اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > المدى تدخل إلى عالم من الدخان والأوبئة..واقع النساء العاملات في معامل الطابوق

المدى تدخل إلى عالم من الدخان والأوبئة..واقع النساء العاملات في معامل الطابوق

نشر في: 30 مارس, 2011: 05:28 م

بغداد/ المدى عدسة: أدهم يوسفيصفها البعض بجهنم الحمراء حيث تتعذب  فيها الاجساد.. مكان تنزف فيه أقدام الاطفال وهم يجرون وراء أمهاتهم ليفلحوا بالتعلق بأسمالهن البالية، وهن يحملن على اكتافهن الطين والطابوق، ليوفرن ما يقيهن شرور الرذيلة ..
أماكن يسمونها بمعامل الطابوق في العراق، ما زالت تسحن نفوس العاملين فيها من أجراء العمل المؤقت، نساء ورجال واطفال وحمير وعربات تحمل الطين المفخور، لترصفه على مساحة شاسعة من الارض قبل ان يبيعه صاحب المعمل ويتهنّى بثمنه، أسر بكاملها تعم اجسادها فوضى المناخ، ويتسلط عليها ظلم الطبيعة بكل جبروتها لتظهر وجوههم بلا جلود .. إنهم لا يوحون للناظر أن لهم جلوداً حية تسير فيها الدماء، بل هي طبقات من لا شيء سوى صفحات مغبرة يعمها الجفاف، واطفال حفاة تتوزع على اجسادهم قطع مما يسمونها ملابس .. خرق تعبث بها الريح كيفما تشاء، وتظهر انصاف اطرافهم وهم يجرون بلا انتظام أينما سنحت لهم الفرصة للحاق بذويهم حيث لا يهتم بهم أحد .. أكوام من طين تهوي عليها أسر بكاملها وبكل ما أوتيت من قوة هدها الجوع، لتنتج ما يرضي رب العمل وزبانيته ممن يسمونهم (بالمراقبين) .. الدواب التي يستخدمونها لجر العربات المحملة بالاحجار تذهب وتجيء مؤدية ما عليها دون توجيه من أحد .. فهي تعرف الى أين عليها أن تمشي ومتى عليها أن تتوقف .. في نفس المنطقه تقع هياكل يقال عنها أنها مساكن للعاملين، زرائب مهلهلة لا تقي من حر ولا من برد، يسعى أربابها إلى تصليح الشقوق الحاصلة فيها بعد ساعات العمل المضني لكي يتمكنوا من النوم فيها ولو لساعات قليلة. معامل الطابوق التي جاء ذكرها في التاريخ القديم للعراق اتصفت  بقدم البناء العراقي الذي ما ان تتذكره  حتى تتوارد الى ذهنك افكار وصور هندسية، فضلا عن تصورك لهذه الصروح من اين تكونت وما هي المواد التي استخدمت في تشيدها؟ على الرغم من بساطة الادوات والمواد المتوفرة انذاك ومع تقدم الزمن ومرور اجيال عدة عبر نفق التاريخ لنصل الى عهدنا الحاضر لنجد بدائية الماضي تعصف بواقعنا الحالي , فما ان تهبط من جسر ديالى الجديد وبعد انقضاء كيلومترين حتى يتراءى لك من بعيد اعمدة من  غبار الماضي متصلة بحداثة الحاضر بحيث تنسى الارض التي تسير عليها وتستعجل وصول السيارة لانك ستتوهم انك امام عاصمة الضباب ولكنك ما ان تقطع 2كم او ثلاثة حتى تبدأ بالشعور بضيق واختناق حيث تجد نفسك امام جو ملوث بالغبار والدخان لتختلط الامور عليك، لاسيما انه يلوح خلف الغمامة بعض هياكل الاشجار ولكن ما ان تقترب حتى تتوضح لك الصورة الا وهي ( كوة) تنفث الدخان والتراب لتشكل تلك الغمامة وعند وصولك حيث تبدأ لك الصورة المأساوية الى درجة يشطح بك الخيال كأن هذه المقاطعة من الارض قد نقلها طائر الرخ من اعماق التاريخ وحط بها في هذه المنطقة التي تعيش القرن الحادي والعشرين، فتتشكل امامك صورتان، صورة عبق التاريخ وصورة الحضارة.rnبيوت طينية يسكنها أطفال ونساءتجد في مواقع العمل العجب محالا وبيوتا من الطين يسكنها نساء واطفال فعندما سالنا احد النساء العاملات اجابت  نحن تهجرنا من محافظة واسط تاركين خلفنا بيتنا وجميع مصالحنا ووصلنا الى هذه المنطقة واشتغلنا في هذه المهنة وبالرغم من عودة استقرار الاوضاع الامنية لكن نحن تعودنا على هذه المنطقة وما نحن عليه الآن ولهذا اضطررنا الى المكوث والعمل في المعمل بعد الاتفاق مع صاحب العمل السيد (علي شمخي) حيث قمنا ببناء دار من الطين لنكون قريبين من موقع العمل لنعمل جميعا انا وزوجي واولادي ولو انتقلت الى مواقع العمل الفعلية فسترى حيوانات يقودها ويشرف عليها اطفال من الجنسين يذهبون ويعودون معها فتكون بداية الانتقالة من موقع ( الكاصوصة ) الى موقع نشر الطابوق , وجهنا سؤالنا الى احد الاطفال لماذا تختص بهذه المهنة دون غيرها بالذات فأجابنا الطفل ( محمد )  ان هذا العمل لايقدر عليه سوى الاطفال لبساطته، فضلا على انه يتطلب السير مشياً لمسافات طويلة تستغرق وقتا طويلا، مستصحبين معنا الحيوانات لننقل المواد على ضهورها واكثر الحيوانات استعمالا في هذه المهنة هي الحمير، فضلا عن الاجور القليلة التي نرضى بها وانا لا اعمل وحدي وانما اعمل مع باقي افراد عائلتي ابي وامي واخوتي الاربعة حتى نستطيع تحمل تكاليف المعيشة الصعبة، ولا سيما اننا عائلة كبيرة ولا تستغرب ان اعمار اخوتي لاتتجاوز الثلاثة عشر عاما وانا اصغرهم حيث ابلغ من العمر ثماني سنوات  ً وما ان اكملنا الحديث مع (محمد) حتى لاحضنا احد العمال والذي يسمى بـ( عامل الكاصوصة ) والغريب الذي يلفت النظر الى طريقة تعامله مع ( الحمار ) الذي يستخدمه بالعمل حيث يقوم بضربه ضربة خفيفة واحدة حتى يستدير بشكل نظامي ويسير خلف صاحبه وبنفس الطريق، وما ان يصل الى المكان المطلوب حتى يقف لوحده ويترك مسافة خمسة سنتمترات بينه وبين صاحبه، مما يثير العجب.وبعد ان تجاوزنا المعبر الرئيس صرنا في احد المداخل، طالبين بذلك صاحب المعمل واستعجلنا الامر ودخلنا الى موقع الادارة في المعمل لنجد ان صاحب العمل قد بنى مكتبه بشكل يتنا

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

دي خيا يثير الغموض حول مستقبله

محكمة مصرية تلزم تامر حسني بغرامة مالية بتهمة "سرقة أغنية"

والدة مبابي تتوعد بمقاضاة باريس سان جيرمان

للحفاظ على «الهدنة».. تسريبات بإعلان وشيك عن موعد انسحاب القوات الأمريكية

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram