الموصل عراقية
كانت مشكلة الموصل من أخطر المشاكل التي واجهت العراق في بداية تأسيسه، بعد أن بدأت تركيا تطالب بولاية الموصل التي تشمل الموصل والجزء الأكبر من شمال العراق (كردستان) الحالية وكركوك ، منذ أن نجح الزعيم التركي مصطفى كمال أتاتورك في السيطرة على مقاليد الأمور في بلاده وبدأ يتطلع لبناء دولة كبرى في تركيا،إدراكا منه لأهمية نفط ولاية الموصل في إقامة هذه الدولة.
فقد وضع المجلس التأسيسي شرطاً مهماً في مصادقته على معاهدة عام 1933 مع بريطانيا،يقضي بأن تعتبر هذه المعاهدة لاغية في حال فشل بريطانيا بمساعدة العراق على الاحتفاظ بولاية الموصل.
وكانت مشكلة الموصل قد نشأت عقب الحرب العالمية الأولى واندحار الدولة العثمانية أمام الحلفاء الذين بدأوا بتقسيم ممتلكاتها ،حيث استولت بريطانيا على العراق بولاياته الثلاث ،البصرة وبغداد،ومن ثم الموصل التي احتلوها بعد توقيع هدنة (مودروس) ،الأمر الذي أثار اعتراض الأتراك وعدّوا ذلك عملاً غير مشروع،فجرت مفاوضات ومداولات بين الجانبين البريطاني والتركي لم تسفر عن شيء،فاتفقا على إحالة الموضوع بالكامل لمجلس عصبة الأمم لدراسة المشكلة وإعطاء الرأي الأخير في عائدية الموصل.
وقد قرر مجلس عصبة الأمم في 30 أيلول 1924 تشكيل لجنة خاصة وإرسالها إلى المنطقة لجمع المعلومات ودراسة الوثائق وتقصي الحقائق، ومن ثم رفع تقرير شامل عن نتائج التحقيق وتقديمه إلى المجلس.
اجتمع أعضاء لجنة التحقيق في جنيف وانتخبوا السويدي فيرسن رئيساً لها وقاموا بجمع ودراسة الخرائط والمصادر التاريخية عن الولاية وتكويناتها الإثنية والدينية ثم قاموا بزيارة كل من لندن وأنقرة لغرض التعرف على وجهات نظر البلدين ،وجاء في تقرير اللجنة أن عواطف أكثرية السكان تميل إلى جانب العراق،وأوصت اللجنة بتحقيق رغبات الكرد بتعيينهم في المحاكم والمدارس وبأن تكون اللغة الكردية اللغة الرسمية فيها،ومهما يكن فإن مجلس العصبة اجتمع ووافق على إلحاق ولاية الموصل بالدولة العراقية في مثل هذا اليوم من عام 1925 وثبت خط بروكسل بصورة رسمية على القرار الآتي بالإجماع:
1- اتخاذ خط بروكسل كخط حدود بين تركيا والعراق.
2- دعوة الحكومة البريطانية إلى تقديم معاهدة جديدة مع العراق تضمن استمرار الانتداب لمدة 25 سنة كما هو محدد بمعاهدة التحالف المعقودة بين العراق وبريطانيا.
3- دعوة الحكومة البريطانية إلى أن تقدم إلى المجلس التدابير الإدارية لتأمين الضمانات للكرد.
4- دعوة الحكومة البريطانية لأن تطبق توصيات اللجنة الخاصة.
وقد قابل الشعب العراقي القرار بارتياح مع تحفظ على الفقرة الثانية،ووافقت تركيا على الاعتراف بضم ولاية الموصل إلى العراق مقابل تعديل بسيط على خط الحدود وكذلك حصولها على حصة من نفط الموصل.ثم وقعت معاهدة عراقية-بريطانية-تركية في 5 حزيران 1925 لتكريس شروط الاتفاقية والالتزام بها.