ترجمة المدى
مع استمرار حالة الحرب، تُخلّف الضربات الإسرائيلية وراءها دماراً واسعاً، حيث قُتل أكثر من 400 شخص وأُصيب 1,000 آخرون منذ أكتوبر، بينهم أطفال رُضّع قُتلوا بعد غارة إسرائيلية استهدفت مدرسة تؤوي نازحين فيما يُسمّى بـ"المنطقة الآمنة"، وتعرّض أطفال لا تتجاوز أعمارهم ثماني سنوات لرصاص جيش الاحتلال، ويُقتلون لمجرد اقترابهم من الخط الأصفر الذي يحدّد مناطق السيطرة الإسرائيلية، باعتبارهم مُشتبهاً بهم.
وتستمر عمليات الجيش الإسرائيلي خلال فترة وقف إطلاق النار، وتُظهر صور الأقمار الصناعية إقامة نقاط عسكرية جديدة شرق الخط الأصفر الذي يحدّد السيطرة الإسرائيلية، وذلك ضمن المرحلة الأولى من خطة السلام التي طرحها الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
وقام فريق البيانات والتحقيقات في سكاي نيوز بتحليل صور الأقمار الصناعية، التي تُظهر أن الكتل الصفراء التي وضعها جنود الجيش الإسرائيلي على الأرض لتحديد مناطقهم تقع على عمق يتراوح بين 390 و490 متراً داخل غزة، مقارنة بالخرائط الرسمية التي نشرها الجيش.
وتقول مها حسين، المديرة الاستراتيجية لمنظمة «يورو-ميد» لمراقبة حقوق الإنسان ومقرها غزة: "إنها عملياً تبتلع أكثر من نصف مساحة قطاع غزة، ومنذ اتفاق وقف إطلاق النار وهي تتغير باستمرار. كل يوم تتغير، وكل يوم يبتلع الخط الأصفر مزيداً من الأراضي، وقد وثقنا حتى الآن أن الخط الأصفر ابتلع ما بين 53 و54% من أراضي غزة".
وتضيف: "في المناطق التي توسّع فيها الخط الأصفر، يُقتل ويُصاب ويُستهدف الكثير من الناس بنيران القناصة الإسرائيلية، والطائرات المسيّرة الصغيرة، وحتى بالقصف المدفعي والغارات الجوية. وقد وثقنا عشرات الحالات، من بينها أطفال، ضمن الضحايا".
وتقول وزارة الصحة في غزة إن أكثر من 400 شخص قُتلوا وأُصيب 1,000 آخرون منذ بدء وقف إطلاق النار في 10 أكتوبر/تشرين الأول.
وفي حادثة أخرى وقعت في منطقة غير خاضعة للسيطرة الإسرائيلية، تعرّضت مدرسة شهداء غزة، التي تحوّلت إلى مأوى للنازحين في مدينة غزة، لقصف من الجيش الإسرائيلي.
وقُتل ما لا يقل عن ستة أشخاص، من بينهم طفل رضيع يبلغ من العمر خمسة أشهر، في حادثة قال الجيش الإسرائيلي إن قواته استهدفت فيها "مشتبه بهم" غرب الخط الأصفر، خارج نطاق سيطرته.
وذكرت تقارير أن زوارق بحرية إسرائيلية أطلقت النار في البحر قبالة ساحل مدينة غزة، ما أثار الذعر والخوف بين السكان، الذين تبعد خيامهم المخصّصة للنازحين عشرات الأمتار عن الساحل.
وفي الوقت نفسه، واصلت الطائرات الإسرائيلية حملة هدم المنازل في القطاع المتضرر، حيث ضربت الطائرات مباني شرق منطقتي الزيتون والتفاح في مدينة غزة، بالإضافة إلى مخيمات المغازي وبوريج ونصيرات للاجئين في وسط قطاع غزة، وفقاً لوكالة الأنباء الفلسطينية.
واستمرت الطائرات الإسرائيلية كذلك في القيام برحلات مكثفة على ارتفاع منخفض فوق مناطق مختلفة من قطاع غزة.
يأتي ذلك في وقت داهم فيه الجيش والمستوطنون عدة مدن في الضفة الغربية، بما في ذلك مدينة قباطية، مستخدمين الجرافات والمركبات العسكرية، ومعتدين على الفلسطينيين ومداهمين منازلهم.
كما استمرت القيود الإسرائيلية على المساعدات الإنسانية الحيوية، على الرغم من وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس، مما يحرم الفلسطينيين النازحين من الاحتياجات الأساسية والمأوى المؤقت في فترة موجة الطقس القاسية.
وأفاد مكتب الإعلام الحكومي في غزة في وقت سابق من هذا الأسبوع بأن متوسط عدد شاحنات المساعدات التي تدخل القطاع يبلغ 244 شاحنة يومياً، وهو أقل بكثير من المعدل اليومي البالغ 600 شاحنة المقرر باتفاق وقف إطلاق النار.
وتكثفت الهجمات من قبل المستوطنين الإسرائيليين والمداهمات التي تنفذها القوات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة أيضاً. وأفادت وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) بأن عاملاً بلدياً فلسطينياً أُصيب بعد تعرضه لهجوم من قبل مجموعة مستوطنين خارج نابلس يوم الجمعة، بينما تم احتجاز مزارعين فلسطينيين حاولوا العمل في أراضيهم شرق طوباس على يد القوات الإسرائيلية.
كما تم اعتقال عدة فلسطينيين خلال مداهمات إسرائيلية استهدفت مجتمعات يطا وبيت أمر قرب الخليل، من بينهم امرأة وأربعة أطفال ورجل مسن، حسبما أفاد ناشطون فلسطينيون، بعد أن قام المستوطنون بإتلاف السياج حول منزله.
ويأتي هذا الهجوم بعد يوم من ظهور تسجيل مصور يظهر مستوطناً إسرائيلياً يدهس فلسطينياً كان يصلي على جانب الطريق في الضفة الغربية المحتلة.
من جانب آخر، فقدت امرأة فلسطينية يوم الأحد حياتها، وأُصيب عدة أفراد من عائلتها، عندما انهار مبنى متضرر هيكلياً جراء عاصفة قوية تجتاح قطاع غزة. وأفادت المصادر الطبية أن المرأة البالغة من العمر 30 عاماً كانت في خيمة مجاورة للمنزل المتضرر في منطقة الرمال بمدينة غزة عندما انهار جدار.
وتسببت الظروف الجوية السيئة بكارثة أوسع لمئات الآلاف من الفلسطينيين النازحين داخلياً. فالأمطار الغزيرة والرياح العاتية، التي بدأت ليلة السبت، أغرقت آلاف الخيام وجرفت أخرى كانت بمثابة ملاجئ مؤقتة. وفي مدينة خان يونس جنوب القطاع، أغرقت الأمواج المتصاعدة المئات من الخيام المنتشرة على الشاطئ، مما أدى إلى تدمير الممتلكات القليلة التي يملكونها، وترك العائلات عرضة لعوامل الطقس.
كشفت هذه الأحوال الجوية الشتوية عن الظروف المعيشية الصعبة التي يتحملها المجتمع النازح في غزة. فمع تضرر أو تدمير معظم المباني الرسمية جراء عمليات عسكرية إسرائيلية متواصلة لعدة أشهر، يضطر السكان للعيش إما في خيام متهالكة أو في مبانٍ عالية الخطورة معرضة للانهيار. وتشكل الأحوال الجوية الحالية خطراً جسيماً على هؤلاء السكان، الذين يفتقرون إلى المأوى الكافي أو أنظمة تصريف المياه أو الحماية من البرد والأمطار.
من جانب آخر، واصلت القوات الإسرائيلية يوم الأحد قصف أجزاء من شرق مدينة غزة بالمدفعية، فيما استهدفت الضربات الجوية أيضاً مناطق شرق خان يونس ووسط غزة، في انتهاك لاتفاق وقف إطلاق النار.
وتأتي موجات القصف المتكررة، التي استهدفت مناطق مدنية ومخيمات النزوح والمنازل، في وقت تكافح فيه غزة شتاءً قاسياً مع محدودية وصول المساعدات إلى القطاع.
كما جرفت الرياح العاتية العديد من الخيام، مما أدى إلى تهجير المزيد من العائلات وتركهم عرضة للأمطار الغزيرة وظروف لا تُطاق.
وقد دمرت الحرب الإسرائيلية على غزة، التي اعتبرها كبار حقوقيين وباحثين إبادة جماعية، أكثر من 80% من مباني القطاع، وأدت إلى نزوح ما يقرب من كامل السكان.
عن صحف ووكالات عالمية









