن القائد الذي جرّنا إلى التظاهر في وجه الخليفة وضد ما يسميه بالحكم الفردي أو الحكم العشائري، قد انسحب بكل جبروته وأنفه العريض إلى مولانا الخليفة وقد نصبه (محافظا) على جنوب الوطن العزيز)، هذه المنظومة الحاكمة التي أطلقت بالون اختبار كبير في فضاء العراق، لجس النبض ومعرفة مستوى الممانعة التي سيبديها هذا الشعب اتجاه قرارات كانت لا تمثل التوجه الحقيقي للنظام آنذاك ذي النزعة العلمانية، هذه القرارات التي قيدت الحريات الشخصية وفرضت وصاية صارمة على حركة الفرد العراقي داخل مجتمعه، والتي اتخذت طابعا دينيا متشددا يعيش في حالة تناقض مع الوجه العام للدولة كما عبر عنه القاص( حياة سلفية ضمن حياة عصرية).. تبدأ القصة بعبارة خطيرة (حرارة أجسادنا تفوح من المسامات وفوق أجسادنا ونحن في الشتاء، يمكن أن تسلق شيئا من البطاطس والبيض، فقد نصت قرارات الخليفة على أن تعرق في الشتاء وتلبس الثياب الصوفية في الصيف)، ثم ينتقل القاص إلى انتقاد تلك القرارات الجائرة بحق الفرد العراقي والتي وصلت لدرجة تحديد ما يلبس وكيف يتصرف بتعبيره (لقد منعوا كل شيء)، باستحضار شواهد تاريخية كانت يتطلب ذكرها جرأة كبيرة وغير مسبوقة كان أولها الحجاج بن يوسف الثقفي بكل ما يحمل من ارث دموي وسم به تاريخنا الإسلامي، ثم الحزب النازي الألماني، ذلك الحزب الذي جر على البشرية الويلات والدمار في مقاربة موضوعية مع الحزب الحاكم آنذاك، ثم ينتقل لذكر شخصيتين الأكثر وحشية في التاريخ الحديث، نوسكيه أحد الزعماء النازيين، والماركيز دي صاد صاحب نظرية (المتعة الشخصية المطلقة) الغير مقيدة بأعراف اجتماعية أو مبادئ أخلاقية أو قيم دينية.. وفي إشارة إلى انزواء القوى الوطنية وتخاذلها في تلك المرحلة الخطيرة من تاريخ العراق الحديث، وترك الساحة مفتوحة للنظام وأعوانه وخذلانهم للقوى الناعمة من الشعب التي تصدت لهذه القرارات الجائرة، يشير إلى شخصيتين ذات دلالتين الأولى مثيولوجية والأخرى دينية، يوليوس قيصر الذي خانه أقرب الناس إليه ومسلم بن عقيل سفير الحسين إلى الكوفة الذي قتل بعد أن تخاذل الناس عن نصرته.. (سيدنا الخليفة) قصة قصيرة لقاص ثائر تحمل انثيالات فكرية وسياسية كبيرة، قد لا تسعها رواية كبيرة، إلا أن قدرة القاص "عبد الستار ناصر" الاستثنائية على الاختزال وتمكنه الكبير من اللغة مكناه من أن يستحضر مأساة شعب بأكمله في عدة سطور، دفع ثمنها سجنا وتعذيبا لمدة عام كامل.. ذالك العاشق العظيم لأدبه وبالأخص للقصة القصيرة".
أمنية الكتابة داخل الوطن
وفي حوار آخر أجراه معه يقول "عبد الستار ناصر" عن الكتابة في الغربة: "ما كتبته في المنفى هو نفسه ما كان ينبغي كتابته في داخل الوطن، لو كانت ثمة حرية في التعبير، وما ذكرته في رواية (أبو الريش) هو امتداد طبيعي لقصة (سيدنا الخليفة) التي اعتقلوني بسببها عاما كاملا تحت الأرض، وتبقى رواية (صندوق الأخطاء) التي تنبأت فيها بسقوط نظام القتل في بغداد، وكنت على أكثر من يقين أن الحياة لا يمكنها أن تستمر تحت خيمة القتل والذبح وقطع الألسن وجزّ رقاب النساء (الشريفات) بحجة الدعارة، كنت أعرف أن القائد بلا قيادة، وأن الكتبة والشعراء أعطوه أكثر من حجمه مليارات المرات، وأن النهاية ستكون محض (فضيحة) من الدرجة المخزية، وكل هذا ذكرته في كتاباتي دون تردد "إن ما أقوله قد لا يكون صحيحا" ولكن الذي جرى أثبت بالدليل الملموس أنني قلت هذا وكتبته قبل ان تأتي ساعة الحقيقة، وأنا بصراحة فخور جدا بما تنبأت".
وعن نفسه يضيف: "أنا، وعلى عكس افتراضات (الآخر) إنسان بسيط، أخاف حتى من نفسي، وأمنع دقات قلبي من النبض أكثر مما يحتاج قلبي، وحين رأيت نفسي في عمّان الحبابة، شعرت بالحرية تلتف حولي وتربطني برباطها، ومنذ أول ليلة في عمان بدأت الكتابة بانفتاح عظيم، حتى أنني أصدرت (14) كتابا في عمان والقاهرة وبيروت خلال ثلاث سنوات فقط، وهي كمية كبيرة جدا موازاة ما كنت أنشره في بغداد. أرجوكما لا تسألاني عن لغتي، فهي نفسها التي كانت تراودني في وطني، ولا فرق بين ما كنت عليه وما أصبحت الآن فيه، وإذا ما تغيّر القطار قليلا عن سكة المحطة، فهو انعتاق طبيعي بسبب حرية الاتجاه صوب الفرح الشامل الذي شعرت به وأنا أكتب القصة القصيدة التي أريد والمقالة التي أريد والرواية التي كنت أتمناها، وقبل كل هذا الكلمة التي لا يأخذني بعد كتابتها رجل المخابرات ليسألني عن مغزاها!!".
خمسون كتابأ في الحب
وعن المرأة في حياته يقول: "سأقول بأنها تسللت من خصاص الخيبة والأحزان وراحت تركض خائفة من كهولتي ولحيتي وانكساري، ولم أعد ذلك (الدون جوان) الذي تركع أمامه النساء، ولن أصدق ما يقال عن وسامتي وجمال تقاطيع وجهي، أنا غادرت الميناء وابتعدت عن الحانات الصيفية ولم أعد ذاك السوبرمان المذهل الذي ينقذ النساء من البراكين والزلازل والأخطاء.. لقد كتبت خمسة كتب في الحب، وكنت مشتعلا بها أيام كان الحب مشتعلا بين ضلوعي، وفجأة، ولا أدري متى وكيف ولماذا انطفأ الحب تحت مسامات جلدي، وأصبحت مجرد شخص بارد كسول منطفئ توشك الفحولة أن تتبرأ منه، بل أوشكت ذات ليل فاجع أن أبكي ذكرياتي، ولو كنت أكثر قوة وجرأة لقتلت نفسي.. من السبب وراء ذبح ذكورتي؟ أنا أعرفه وأدري أسباب رغبته في قتلي، لكنه مضى والحمد لله إلى غير رجعة بعد أن أشبعنا خرابا وذلا وتهميشا.. يا لتلك السنوات العجاف المجرمة، كيف ترانا عشناها ولم نمت كمدا؟!".
قالو عنه
قال عنه الروائي عبدالخالق الركابي :
(في رحيل عبد الستار ناصر رحلتْ جلّ ذكريات شبابي وكهولتي: فمعه وحده قضيتُ أجمل سنوات العمر.. ولهول الصدمة أجدني اللحظة عاجزاً عن التعبير عن مشاعري بإزاء هذا المصاب الجلل فلا أملك إلا الاستنجاد بالمتنبي مستعيراً لسانه في رثاء أجمل أصدقاء العمر): طوى الجزيرةَ حتى جاءني خبرٌ / فزعتُ فيه بآمالي إلى الكذِبِ / حتى إذا لم يدعْ لي صدقُهُ أملاً / شرقتُ بالدمعِ حتى كاد يشرقُ بي / تعثرتْ بهِ في الأفواهِ ألسنُها / والبُرْدُ في الطرْقِ والأقلامُ في الكُتُبِ.
وقال أيضا علي عبد الامير عجام عنه :
في اخر ليلة له في عمّان قبل رحيله الى كندا وفي جلسة جمعتني اليه مع الكاتب الاردني الكبير محمود الريماوي كان عبد الستار ناصر يقول «ما أبغيه من رحيلي هذا هو استعادة صحتي، واستعادة قدرتي على القراة والكتابة»، الا ان القاص والروائي العراقي عبد الستار ناصر يقرّ بان لا ضمانة معينة ستجعل من هجرته الى مدينة تورنتو الكندية نقطة اصلاح لسيرة من الاخطاء السياسية والفكرية والشخصية ميزت حياته»... صباح مرعب اذ يحمل رحيل اخي الحبيب. واضاف : قصة عبد الستار ناصر « سيدنا الخليفة» التي نشرها في اوائل سبعينات القرن الماضي، وبسببها اودع السجن الانفرادي بطلب من خال صدام، خير الله طلفاح، كانت تحمل نبؤة شكل موته وحال بلاده اليوم: « يا بلادي: يا بلاد الذين يموتون سراً، أودعك الآن، فقد أمر الخليفة –سيدنا جميعاً- أن أكون الفدية لكل أسرى الحرب الأهلية التي فشلنا بها. وقد وقعت موافقاً وأنا بكل قواي الجسدية والعقلية، أقلّها يا بلادي أموت وحدي علناً».
قال عنه الناقد علي حسن الفواز :
انه صار بعيدا، فقد استساغ الموت البارد، وتلذذ ان يكون صديقا للثلج، وللجغرافيا العائمة...هكذا يموت عبد الستار ناصر الحالم الكبير جدا، والولد الذي عصيا على السنوات..كان يغشّ الحياة دائما باوهام الجسد، واوهام الحكايات، مثلما كان يغاشش نفسه بالضحك المفرط، والغوايات التي لاتنتهي. ظل منشغلا بحكاية الولد المكاني، الولد المشاغب، العاشق، الحالم، الدون جوان، اذ يكون هذا الانشغال مغامرة في البحث عن وجوه اخرى للمكان الذي يحبه، والمراة التي يعشقها، والزمن الذي يطلق عليه النعاس دائما... واضاف : مات عبد الستار ناصر وهو مسكون بالاحتجاج على زمن البطيخ، مات مكسورا في المنفى/المهجر، مات مستسلما لاحلامه القديمة، لاحلام لم يشأ الاّ ان يتوسدها لانها سريره الاخير...ولانها صوته البارد المكسو بالبوح دائما...، وداعا ياصديقي الجميل، وداعا لاحلام تحدثنا عنها كثير، لكنها هربت هي الاخرى مع العربات الراحلة بعيدا...
قال عنه أ.د. إبراهيم خليل العلاف أستاذ التاريخ الحديث – جامعة الموصل :
في محلة الطاطران البغدادية، حيث ولد تبدأ الحكاية ومع قصص أرسين لوبين ينشأ الفتى يقول:» بداياتي مدهشة بأوجاعها وإفلاسها وزينة أخطائها...» علاقاته مع الخطيئة فتحت باب الكتابة أمامه وعمره لما يزل صغيراً لا يتجاوز الـ (15) عاماً.. نشر قصته الأولى في مطلع الستينات من القرن الماضي في جريدة» الانباء الجديدة».. والغريب في الأمر إن الناقد اللبناني غسان كنفاني كتب عن مجموعته القصصية الأولى التي صدرت سنة 1969 بعنوان:» الرغبة في وقت متأخر»،وقال بالحرف ((انه كاتب يجوس بفانوسه الطابق السلفي من المدينة» وانتشى عبد الستار ناصر وفرح وأصر على الذهاب سريعاً في عالم القصة عندما قال عنه (كنفاني) انه من أحسن كتاب القصة القصيرة في الوطن العربي.. وكان من الطبيعي إن يكثر الحساد، وتنتعش روح الغيرة في البعض ممن لا يعجبهم العجب ولا الصوم في رجب.. لكن عبد الستار ناصر مضى وصرنا نقرأ له قصصاً قصيرة مفعمة بالانفعالات الإنسانية..أتذكر بأنني قرأت له كثيراً في الثمانينات من القرن الماضي.. وكنت أحس بأن عبد الستار ناصر ليس كاتباً عادياً.. وليس كاتباً مطواعاً انه كاتب ثائر، وكاتب بناء.. وكاتب محاط بالزوابع دائماً، كما وصفه الناقد الأستاذ علي جعفر العلاق. لم يكن عبد الستار ناصر كاتباً فاشلاً، كما يحب إن يصف نفسه.. هذا الكاتب الذي تزخر كنانته بقرابة (40) عملاً في النقد والقصة والرواية كيف يكون كاتباً فاشلاً ؟..










