TOP

جريدة المدى > سياسية > تقرير: العراق أنفق 2028 مليار دولار منذ 2003 .. اين اهدرت؟

تقرير: العراق أنفق 2028 مليار دولار منذ 2003 .. اين اهدرت؟

نشر في: 31 ديسمبر, 2025: 12:32 ص

متابعة / المدى
يسجل العراق إخفاقاً في إدارة الريع النفطي مقارنة بدول نفطية أخرى، مثل السعودية والإمارات والنرويج، حيث إنه بالرغم من التوسع المالي الضخم وغير المسبوق منذ العام 2003، وموازنات عامة يصل مجموعها إلى 2028 مليار دولار، إلا أنه -كما يقول «مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية»- لا يزال يعاني من اختلالات هيكلية عميقة انعكست في ضعف التنويع الاقتصادي والهشاشة المالية، وتراجع القدرة على الاستدامة.
ووصف مركز الدراسات الذي يتخذ من الأردن مقراً له، في تقرير نُشر باللغة الإنجليزية، هذه الحالة العراقية بأنها «مفارقة» تستدعي وضع التجربة العراقية ضمن سياق مقارن مع دول نفطية أخرى نجحت في إدارة الريع النفطي بفعالية أكبر. وذكر المركز في تقريره أن بيانات الموازنات العراقية تظهر تصاعداً كبيراً في الإنفاق، خصوصاً بعد عام 2010، إذ تحولت الدولة إلى رب العمل الأكبر، مع اعتماد شبه كامل على الإيرادات النفطية، موضحاً أن الإنفاق تركز على الرواتب والدعم والنفقات التشغيلية، مقابل ضعف الاستثمار الإنتاجي.
وبعدما أشار التقرير إلى أن هذا النموذج أدى إلى اقتصاد استهلاكي يعتمد على الاستيراد، مع محدودية خلق فرص العمل خارج القطاع العام، قدم التقرير مقارنات مع دول نفطية أخرى مثل النرويج والسعودية والإمارات. وفيما يتعلق بالنرويج، قال التقرير إنها تدير الريع عبر الادخار المؤسسي، موضحاً أن هذا البلد الأوروبي رغم أنه دولة نفطية، فإنه اعتمد نموذجاً يقوم على فصل الإنفاق الحكومي عن تقلبات أسعار النفط، ولجأ إلى تحويل الفوائض إلى صندوق سيادي يستثمر عالمياً، وقيد استخدام العائدات النفطية في الموازنة. وبحسب التقرير، فإن نتيجة ذلك كانت استقراراً مالياً طويل المدى، واقتصاداً متنوعاً نسبياً، وقدرة عالية على امتصاص الصدمات.
وفيما يتعلق بالسعودية، قال التقرير إن المملكة واجهت تحديات مشابهة للعراق من حيث الاعتماد النفطي، لكنها اتجهت منذ منتصف العقد الماضي نحو إعادة هيكلة الدعم، وتقليص الاعتماد على التوظيف الحكومي، بالإضافة إلى الاستثمار في قطاعات غير نفطية. وتابع التقرير أن السعودية، برغم هذه التحديات، فإن مسارها هذا ساعد في تخفيف الضغط على الموازنة وتحسين الانضباط المالي.
وفيما يتعلق بالإمارات، قال التقرير إنها اعتمدت مبكراً سياسة تنويع مصادر الدخل، حيث أصبحت الإيرادات غير النفطية تشكل جزءاً أساسياً من المالية العامة، مضيفاً أن هذا التنويع خفف من أثر تقلبات النفط، وسمح باستدامة الإنفاق دون تضخم مفرط في الجهاز الحكومي. وبحسب هذه المقارنة، قال التقرير إنه يتضح أن العراق استخدم الريع النفطي للإنفاق المباشر لا لبناء أصول منتجة، ولم يؤسس آليات ادخار سيادي فعالة، كما ربط الاستقرار الاجتماعي بالتوظيف الحكومي، وهو ما جعل المالية العامة عرضة لأي تراجع في أسعار النفط أو زيادة في الالتزامات.
وتحدث التقرير عن أن المرحلة الحالية في العراق تشير إلى انتقال نوعي نحو عجز حقيقي يتمثل في صعوبة تغطية الالتزامات الأساسية، مما يعكس وصول النموذج المالي القائم إلى حدوده القصوى. واعتبر التقرير أن التجربة المقارنة تشير إلى أن حجم الموارد ليس العامل الحاسم، بل كيفية إدارتها، موضحاً أن استمرار العراق في استخدام الأدوات نفسها سيؤدي إلى تعميق الأزمة، في حين أن المسار البديل يستدعي إعادة هيكلة الإنفاق العام، وفصل الاستقرار المالي عن أسعار النفط، وتوجيه الاستثمار نحو قطاعات إنتاجية، بالإضافة إلى إعادة تعريف دور الدولة من ممول مباشر إلى منظم ومحفز.
وختم التقرير بالقول إن أزمة العراق المالية ليست استثناءً بين الدول النفطية، لكنها أصبحت أكثر حدة بسبب غياب التحول المؤسسي، مضيفاً أن المقارنة الدولية تظهر أن الإصلاح ليس مستحيلاً، لكنه يتطلب تغييراً جذرياً في فلسفة إدارة الموارد العامة، والانتقال من منطق الإنفاق إلى منطق بناء الاقتصاد.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

البرلمان يدشّن أول خرق دستوري.. وانقسام حاد يهدد الاستحقاقات المقبلة
سياسية

البرلمان يدشّن أول خرق دستوري.. وانقسام حاد يهدد الاستحقاقات المقبلة

بغداد/ تميم الحسن خرق البرلمان الدستور في جلسته الأولى عبر تمديد إجراءات اختيار رئاسة المجلس - بحسب خبراء في القانون -، فيما كشفت مجريات الجلسة عن انقسام داخل ما يُعرف بـ"الكتلة الأكبر» . وعلى...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram