علي حسين
منذ أن اعلنت نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة، والطاولات الشيعية والسنية تعقد وتنفض ليس باعتبارها اجتماعات لوضع تصور للسنوات الاربعة القادمة تغير في واقع المواطن العراقي، وإنما تقام بوصفها اجتماعات مغلقة لتقاسم المغانم، والحصول على " أدسم " قطعة من المائدة العراقية. تعقد هذه الطاولات دون حماس من المواطن العراقي، إذ يعلم المواطن أن الحكاية كلها تحصيل حاصل، وأن مثل هذا الاجتماعات لا تُقدم أو تؤخر في احواله. لذا من الطبيعي أن يستقبلها معظم العراقيين بفتور، وبلا اهتمام.
تفاصيل ما يجرى حول الطاولات تبدو غريبة وعجيبة، إذ تؤشر بوضوح إلى أن القوى السياسية لم تفهم الشعب حتى هذه اللحظة، وتصر على أن تحشر العراقيين في زاويةٍ ضيقةٍ تجعلهم يقولون: ليس في الإمكان أحسن مما كان!!.
ليس صحيحاً أن هذه الطاولات بشقيها الاطاري والمجلس السياسي، ولدت من أجل معالجة حالة الفشل الاقتصادي والسياسي االذي تعاني منه البلاد، بل إن القصة بأكملها محاولة لمنح المحاصصة جرعة حياة دائمة.
وبحسب البيانات التي تخرج بعد كل اجتماع، فإن نقطة واحدة تأخذ بيد المواطن نحو المستقبل والتنمية غابت عن اجتماعات الاطار وطاولة المجلس السياسي الوطني الذي انتهت قبل ايام قليلة بنزال ملاكمة بين مثنى السامرائي واحمد الجبوري "ابو مازن"، فيما نقلت الاخبار ان طاولة الاطار شهدت "زعل" السيد نوري المالكي.
السادة اصحاب طاولات الحل، يصرّون على العمل بموجب الديمقراطية العراقية التي تقتضي أن يربحوا الانتخابات كما ربحوها من قبل، والديمقراطية التي يتمسك بها ساسة العراق، لم يضعها إفلاطون في جمهوريته، وإنما وضعها المفكر ابراهيم الجعفري الذي اخبرنا ذات يوم ان الانتخابات اخرجت المارد من القمقم ليهشم الزجاجة، ونسى ان المارد أكل الاخضر واليابس ونهب البلاد والعباد.
الذين أحكموا الفشل على العراق وأقاموا دولة الفرهود وسدوا كل الأبواب والنوافذ أمام المستقبل، والذين طاردوا شباب الاحتجاجات في الشوارع والساحات، والذين هرّبوا المليارات، والذين تصدّروا المشهد السياسي بفضل أصوات البسطاء من الناس، أصروا على أن يجعلوا منا أقواما عاجزة، تتلفت حولها، تتوجس من جارها، وتخشى مصافحة الآخرين لأنهم لا ينتمون إلى نفس الطائفة.
للأسف بعد 22 عاماً، لم يعط النظام السياسي الجديد، العراقيين ما يمكن أن يتعلقوا به أكثر من مصطلحات عن الانبطاح والتوازن والأغلبية والتوافقية.
22 عاماً أمضيناها معهم في معارك انتهازية، ليست بينها معركة واحدة من أجل المستقبل.
22 عاماً من العمر.. والعمر به كم 22 عاماً ياسادة حتى تريدون منا أن ننتظر متى يبتسم قادة الاطار، ومن سينتصر في نزال المجلس السياسي؟!.









