متابعة المدى
عن عمر ناهز واحداً وثمانين عاماً، توفي الكاتب والباحث العراقي ناجح المعموري، يوم الأربعاء الماضي ، بعد معاناة مع المرض، في مدينة الحلّة بمحافظة بابل، حيث وُلد وعاش سنواته الأخيرة، في المكان نفسه الذي شكّل إحدى أهم روافد مخيلته واهتمامه المبكر بالأسطورة والموروث.
يُعدّ المعموري من الأسماء التي تركت أثراً في المشهد الثقافي العراقي، سواء من خلال إنتاجه السردي المبكر أو عبر مشروعه البحثي اللاحق، الذي انشغل فيه بالأسطورة وتاريخ الأديان وقراءة النصوص التوراتية. وامتد اشتغاله الثقافي لأكثر من خمسة عقود، جمع خلالها بين الكتابة الإبداعية والعمل الصحافي والنشاط الثقافي المؤسسي، متنقلاً بين القصة والرواية والدراسة الفكرية.
وُلد المعموري في أربعينيات القرن الماضي، درس في معهد إعداد المعلّمين ببغداد (قسم اللغة الإنكليزية)، وعمل في سلك التعليم منذ منتصف ستينيات القرن العشرين، ثم عمل في الصحافة الثقافية، مشاركاً في تحرير وإدارة مجلات محلية، من بينها "الجندول" و"شبابيك". بدأ مسيرته الأدبية بالقصة القصيرة، فأصدر مجموعته الأولى "أغنية في قاع ضيق" عام 1969، قبل أن تتوالى أعماله السردية، ومنها "الشمس في الجهة اليسرى"، وروايات "النهر"، و"شرق السدّة.. شرق البصرة"، و"مدينة البحر"، التي عكست انشغاله بالتحولات الاجتماعية وبالهامش العراقي، ولامست علاقة الفرد بالسلطة والمكان.
إلى جانب السرد، كرّس المعموري جزءاً كبيراً من جهده للبحث في الميثولوجيا والموروث الشعبي، وكتب دراسات عن الأمثال والألعاب الشعبية والفولكلور العراقي. غير أن حضوره الأوسع جاء من خلال كتبه التي تناولت العلاقة بين الأسطورة والتوراة، مثل "موسى وأساطير الشرق"، و"الأسطورة والتوراة"، و"ملحمة جلجامش والتوراة"، و"التوراة وطقوس الجنس المقدّس"، حيث سعى إلى قراءة النصوص الدينية بوصفها نتاجاً تاريخياً وثقافياً متشابكاً مع بيئة الرافدين.
كما كان الراحل فاعلاً في الحياة الثقافية العامة، عمل في صحيفة المدى منذ بداية تاسيسها ، وكان احد ابرز الكتاب فيها . شغل مناصب عدّة في اتحاد الأدباء والكتّاب في العراق، وأسهم في النقاشات حول دور الثقافة والمثقف في الأزمات.
رحيل ناجح المعموري ..حارس الاساطير البابلية

نشر في: 28 ديسمبر, 2025: 12:06 ص









