TOP

جريدة المدى > خاص بالمدى > «الإطار» يطالب بانسحاب السوداني والمالكي.. وخطة قريبة لـ«دمج الحشد»

«الإطار» يطالب بانسحاب السوداني والمالكي.. وخطة قريبة لـ«دمج الحشد»

الفصائل منقسمة حول «نزع السلاح» والصدر يدعو إلى «الهدوء»

نشر في: 24 ديسمبر, 2025: 12:08 ص

بغداد/ تميم الحسن

يتّسع، على ما يبدو، الشرخ داخل الفصائل المسلحة بشأن ملف تسليم السلاح والجهة المخوّلة بإدارته، في انقسام لم يعد محصوراً بالإطار الأمني، بل بدأ يترك أثره المباشر على تفاهمات القوى الشيعية حول مرشح رئاسة الحكومة المقبلة.
وانتهى أحدث اجتماع لـ«الإطار التنسيقي» من دون التوصل إلى حسم في اسم رئيس الوزراء، رغم طرح مبادرة وُصفت بأنها قد تنهي حالة «الانسداد السياسي» المستمرة منذ أكثر من شهر، والتي لم تحظَ بأي تفاعل فعلي من الأطراف الشيعية حتى الآن.
ويرى محللون أن استمرار هذا الإغلاق السياسي يعيد إلى الواجهة «سيناريو مرشح التسوية»، في ظل ضغط متزايد تفرضه التوقيتات الدستورية التي تضيق هامش المناورة، إلى جانب الشروط الأميركية التي تتعلق بشكل الحكومة المقبلة وطبيعة علاقتها بالفصائل المسلحة.
خطاب مزدوج لقيادات الفصائل
تكشف روايات متضاربة أدلى بها أكثر من مصدر سياسي قريب من الفصائل المسلحة عن عمق الخلاف بشأن كيفية إدارة سلاح هذه الجماعات، وحدود دور الحكومة في التعامل مع المجموعات الرافضة لأي تسوية.
ويقول أحد المقربين من فصائل تُوصَف داخل الأوساط السياسية بأنها «متمردة» على قرار المجموعة الشيعية، إن أي حديث عن تسليم السلاح يبقى مشروطاً بانتهاء ما تسميه هذه الجماعات «الاحتلالين الأميركي والتركي». ويضيف المصدر، في حديث لـ«المدى»، أن السلاح — في حال تسليمه — «لن يذهب إلى جهة ثانية، بل سيكون حصراً بيد الحشد الشعبي».
وتعكس هذه المقاربة قدراً من المرونة المشروطة، قياساً بخطابات أكثر تشدداً تتبناها فصائل أخرى، تضع سقوفاً أعلى لمسألة التخلي عن السلاح، وصولاً إلى ربطه بتسليمه «للإمام المهدي»، كما يرد في خطابات «حركة النجباء»، وهو ما يُفسَّر سياسياً على أنه رفض نهائي لأي عملية نزع سلاح فعلية.
في المقابل، تبرز داخل المشهد الشيعي أطراف توصف بأنها أكثر براغماتية، تروّج لرواية مختلفة تقوم على تسليم السلاح إلى المؤسستين الأمنية والعسكرية الرسميتين، وزارتي الدفاع والداخلية، باعتبار ذلك خطوة تمهيدية لحل هيئة الحشد الشعبي ودمجها الكامل ضمن القوات النظامية.
وتذهب هذه الأطراف إلى أبعد من ذلك، مشيرة إلى احتمال تشريع قانون «جدي» في البرلمان المقبل — المفترض انعقاده الأسبوع القادم — يعيد هيكلة المنظومة الأمنية بكاملها، ويضع حداً لتعدد مراكز القوة المسلحة خارج التسلسل الرسمي للدولة.
غير أن هذا المسار لا يحظى بإجماع داخل الفصائل. ففي واحدة من أكثر المواقف دلالة على حجم التناقض، وجّه القيادي البارز في حركة «عصائب أهل الحق» جواد الطليباوي رسالة مكتوبة وعلنية إلى زعيم الحركة قيس الخزعلي، استهلها بالتأكيد على التزامه «كجندي» بقرارات القيادة، قبل أن يضيف لاحقاً: «ليعلم الجميع أن لا مكان في قاموسنا لتسليم السلاح أو التنازل عن المقاومة أو الغفلة عمّا يخطط لنا الأعداء».
وأضاف الطليباوي: «من يراهن على غير ذلك يجهلنا ويجهل وعي وشجاعة قائدنا»، في لهجة بدت متعارضة مع تصريحات سابقة للخزعلي نفسه.
وكان الخزعلي قد تحدث، الأسبوع الماضي، عن مبدأ «حصر السلاح بيد الدولة»، ضمن موجة تصريحات متزامنة صدرت عن «حركة أنصار الله الأوفياء» بزعامة حيدر الغراوي و«كتائب الإمام علي» بقيادة شبل الزيدي، في محاولة لبعث رسائل تهدئة داخلية وخارجية.
في الاتجاه المعاكس، أعلنت «كتائب حزب الله» و«حركة النجباء»، في بيانات منفصلة، رفضهما القاطع لتسليم السلاح، فيما اشترطت «الكتائب» إنهاء ما وصفته بـ«الاحتلالين الأميركي والتركي» للعراق قبل أي خطوة من هذا النوع.
وترافقت هذه المواقف المتناقضة مع رسائل أميركية وُصفت بالمشددة، تحذّر من إشراك فصائل في الحكومة المقبلة. ولم تستبعد هذه الرسائل — بحسب مصادر سياسية — خيارات تصعيدية، في حال جرى تجاهل الشروط المطروحة.
بالمقابل دعا مقتدى الصدر، زعيم التيار الصدري، إلى «الهدوء» وسط دعوات نزع السلاح، في تغريدة غامضة نشرها ما يُعرف بـ«وزير القائد» صالح العراقي.
وكان «الإطار التنسيقي» قد أعلن في وقت سابق عن نيته التواصل مع الصدر، المحتجب عن الساحة السياسية منذ نحو ثلاث سنوات، بشأن ملف رئيس الحكومة المقبلة.
ويذكر أن زعيم التيار الصدري اشترط في مناسبات عدة «حل الميليشيات» كشرط للعودة إلى النشاط السياسي والمشاركة في الانتخابات.
الأوزان تعيد الجدل
سياسياً، كشف ائتلاف «الإعمار والتنمية»، الذي يتزعمه رئيس الوزراء المنتهية ولايته محمد شياع السوداني، عن تفاصيل مبادرته الخاصة بحسم اختيار مرشح رئاسة الحكومة الجديدة، في خطوة لم تنجح حتى الآن في كسر الجمود داخل البيت الشيعي.
واشترط الائتلاف، في بيان رسمي، أن «يتمتع المرشح بتجربة ناجحة في إدارة الدولة والمواقع التنفيذية، وأن يمتلك رؤية واقعية وبرنامجاً حكومياً ينسجم مع تحديات المرحلة المقبلة، وأن يحظى بقبول وطني»، إلى جانب أن يكون «متبنّى رسمياً من إحدى قوى الإطار التنسيقي عبر ترشيحه».
وأضاف البيان أنه «في حال تعذر حسم اختيار المكلّف بتشكيل الحكومة بالتوافق، يتم اللجوء إلى آلية بديلة، من بينها اعتماد الأوزان الانتخابية داخل الإطار التنسيقي»، وهو ما فُهم سياسياً على أنه تمسك من السوداني بالمنصب، في ظل تصدر تحالفه عدد المقاعد على مستوى البلاد وداخل المجموعة الشيعية.
ورغم الإعلان عن المبادرة، لم يصدر أي تعليق رسمي من قيادات «الإطار التنسيقي». غير أن سعد السعدي، عضو المكتب السياسي لـ«حركة صادقون»، قال في مقابلة تلفزيونية إن «الذهاب إلى الأوزان الانتخابية، كما ورد في مبادرة السوداني، يتناقض مع توقيع الإطار بوصفه الكتلة الأكبر».
وانتهى، مساء الاثنين، آخر اجتماع للإطار التنسيقي — الذي عُقد في منزل همام حمودي، زعيم المجلس الأعلى — من دون حسم اسم رئيس الحكومة، رغم تقديم مبادرة السوداني خلال الاجتماع.
وقال الإطار، في بيان إن الاجتماع – وهو السادس منذ إعلان الائتلاف أنه الكتلة الأكبر الشهر الماضي- «شهد نقاشات معمقة لأوراق عمل مقدمة من قوى الإطار، تناولت مسارات التسريع بحسم تسمية رئيس مجلس الوزراء، إلى جانب بقية الاستحقاقات الانتخابية، وبما ينسجم مع السياقات الدستورية ومتطلبات المرحلة المقبلة»، من دون الخوض في تفاصيل إضافية.
وفي المقابل، أكد البيان «الموقف الثابت الداعم لحصر السلاح بيد الدولة، وفق مشروع وطني متكامل وآليات قانونية واضحة، بما يعزز سيادة الدولة ويحفظ الأمن والاستقرار ويخدم المصلحة العليا للبلاد»، في رسالة بدت موجهة للداخل والخارج معاً.
ومع مرور أكثر من 40 يوماً على إعلان نتائج الانتخابات، التي حصلت فيها القوى الشيعية على نحو نصف مقاعد البرلمان، لا يزال «الإطار التنسيقي» عاجزاً عن حسم اسم مرشحه لرئاسة الحكومة، فيما لم يتبقَّ أمامه سوى أقل من شهرين لتقديم الاسم، وفق التوقيتات الدستورية.
ويبرز الانسداد الحالي في إصرار كل من محمد شياع السوداني ونوري المالكي، زعيم ائتلاف «دولة القانون»، على الاستمرار في الترشح، رغم معلومات عن مطالب طُرحت خلال بعض اجتماعات الإطار تدعو إلى «تنازل الرجلين» عن المنصب، كمدخل لتسوية أوسع تنهي حالة المراوحة السياسية.
البحث عن «طريق ثالث»
بدوره، يرى إحسان الشمري، أستاذ الدراسات الاستراتيجية والدولية في جامعة بغداد، أن الأزمة داخل «الإطار التنسيقي» دخلت مرحلة أكثر تعقيداً، ولم تعد محصورة في الانسداد المتعلق برئاسة الوزراء ومرشح الحكومة، رغم وجود مؤشرات غير مكتملة على احتمال الذهاب نحو «مرشح تسوية».
ويشير الشمري في حديث لـ«المدى» إلى أن العامل الأكثر ضغطاً حالياً يتمثل في الاشتراطات الأميركية، ولا سيما تلك المتعلقة بشكل الحكومة المقبلة وطبيعة توجهاتها، وغياب الأجنحة أو الشخصيات السياسية المرتبطة بالفصائل المسلحة عن التشكيلة الحكومية، محذراً من أن «تجاهل هذه الشروط قد يترك تداعيات واسعة على الحكومة القادمة، وعلى العراق، وعلى مجمل التسويات الدبلوماسية والأمنية والاقتصادية».
ويصف الشمري وضع «الإطار التنسيقي» بأنه الأسوأ منذ تشكيله، لافتاً إلى أن انتقال الضغط من مستوى تشكيل الحكومة إلى ملف نزع سلاح الفصائل «أربك حسابات الفصائل نفسها، كما أربك الإطار، خصوصاً في ظل اقتراب القوى المسلحة وحلفائها من امتلاك نحو 105 مقاعد في البرلمان».
وبحسب الشمري، فإن هذا الواقع أسهم في تعميق الأزمة داخل الإطار، وولّد انقساماً واضحاً داخل الفصائل بين «تيارات تميل إلى القبول بخيارات التسوية، وأخرى ترفض أي مسار يؤدي إلى نزع السلاح أو فك الارتباط السياسي».
ويضيف أن قضية نزع السلاح، إلى جانب مطلب إبعاد شخصيات مرفوضة من واشنطن، «تحولت إلى أزمة إضافية زادت من تعقيد المشهد داخل الإطار التنسيقي برمته».
ويخلص الشمري إلى أن الإطار، وكذلك الفصائل، لا يمتلكون هامشاً واسعاً للمناورة في مواجهة الولايات المتحدة، معتبراً أن الخيارات باتت محصورة بين القبول بهذه الاشتراطات، أو محاولة صياغة «طريق ثالث» قد ينقذ الوجود السياسي، أو على الأقل المستقبل السياسي، للإطار التنسيقي.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

(المدى) تنشر نص قرارات مجلس الوزراء

لغياب البدلاء.. الحكم ينهي مباراة القاسم والكهرباء بعد 17 دقيقة من انطلاقها

العراق يعطل الدوام الرسمي يوم الخميس المقبل

البيئة: العراق يتحرك دولياً لتمويل مشاريع التصحر ومواجهة التغير المناخي

التخطيط: قبول 14 براءة اختراع خلال تشرين الثاني وفق معايير دولية

ملحق منارات

مقالات ذات صلة

ائتلاف السوداني ينسف روايات حسم اسم رئيس الحكومة: ما زلنا في «انسداد» و«مراوحة»

ائتلاف السوداني ينسف روايات حسم اسم رئيس الحكومة: ما زلنا في «انسداد» و«مراوحة»

بغداد/ تميم الحسن دخلت عملية اختيار رئيس الوزراء المقبل رسمياً مرحلة ما يصفه قادة بارزون في «الإطار التنسيقي» بـ«الانسداد السياسي»، بعد مرور نحو أربعين يوماً على إعلان نتائج الانتخابات، من دون التوصل إلى توافق...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram