طالب عبد العزيز
في مراجعة بسيطة لأحوال العراق خلال سنة 2025 التي توشك أن تلتحق بما مضى من أعمارنا؛ لا نجدُ أفقاً مضيئاً، ولا بصيصاً في (نهاية النفق)- يا لهذه الجملة الحقيرة- لأن البلاد تتراجع وتسوء في المفاصل جميعاً، فالسياسة عرجاء، بديمقراطية أمريكية على مليشياوية، والامن (فالتوه) إلا على الفقير، إذْ يمكن لعشيرة بنصف أسلحة أبنائها أن تسقط محافظة بأكملها، والاقتصاد بيد الله، هو اقتصاد عامل البناء(العمّالة) "إذا ما يطلع للشغل ميجيب العلاكة" والصحة ما شاء الله؛ تموت في بيتك ولا تذهب لعيادة الطبيب أو لمستشفى أهلية، لأنك إن ذهبت ستكون قد أجهزت على نصف راتبك، أمّا التعليم فأنت مجبر على ارسال ابنك الى المدرسة الاهلية؛ لأنك تشفق على وجوده بين 70 طالباً بصف في مدرسة حكومية، والله يكفيك شرّ العشاير، التي أخذت دور القضاء والشرطة معاً، فمشاجرة ابنك مع ابن جيرانك من عشائر الطلايب، وما أكثرها في بصرة ما بعد 2003 يجعلك تكفر بالحكومة ومن جاء بها والساعة السودة التي ولدت فيها بهذه البلاد التي لم يخلق الله مثلها في البلاد.
هذا إذا اردت أن تتحدث عن الحكومة وما يترتب على حياتك جراء سوء أفعالها؛ أما إذا أردت أن تحصي خساراتك الشخصية التي تبدأ من صوت بائع الخردوات الذي يحفر أذنك صباح ومساء كل يوم، رائحاً وغادياً يبحث في النفايات عن شيء تبيعه، ولا يكتفي بما يشتريه؛ إنما ينبش حاوية النفايات التي أمام باب بيتك؛ وينثر ما بها، مفتقاً الاكياس؛ بحثاً عن قطعة خبز يابسة أو علبة بيبسي كولا فارغة، عندها ستكون النفايات مهيأة لراعي الماعز والاغنام الذي يطوف الحي طولاً وعرضاً، والذي يجعل النفايات عند باب دارك ..وهكذا سيكون صوت المؤذن، هذا الصوت الذي جاء ذكره في القرآن، الذي لا يفهم ما النغم والتنغيم وما المقامات التي يتوجب معرفتها لكي تجيز له أن يكون مؤذناً، منادياً، محيعلا. هل أزيدك عزيزي القارئ مما تعانيه وأعانيه معاً، أم نكتفي بالقول بأننا آباء وأجداد وأبناء بلا مستقبل معلوم، فالمال سرق، واللصوص محميون بالنفوذ، والقانون معطل إلا علينا.
يزيد ذلك ما نلاقيه من عنت وغضب الطبيعة، فالبصرة بحكم ارتفاع درجات الحرارة في السنوات القادمة لن تكون مكاناً صالحاً للعيش، فالنفط الذي يستخرج بملايين البراميل من أرضها أخرجها من الزراعة، بعد أن أخرجها من لا تكون جهنماً أخرى، والماء المالح الذي ما زال ممسكاً بشطها ولا يقبل المغادرة، فقد توطن فيها وانتهى الامر، والمصانع الكبيرة في خور الزبير توقفت منذ نيسان العام 2003، والبصرة تستورد التمر من ايران والسعودية وربما من الأردن، هل تريد المزيد، خذ المستقبل الذي يتهدد أسرتك، وأولادك الذين خلفتهم ليد القدر، فأنت تبذل ماء وجهك ووجه الذين تعرفهم من أجل فرصة عمل لأبنك فلا تجدها، وأنت تعتصر الماً وتخور خجلاً إذا زرت مريضاً أو تزوج قريب أو صديق لأنَّ الامرَ متعلق بالمال، والمال الذي تتقاضاه من تقاعدك لا يكفي مراجعة واحدةً لطبيب الاسنان أو العيون أو البروستاتا أو لسوفان عظام الرقبة فأين أنت من ذلك كله . تعال نعزي أنفسنا بمن فاز في الانتخابات الأخيرة، وليحتفل هؤلاء بنصرهم علينا ثانية وثالثة ورابعة.









