TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > هل سيمنح الانفراج الدبلوماسي بين ترامب وبوتين سبباً للتطلع إلى عام 2026 بتفاؤل؟

هل سيمنح الانفراج الدبلوماسي بين ترامب وبوتين سبباً للتطلع إلى عام 2026 بتفاؤل؟

نشر في: 30 ديسمبر, 2025: 12:03 ص

د. فالح الحمـــراني

تتفق مختلف قراءات العوامل التي كان لها تأثير جسيم على تطورات عام 2005 المنتهي أن انتخاب دونالد ترامب قد غيّر جذرياً الأجندة الدولية برمتها، والتي جسدها صقور الاتحاد الأوربي الممثلة وفقا لتقيمات روسية: أورسولا فون دير لاين وكايا كالاس «بهوسهما بالعقوبات والقمع وتشديد الخناق على السلطة والمصادرة». ويفضلون أن يكون ذلك بشكل دائم. وانضم إليهما المستشار الألماني فريدريش ميرتس، مضيفاً إلى خطابه إجراءات لزيادة الميزانية العسكرية بشكل كبير وعسكرة الاقتصاد الألماني.
وترصد العديد من تلك القراءات أن تحقيق انفراجة دبلوماسية بين ترامب وبوتين في عام 2025 يمنح سبباً للتطلع إلى عام 2026 بتفاؤل، والتخلي عن الخطاب المتعلق باستخدام الأسلحة النووية، من بين أمور أخرى.
وفي التطلع الى عام 2026 القادم واستنادا الى المعطيات المتوفرة تذهب الى المرحلة الحادة من المواجهة الروسية الأوكرانية ستنهي في نهاية المطاف، رغم أن العديد من القضايا الرئيسية في بناء نظام أمني أوروبي جديد ستبقى عالقة.
وفي نظرة متفائلة الى الساحة الدولية بمجملها ترى التقارير إن عدد ما توصف ب "الدول الفاشلة" لن يرتفع في العالم بشكل كبير، وسيُلاحظ استقرار نسبي حتى في مناطق مضطربة تقليديًا مثل أفغانستان وسوريا وليبيا والصومال. وهذا يعني، من بين أمور أخرى، أنه في عام 2026 لن يكون هناك زيادة ملحوظة في تدفقات المهاجرين غير المشروعيين عبر الحدود: كما سيستقر إجمالي عدد اللاجئين والنازحين داخليًا في جميع أنحاء العالم عند 125-130 مليونًا. ولن تتكرر أزمة الهجرة الأوروبية لعام 2015: وسيستقر معظم اللاجئين في البلدان الأقرب إلى مناطق النزاع (كما يحدث اليوم، على سبيل المثال، مع اللاجئين والنازحين داخليًا من أفغانستان).
اوفي تناولها لقضية لأمن العالمي الذي غدا هشا في العام المنتهي، ترى ان العام المقبل لن يشهد اندلاع نزاع عسكري جديد يُضاهي في حجمه المواجهة الروسية الأوكرانية. ولن تؤدي الضربات الإسرائيلية المحتملة على إيران، أو الأمريكية على فنزويلا، أو الاشتباكات المسلحة بين الهند وباكستان، أو بين كمبوديا وتايلاند، أو بين جمهورية الكونغو الديمقراطية ورواندا، إلى حروب إقليمية شاملة. ورغم التوترات القائمة، لن تندلع نزاعات مسلحة كبرى تشارك فيها قوى عظمى حول تايوان، أو في شبه الجزيرة الكورية، أو في الشرق الأوسط. ولن يكون العالم في عام 2026 في حالة استعداد للحرب، على الرغم من الخطابات العدائية لبعض القادة والسياسيين الشعبويين.
وعلى خلفية تلك الأوضاع سيستمر سباق التسلح في عام 2026، حيث سيقارب إجمالي الإنفاق العسكري 3 تريليونات دولار (مقارنةً بـ 2.8 تريليون دولار في عام 2025). ومع ذلك، من المتوقع أن يتباطأ معدل نمو هذه النفقات، ولو بشكل طفيف نتيجةً للقيود المتزايدة على الميزانية ومحدودية الإمكانات الصناعية العسكرية للدول المشاركة الرئيسية في هذا السباق.
ورغم من استبعادها إمكانية إعادة تفعيل آليات الحد من التسلح القديمة، إلا أن تتنبأ ان الاتفاقيات الثنائية غير الرسمية، بل وحتى المتعددة الأطراف، بشأن ضبط النفس المتبادل في أكثر مجالات التنافس العسكري إثارةً للقلق، ستكون ممكنة العام المقبل. وخلافًا لتصريحات ترامب الأخيرة، لن تستأنف الولايات المتحدة تجاربها النووية في عام 2026، بل ستقتصر على النمذجة الحاسوبية. وسيُختتم مؤتمر استعراض عدم انتشار الأسلحة النووية القادم باعتماد وثيقة ختامية تؤكد وحدة أو تقارب المواقف داخل المجتمع الدولي بشأن هذه القضية المحورية للأمن العالمي.
وسيبلغ النمو الاقتصادي العالمي في عام 2026 ما بين 3 و3.2% (وهو معدل قريب من معدل هذا العام)، مع عدم تجاوز التضخم العالمي 3.5-3.7% (وهو معدل جيد مقارنةً بـ 4.2% في عام 2025). وسيكون التباطؤ شبه الحتمي في النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة (إلى 2%) والصين (إلى 4.6-4.8%) طفيفًا نسبيًا؛ إذ ستبقى هاتان الدولتان المحركين الرئيسيين للنمو الاقتصادي العالمي. وسيكون ذلك التطور ضمن المحفزات القوية للحفاظ على النمو العالمي والتبني العناصر الأولى للذكاء الاصطناعي في قطاع التصنيع بصورة واسعة، مما سيرفع إنتاجية العمل بنسبة 1.5-2% على الأقل في الاقتصادات الرائدة عالميًا. وبينما لا يمكن استبعاد إمكانية حدوث تعديلا كبيرة في الأسواق المالية العالمية، فلا يُتوقع تكرار فقاعة الإنترنت التي شهدتها أواخر القرن العشرين وأوائله (عندما خسرت بورصة ناسداك وحدها ما يقارب 5 تريليونات دولار) في العام المقبل. وبالمثل، لا يُتوقع حدوث صدمات مالية حادة ناجمة عن ارتفاع عجز الموازنة والدين العام في الاقتصادات الرائدة.
وترجح تلك التقارير تجنب نشوب حرب تجارية شاملة بين الولايات المتحدة والصين. وحسب ما تراه لن يجرؤ دونالد ترامب على شنّ مثل هذه الحرب عشية انتخابات التجديد النصفي للكونغرس، بل سيوافق على "اتفاق" مؤقت آخر مع بكين. ونتيجة لذلك، سترتفع متوسطات الرسوم الجمركية العالمية من 3-4% إلى 5-7%، وهو ما لا يكفي بالتأكيد لتحويل الاقتصاد العالمي نحو التكتلات الإقليمية بشكل دائم لا رجعة فيه. الى ذلك سيستمر "فك الارتباط الاستراتيجي" بين واشنطن وبكين، لكنه سيسير بطريقة منظمة وتدريجية نسبياً، وسيقتصر في المقام الأول على عدد قليل من قطاعات التكنولوجيا المتقدمة.
كذلك ستنخفض أسعار النفط تدريجياً على مدار العام (من 69 دولاراً للبرميل إلى 60 دولاراً)، مع بقائها ضمن نطاق مريح عموماً لكل من المصدرين والمستوردين. كما ستبقى أسعار الغاز الطبيعي المسال والغاز المنقول عبر الأنابيب مستقرة. وستكون أسواق المعادن الأساسية والمنتجات الزراعية مستقرة نسبياً. بالطبع، سيُلاحظ التأثير في دول مثل هايتي ومالي والسودان واليمن وفلسطين.
في اطار الحوكمة العالمية: سيُنتخب أمين عام جديد للأمم المتحدة في عام 2026. وسيخلف أنطونيو غوتيريش، البالغ من العمر 77 عامًا، رجلٌ من جيل مختلف، قادر على بث روح جديدة في هياكل الأمم المتحدة. ولن يقتصر خفض التمويل الأمريكي للأمم المتحدة (الذي سيقلل ميزانية المنظمة الإجمالية بأكثر من 500 مليون دولار، أي ما يقارب 15%) على تقليل اعتماد الأمم المتحدة المفرط على واشنطن فحسب، بل سيُجبر المسؤولين في نيويورك على البحث عن سبل جديدة لتحسين فعالية المنظمة. وهكذا، فإن إصلاحات الأمم المتحدة التي طال انتظارها ستبدأ في عام 2026 ليس من أعلى إلى أسفل - مع تغييرات في تكوين مجلس الأمن أو مراجعة إجراءات استخدام حق النقض من قبل الأعضاء الدائمين - ولكن من أسفل إلى أعلى - بما في ذلك زيادة مستوى التنسيق بين العديد من وكالات الأمم المتحدة المتخصصة، ووضع مجموعة جديدة من المعايير لتقييم فعالية بيروقراطية الأمم المتحدة، وتحديث قدرة المنظمة على حفظ السلام، وما إلى ذلك.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: ليلة اعدام ساكو

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

العراق.. السلطة تصفي الحق العام في التعليم المدرسي

قناطر: شجاعةُ الحسين أم حكمةُ الحسن ؟

العمود الثامن: ب.ب وعصر الفخامات

العمود الثامن: دعاء برلمان 2026

 علي حسين مع نهاية عام وبداية عام جديد، فتح مزاد المناصب في البرلمان العراقي، وشرعت مغارة علي بابا بفتح ابوابها لأعضاء جدد امتلأت الشوارع قبل اسابع بلافتاتهم وشعاراتهم عن الجنة الموعودة للعراقيين، والتغيير...
علي حسين

هل سيمنح الانفراج الدبلوماسي بين ترامب وبوتين سبباً للتطلع إلى عام 2026 بتفاؤل؟

د. فالح الحمـــراني تتفق مختلف قراءات العوامل التي كان لها تأثير جسيم على تطورات عام 2005 المنتهي أن انتخاب دونالد ترامب قد غيّر جذرياً الأجندة الدولية برمتها، والتي جسدها صقور الاتحاد الأوربي الممثلة وفقا...
د. فالح الحمراني

هل العراق قادر على اللحاق بالرَّكب الرقمي؟

جورج منصور ثَمَّةَ فَجوَةٌ زمنيَّةٌ تَفصِلُ ما يعيشه العالم عمَّا يعيشه العراق. فبينما يَسيرُ العالَمُ نحوَ الذكاء الاصطناعي والحوكمة الرقمية والتعليم المدمج، ويطفو على سُحُبٍ من البيانات؛ حيثُ تُدارُ الحروبُ بالخوارزميات، وتُخاضُ المعاركُ بالكلمات...
جورج منصور

رئيس الوزراء القادم.. هل يمتلك جرأة المواجهة مع "الفساد والسلاح"؟

محمد الربيعي في العراق، وبعد الانتخابات الأخيرة، لم يعد السؤال الأهم هو من سيكون رئيس الوزراء المقبل أو من أي جهة سياسية ينتمي، بل كيف سيواجه الخراب الذي صنعه نظام غارق في الفساد. لقد...
د. محمد الربيعي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram